وزير الاقتصاد الفرنسي: اليورو يتعرض لتهديد غير مسبوق

اعتبر وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير الثلاثاء في تصريح صحافي أن اليورو «لم يكن يوماً مهدداً كما هو عليه اليوم»، بسبب الأزمة الاقتصادية القائمة نتيجة الحروب التجارية، ورغبة بعض القادة الأوروبيين بوقف التعامل بالعملة الموحدة.
وقال الوزير الفرنسي خلال لقاء عقده مع الصحافة الدبلوماسية في باريس: «هناك من يعتقدون مثلي أن اليورو بات مهدداً، وهو بالفعل لم يكن يوماً مهدداً كما هو عليه اليوم»، مشيراً أيضاً إلى «خطر تضخم قيمة الأصول وعودة الأزمة المالية».
واعتبر الوزير الفرنسي أن «عملتنا الموحدة مهددة خصوصاً لأسباب سياسية، لأن الكثير من القادة الأوروبيين لا يخفون رغبتهم بالتخلص من اليورو». وأضاف: «ومع أنهم لا يضمنون ذلك في برامجهم الانتخابية، فقد استمعت بانتباه إلى (نائب رئيس الوزراء الإيطالي وزعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف) ماتيو سالفيني في روما عندما قال: (اليورو سيموت بالفعل). لا يمكن تسمية ذلك بالدعم القوي لعملتنا الموحدة».
وتابع لومير قائلا: «سالفيني، وبدعم من مارين لوبن ومن أطراف محافظة راديكالية أخرى في أوروبا، اتخذوا خياراً واضحاً، هو إلغاء اليورو وعودة العملات الوطنية».
ويأتي حديث لومير قبل أيام من انتخابات أوروبية قد تشهد اختراقاً لليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي، وفق الاستطلاعات. وقال لومير إن العملة الموحدة تواجه صعوبات «بسبب احتمال وقوع أزمة اقتصادية نتيجة الحروب التجارية بين الصين والولايات المتحدة».
ودخل النزاع التجاري الأميركي - الصيني في مرحلة جديدة الأسبوع الماضي، مع منع الأميركيين من الاستفادة من تقنيات شركة هواوي الصينية ثاني أكبر مصنع للهواتف الذكية في العالم. وأضاف الوزير الفرنسي: «نحن أمام لحظة الحقيقة. اللعبة الاستراتيجية واضحة (...) الولايات المتحدة لا تريد نجاح الصين في تعزيز سيطرتها على العالم في القرن الحادي والعشرين، وهي تعمل على منع ذلك مستخدمة كل قواها».
وتابع أن «الصين تريد استبدال النظام التعددي العالمي الذي أقيم بعد عام 1945، بنظام تعددي آخر محوره طرق الحرير، وتعتبر أن تصاعد قوتها الاقتصادية والتكنولوجية والمالية يجب أن يترجم سياسياً في نظام عالمي سياسي جديد». ويهدف مشروع طرق الحرير الجديدة الذي يضم استثمارات بمئات مليارات اليورو إلى إعادة بناء البنى التحتية في آسيا وأوروبا وأفريقيا، لكن منتقديه يرون أن خلفه أهدافاً توسعية.
وتريد باريس من جهتها تعزيز منطقة اليورو وتعتمد على «قرارات ملموسة» ستتخذ «بسرعة» بعد الانتخابات الأوروبية. ولذلك ستقدم مع برلين «ورقة مفصلة حول تشغيل ميزانية منطقة اليورو» في أواخر يونيو (حزيران) إلى بروكسل، وفق لومير. وتريد باريس تعزيز دور اليورو الذي أنشئ قبل 20 عاماً، «كعملة احتياطات دولية مثل الدولار والعملة الصينية في السنوات المقبلة»، بحسب الوزير الفرنسي. وأضاف أنه يجب لذلك «تقوية اليورو، مع ميزانية مشتركة»، وخلق «اتحاد مصرفي» أوروبي وضمّ «المزيد من الدول إلى اليورو»، علما بأن 19 دولة من دول الاتحاد الأوروبي الـ28 تعتمد العملة الموحدة.
ويشكل أعضاء الاتحاد الأوروبي مجتمعين سوقاً موحدة تتحرك فيها البضائع والأفراد ورؤوس الأموال والخدمات بحرية من دون عوائق على الحدود الداخلية. وتجعل هذه السوق الموحدة التي تأسست في 1993، من الاتحاد «أكبر منطقة تجارية في العالم» للسلع والخدمات المصنعة، كما تقول المفوضية الأوروبية.
ولا يزال إجمالي الناتج المحلي للاتحاد الذي بلغ 17.200 مليار دولار (15.200 مليار يورو) في 2017، أقل من إجمالي ناتج الولايات المتحدة (19.300 مليار دولار)، لكنه يفوق الناتج المحلي للصين (12.200 مليار دولار)، كما يقول البنك الدولي.