موجة اعتقالات إسرائيلية واسعة في صفوف «فتح» بالضفة

أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على حملة اعتقالات واسعة في القدس الشرقية منطقة رام الله، في الشهور الأخيرة، استهدفت بشكل خاص قادة حركة «فتح»، التي يقودها الرئيس محمود عباس. ومع أن السلطات الإسرائيلية تتعامل مع الأمر كما لو أنه «اعتقالات عادية لأغراض أمنية»، إلا أن قادة الحركة يعتبرونها حملة خاصة لملاحقة كوادرها وقادتها الميدانيين.
ويرى قادة «فتح» أن الهدف الحقيقي لهذه الحملة هو هدف سياسي استراتيجي. ووفقا لمصدر كبير في مكاتب الحركة في رام الله، فإن «إسرائيل أصبحت تعمل على المكشوف. فهي من جهة تقوم بتقوية (حماس) في قطاع غزة ومن جهة ثانية تضرب (فتح) في الضفة الغربية». ونسب هذا المسؤول الحملة الإسرائيلية إلى «صفقة القرن»، التي - حسب اعتقاده - ترمي إلى ضرب كل طرف فلسطيني يقاومها. وأضاف: «لقد وضع بنيامين نتنياهو خطة استراتيجية لتصفية القضية الفلسطينية». وقال صراحة إن الانقسام الفلسطيني هو من مصلحة حكومته. ودافع عن موقفه في تقوية «حماس» وقال إن هذا يخدم المصلحة الإسرائيلية. والآن ينتقلون إلى المرحلة التالية وهي ضرب «فتح»، كونها بقيادة الرئيس أبو مازن، تقف على رأس مقاومي صفقة القرن.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد نفذت عمليات اعتقال طالت أكثر من 400 ناشط في حركة «فتح»، فقط في منطقتي القدس ورام الله، منذ مطلع السنة، بينهم 60 شخصية من القيادات الميدانية في القدس. وفي يوم أمس الأحد، على سبيل المثال، اعتقلت مدير نادي الأسير في القدس وأمين سر حركة «فتح» في البلدة القديمة، ناصر قوس، والناشطين المقدسيين نياز وساجد السلايمة والفتى محمد يزن فروخ، عندما كانوا في حي المُصرارة التجاري قبالة سور القدس التاريخي من جهة باب العامود، وهم يحضرون المساعدات التموينية لتوزيعها في البلدة القديمة دعما للأسر المحتاجة في شهر رمضان.
كما اعتقلت الفتى يزن محمد فروخ (16 عاما)، من حي عين اللوزة في بلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى. وخلال الاعتقال تم اقتحام منزل العائلة، والعبث بمحتوياته والاستيلاء على جميع هواتف العائلة، دون إبداء أسباب.
وتقوم سلطات الاحتلال بتقديم هؤلاء القادة الميدانيين إلى المحاكمة أو تفرض عليهم أحكام الاعتقالات الإدارية لستة شهور قابلة للتمديد من دون محاكمة. وقد أصدرت محكمة الصلح الإسرائيلية في القدس الشرقية المحتلة، أمس الاثنين، أحكاما بالسجن الفعلي ضد أربعة مقدسيين، بتهمة المشاركة في «زفة عرس الشاب رامي الفاخوري» نهاية العام الماضي والانطلاق منها إلى باحة المسجد الأقصى وشتم المستوطنين. وقال أمجد أبو عصب، رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين، إن محكمة الاحتلال وفي سابقة قضائية تعد الأولى من نوعها، أصدرت أحكاما متفاوتة بسجن العريس وثلاثة من أصدقائه الحضور، بسبب «المشاركة في حفل وزفة عرس». وأوضح أبو عصب أن المحكمة حكمت على الأسير رامي الفاخوري لمدة شهرين ونصف الشهر، علما بأنه قيد الاعتقال منذ نهاية العام الماضي «بعد عرسه بعدة أيام» وحول للاعتقال الإداري لمدة 6 أشهر. وحكم القاضي على الأسير المحرر ماجد الجعبة بالسجن الفعلي لمدة 35 يوما، وعليه تسليم نفسه في شهر أغسطس (آب)، علما بأن سلطات الاحتلال أبعدته عن مدينة القدس منذ نحو 14 شهراً. واتهم الشبان بالمشاركة في حفل زفاف وترديد أغان لمقاومة الاحتلال، ورفع صور للشهيد مصباح أبو صبيح «والد عروس الفاخوري».
وفي يوم أمس أيضا، وجهت النيابة الإسرائيلية لائحة اتهام إلى مسؤولين بارزين في وزارة الأسرى الفلسطينية، هما: عضو المجلس الثوري لحركة «فتح»، زكريا الزبيدي، ومحامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين، طارق برغوث. والتهمة هي: ارتكاب مخالفات أمنية وتنفيذ عملية إطلاق نار صوب حافلة للمستوطنين بالقرب من رام الله. وحسب لائحة الاتهام، فإن الزبيدي وبرغوث اتهما بسلسلة من المخالفات الأمنية والضلوع في أعمال وصفتها بـ«الإرهابية»، والتخطيط لعملية إطلاق نار صوب حافلة كانت بطريقها لمستوطنة «بساغوت»، في ديسمبر (كانون الأول) 2018 وقالت إنهما، عندما اعتقلا في فبراير (شباط) الماضي، كانا يستعدان لتنفيذ هجوم آخر لكن تم إحباط من قبل قوات الأمن. وبحسب الإذاعة الإسرائيلية الرسمية «كان»، ستتم محاكمة الزبيدي أيضا على ضلوعه في عمليات مسلحة نفذت خلال الانتفاضة الثانية في الضفة.
يذكر أن الزبيدي، القيادي السابق في كتائب شهداء الأقصى، كان أحد المطلوبين لقوات الاحتلال، إلا أنه حصل على عفو من قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 2007 بعد أن أعلن تخليه عن حمل السلاح. وألغت سلطات الاحتلال في ديسمبر 2011 قرار العفو عنه من دون إعطاء تفسير.