جدل قانوني حول تصوير متهمين بـ«التآمر على الجيش» الجزائري

يثير تصوير شخصيات جزائرية عامة، يشتبه بتورطهم في قضايا فساد و«التآمر على الجيش»، جدلا قانونيا وسياسيا كبيرا في البلاد، بعد أن بث التلفزيون الحكومي صورا لهم بأوامر من الجيش، دون علمهم. لكن استثني من التصوير وزير دفاع سابق لأنه تحالف مع القيادة العسكرية الحالية لاعتقال وسجن ما أضحى يسمى «رؤوس النظام البوتفليقي».
فقد دخل وزير الدفاع سابقا اللواء خالد نزار، المحكمة العسكرية بالبليدة (جنوب العاصمة)، أول من أمس كشاهد، وخرج منها من دون أن يتعرض لأي تهمة تقوده إلى السجن، بعكس لويزة حنون، زعيمة «حزب العمال» اليساري، التي غادرتها نحو السجن الخميس الماضي، بعدما دخلتها في نفس اليوم كشاهدة. والفرق بينهما أيضا أن كاميرات وزارة الدفاع، صورت حنون وهي تمشي لتدخل المحكمة، حيث مكتب قاضي التحقيق العسكري، على خلاف نزار. وبعد ذلك تم بث الصور على نطاق واسع في نحو 10 فضائيات خاصة، وكنتيجة لذلك احتج قياديون في «حزب العمال» على التقاط صور لأمينته العامة دون إذن منها، وعابوا على الجهات العسكرية، التي تتابعها قضائيا، بـ«تجاوزات أخلاقية وسياسية بحقها»،
ولاحظ مسؤول من حزب العمال «اعتماد مقاييس مزدوجة» في تعامل القضاء العسكري مع حنون وخالد نزار، الذي حضر إلى المحكمة كشاهد إثبات في قضية اتهام السعيد بوتفليقة، ومديري المخابرات سابقا، الجنرالين بشير طرطاق ومحمد مدين، بـ«التآمر على الدولة وسلطة الجيش». وتواجه حنون نفس التهمة، وترتبط بنفس القضية، حيث تقول المؤسسة العسكرية إن الأربعة عقدوا لقاءات نهاية مارس (آذار) الماضي، بغرض تنحية قائدها الفريق أحمد قايد صالح.
وجرى تصوير السعيد وطرطاق ومدين بنفس الطريقة، وهم يلتحقون في وقت واحد بالمحكمة العسكرية في الخامس من مايو (أيار) الجاري. وكانوا لحظة دخولهم إليها محل شبهة، لكن غادروها إلى السجن وهم يحملون تهمة «التآمر» الثقيلة.
ويقول محامون إن القانون لا يسمح بتصوير المتهمين دون علمهم، فيما يقول مراقبون إن وزارة الدفاع تصرفت بهذه الطريقة في محاولة لإزالة شكوك عبر عنها ملايين المتظاهرين ضد النظام، ومفادها أن الملاحقات والمتابعات بحق رموز نظام بوتفليقة «محض خيال». وبذلك، سعت الجهات العسكرية إلى إثبات أن محاسبة هؤلاء «قضية جادة».
واستعمل نفس الأسلوب في القضاء المدني، عندما أودعت محكمة الجزائر العاصمة رجل الأعمال الكبير يسعد ربراب السجن في 21 من أبريل الماضي، إذ تم تصويره من طرف فضائيات خاصة، وهو يدخل المحكمة بغرض استجوابه. وقد أفسحت السلطات المجال للمصورين عمدا لأخذ هذه الصور، في سياق حالة هيستريا عامة في البلاد، تصر على «إنزال أشد العقوبات بالعصابة»، مع أن ربراب كان معارضا لنظام بوتفليقة، وهو متابع بتهمة «تضخيم فواتير» يخص عتادا صناعيا استورده من الخارج، ولذلك احتج محاموه على سجنه «من أجل نزاع تجاري بين إحدى شركاته والجمارك الجزائرية».