ولي العهد السعودي يستهل زيارته الرسمية إلى باريس بلقاء هولاند اليوم

أعلن قصر الإليزيه أمس أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سيستقبل الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الساعة السابعة بالتوقيت المحلي من مساء اليوم، في اليوم الأول من الزيارة الرسمية التي يقوم بها إلى فرنسا، وهي الأولى له بصفته وليا للعهد.
وقالت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس هولاند وجه دعوة رسمية لولي العهد السعودي خلال زيارته الثانية التي قام بها للمملكة العربية السعودية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وتعول باريس، وفق المصادر الرسمية، كثيرا على المشاورات التي ستجرى خلال الأيام الأربعة التي ستستغرقها الزيارة «خصوصا فيما يتعلق بالوضع الإقليمي، وبسبب حراجة الوضع في المنطقة، وتحديدا في العراق وسوريا، والحاجة إلى التعاون وتبادل الرأي بين فرنسا والسعودية».
ووصفت المصادر الفرنسية الأمير سلمان بأنه «صديق قديم لفرنسا»، وأنه يعرف فرنسا منذ زمن بعيد، إذ إن زيارته الرسمية الأولى إلى باريس تعود إلى عام 1951، حيث رافق الملك فيصل الذي كان يشغل وقتها منصب وزير الخارجية.
وتعد باريس الزيارة «مناسبة للتأكيد على نوعية العلاقات الاستثنائية» بين البلدين اللذين تربطهما «شراكة استراتيجية» أقرت في عام 1996، وتشمل جميع المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والعلمية والتربوية.
وأشارت المصادر الدبلوماسية الفرنسية إلى أن «توافق مواقف البلدين من الملفات الإقليمية الساخنة، وأهمها سوريا والعراق ولبنان وأمن الخليج والعلاقة مع إيران، زاد من تقارب البلدين ودفعهما للعمل أكثر فأكثر لتوثيق العلاقات الثنائية وترجمتها في كل المجالات». فضلا عن ذلك، تعد باريس الزيارة «مناسبة لتكريم الأمير سلمان بالنظر لما يمثله وللدور الذي يلعبه في بلاده»، فضلا عن «الاعتراف بالدور المحوري الذي تضطلع به السعودية ورفضها للتطرف ووقوفها في وجه الإرهاب».
ويقيم الرئيس هولاند مساء اليوم حفل عشاء رسميا في قصر الإليزيه مباشرة بعد جلسة المحادثات مع الأمير سلمان. وأفادت المصادر الرئاسية بأن الدعوة وجهت، إلى جانب الرسميين من الطرفين، إلى عدد واسع من رجال الأعمال وشخصيات سياسية وثقافية واسعة.
بيد أن باريس تريد، كما تقول مصادرها، «الاستماع إلى القراءة السعودية» لتطورات المنطقة ولرغبة فرنسا في الدعوة إلى اجتماع دولي حول أمن العراق ومحاربة الإرهاب، وغرضه تنسيق المواقف الدولية لجعلها أكثر فاعلية لمواجهة «داعش» على الصعد السياسية والاقتصادية والعسكرية. ويلاقي الموقف الفرنسي القراءة السعودية في الخطر الذي يمثله تنظيم داعش والحاجة إلى الوقف بوجهه.
كذلك تتطابق مواقف الطرفين بالنسبة للملف السوري، من جهة، حيث عد هولاند أن الرئيس السوري بشار الأسد «لا يمكن أن يكون جزءا من جبهة المواجهة» مع «داعش»، بالإضافة إلى التوافق بشأن تطور الأزمة اللبنانية والحاجة لملء الفراغ في المؤسسات، وأولها رئاسة الجمهورية، ودعم الجيش اللبناني والمحافظة على الحدود اللبنانية.
ومن الناحية العملية، قالت المصادر الفرنسية إن زيارة الأمير سلمان ستكون مناسبة لإحداث اختراق نهائي وحسم ملف تسليح الجيش اللبناني من هبة الثلاثة مليارات دولار التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للبنان على أن يشتري بها أسلحة فرنسية. وقالت مصادر من الرئاسة الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن الطرفين السعودي والفرنسي اتفقا على الوثيقة النهائية التي ستسهل الانتقال إلى مرحلة التطبيق. وبحسب هذه المصادر، فإن وضعا كهذا «أي البحث عن اتفاق ثلاثي بين جهة مانحة (وهي السعودية) وجهة متلقية (أي لبنان) وجهة ثالثة مزودة (فرنسا) لم يكن معروفا سابقا، وبالتالي فإن الاتفاق على التفاصيل يحتاج إلى وقت».
فضلا عن ذلك، ستكون زيارة الأمير سلمان والوفد المرافق فرصة «لإعطاء دفعة جديدة للعلاقات الثنائية» ولما تم التوصل إليه خلال زيارة هولاند الأخيرة للسعودية، ومنها المشاريع الاستثمارية السعودية في فرنسا والتعاون النووي السلمي الذي انعقد بشأنه اجتماع أول للجنة المشتركة في الرياض في الربيع الماضي، على أن يعقد الاجتماع الثاني في باريس قبل نهاية العام الجاري. ويبدي الطرفان، بحسب مصادر اقتصادية رسمية فرنسية، اهتماما بالتعاون في مجال الطاقة الشمسية والنقل (السكك الحديدية) والصحة.
وبالنظر لكون الأمير سلمان وزيرا للدفاع، فإن باريس راغبة في تناول ملفات التعاون الدفاعي. ومن المشاريع المطروحة التعاون في ميدان الدفاعين البحري والجوي والأقمار الاصطناعية.
ومن المرتقب أن يستقبل الأمير سلمان عددا من المسؤولين الفرنسيين، من بينهم وزيرا الخارجية والدفاع الفرنسيين خلال زيارته الرسمية إلى باريس.