الأزهر يشارك الأقباط عيدهم... وينتقد «توظيف الأديان في الصراعات»

واصلت عناصر الداخلية المصرية، أمس، الإجراءات الأمنية حول الكنائس في ربوع البلاد، قبل ساعات من احتفال الأقباط بعيد الفصح المقرر اليوم (الأحد). فيما شارك الأزهر في «احتفالات المسيحيين تأكيداً للتعايش والإخاء»، منتقداً مخطط توظيف الأديان في الصراعات والحروب.
ودعا الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، في برقية تهنئة للبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، أمس، لأن «تزداد أواصر المحبة والسلام بين أبناء الوطن جميعاً؛ كي تنعم مصر بالأمن والأمان والاستقرار».
ويترأس البابا تواضروس الثاني صلوات قداس العيد بمقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية (شرق القاهرة)، وذلك بحضور مندوب عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعدد من الوزراء، وسفراء الدول العربية والأجنبية، والسياسيين ورؤساء الأحزاب والنقابات، وشخصيات عامة. كما يستقبل البابا تواضروس اليوم (الأحد)، كبار رجال الدولة والمواطنين، الذين سيتوافدون للتهنئة بالعيد. وكان الأقباط الأرثوذكس قد أقاموا أول من أمس، صلوات «الجمعة العظيمة أو الحزينة».
وحظيت احتفالات مسيحيي مصر أمس، بمشاركة أزهرية رفيعة المستوى، تمثلت في زيارة المقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ترأسها شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في رسالة تشكّل رداً قوياً على التنظيمات المتشددة التي ترفض تهنئة الأقباط في مناسباتهم الدينية.
وقال مصدر في مشيخة الأزهر لـ«الشرق الأوسط» إن «مشاعر التراحم والود والزيارات المتبادلة بين المسلمين والمسيحيين، نابعة من تعاليم الدين الإسلامي، الذي يفرض على المسلم أن يتواصل مع أخيه في الوطن»، مضيفاً أن «الأزهر يُعلم أبناءه أن الأديان السماوية تنبع من مصدر إلهي واحد، وأن جميع الأنبياء إخوة، وأن هذه المفاهيم هي التي حمت المجتمعات في المشرق العربي من الصراعات الدينية بين مكوناتها المختلفة».
واستقبل البابا تواضروس الثاني، الدكتور الطيب، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والدكتور شوقي علام مفتي مصر، والشيخ صالح عباس وكيل الأزهر، والدكتور محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر، داخل المقر البابوي، أمس، لتقديم التهاني بالعيد.
وهنّأ شيخ الأزهر الأقباط، مؤكداً أن «القيم المصرية في التعايش والإخاء بين أبناء الوطن الواحد تعبّر عن المعاني الحقيقية للأديان التي جاءت بالسلام بين أتباعها»، مضيفاً أن «الإنسانية تواجه مخططاً لتوظيف الأديان في إشعال الحروب والصراعات، وهو ما بدا واضحاً في الحوادث الإرهابية، التي ارتُكبت بحق المسلمين والمسيحيين في نيوزيلندا وسريلانكا»، مشدداً على أن «الإسلام والمسيحية بقيمهما الداعية للسلام والمحبة، لا يُمكن أن يكونا أبداً مبرراً للقتل والإرهاب».
وشدد الطيب على أن «هذا الواقع المؤلم الذي تعانيه البشرية يحتم على قادة الأديان التصدي للتوظيف الخاطئ للأديان»، مؤكداً أنه «لا سبيل لمواجهة هذا المخطط الإجرامي إلا من خلال الفهم العميق للأديان».
بينما قال المصدر نفسه في الأزهر إن «تهنئة أشقاء الوطن بأعيادهم قسط ووطنية، ومثل هذه الزيارة أبلغ رد عملي على الجاهلين والمتشددين».
من جهته، قال البابا تواضروس الثاني إن «تهنئة شيخ الأزهر ووجوده بيننا يزيد من فرحة الأعياد، ويعكس روح المحبة والوئام التي تسري بين أبناء هذا الوطن»، مضيفاً أن «المصريين حينما يجتمعون معاً في الأعياد الدينية والوطنية، فإنهم يقدمون للعالم معاني السلام والتعايش، وهي المعاني التي حافظت على وحدة مصر وتماسكها».
إلى ذلك، سادت البلاد أمس، حالة استنفار أمني كبير خشية وقوع تفجيرات إرهابية، كما حدث عام 2017 الذي شهد اعتداءين داميين، استهدفا كنيسة «مار جرجس» في طنطا، والكنيسة المرقسية في الإسكندرية، وأسفرا عن مقتل وإصابة نحو 160 شخصاً، في تفجيرات تبناها تنظيم «داعش» الإرهابي. وتفرض وزارة الداخلية حرماً آمناً بمحيط كل كنيسة. وقالت مصادر أمنية إن «وزارة الداخلية ترفع حالة الاستنفار الأمني بمحيط المنشآت المهمة والحيوية، وكثّفت الخدمات الأمنية، ونشرت الأكمنة والارتكازات الأمنية في جميع الميادين والمحاور داخل محافظات مصر، والطرق الحدودية الواصلة بين المحافظات، مع مواصلة الحملات الأمنية، واستهداف البؤر الإجرامية».
ولا يزال «المتشددون» في الجماعات الإرهابية يفتون بعدم جواز تهنئة الأقباط بـ«عيد القيامة». وسبق أن كشفت دراسة صادرة عن دار الإفتاء المصرية أن «90% من فتاوى المتطرفين تُبين الفقه الصدامي لهم مع الأقباط». لكن الدكتور شوقي علام أكد أن «تهنئة الإخوة المسيحيين في أعيادهم من باب البر الذي تأمرنا به الشريعة الإسلامية»، مشدداً «على حاجتنا الشديدة إلى نشر المزيد من المودة والرحمة والتآلف بين أبناء الوطن الواحد من المسلمين والمسيحيين، لمواجهة محاولات ومؤامرات نشر الفتن».