رئيس صربيا يحشد مؤيديه في بلغراد

منذ توليه مقاليد الرئاسة في مايو (أيار) 2017، يسيطر الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش على مفاصل الدولة التي هي من اختصاص حكومته من خلال الحزب التقدمي الذي يهيمن على البرلمان منذ عام 2012، ولدى المعارضة فرصة محدودة في وسائل الإعلام للرد على المستوى الوطني، بينما يظهر فوسيتش في وسائل الإعلام بصفة يومية، من مؤتمر صحافي لآخر، على الهواء مباشرة. وأمس نظم فوسيتش مسيرة في بلغراد لتعبئة حشد أكبر «أربع إلى ست مرات» من أي حشد تم تعبئته في الاحتجاجات التي تخرج بشكل منتظم ضده خلال الأشهر الأربعة الماضية.
ويطالب «التحالف من أجل صربيا» وهو تكتل للمعارضة، الذي يقود الاحتجاجات التي تخرج بشكل منتظم، باستقالة فوسيتش وبوسائل إعلام حرة وبإطار عمل لانتخابات برلمانية نزيهة. ويرفض فوسيتش جميع مطالبهم وبدأ جولته التي تستمر شهرين في البلاد
لمواجهة الاحتجاجات التي يتم تنظيمها نهاية كل أسبوع منذ الثامن من ديسمبر (كانون الأول). وقال فوسيتش، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، إنه يتوقع أنصارا من جميع أنحاء صربيا. وتضم المجموعة المعارضة الأبرز، التحالف من أجل صربيا، نحو 30 حزبا وحركة صغيرة من جميع انتماءات الطيف السياسي.
ويتهم فوسيتش المعارضة بالتخطيط لإثارة العنف في احتجاجاتهم، في محاولة للإطاحة بالسلطات المنتخبة. ويشارك عادة حشد كبير من الأشخاص في الاحتجاجات، التي تُنظم كل يوم سبت في العاصمة منذ أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وتعكس التحركات استياء واسع النطاق من فوسيتش، الذي يستخدم سلطة تتجاوز بشكل كبير منصبه الشرفي، الذي يتولاه منذ عام 2017، ويهيمن حزبه التقدمي، الذي يتم إحكام السيطرة عليه بشدة، على البرلمان منذ سبع سنوات. لكن الاحتجاجات، التي أثارها اعتداء على سياسي معارض في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، كانت تفتقر إلى التماسك والأهداف السياسية القابلة للتحقيق.
ومنذ أن غادر الحزب الراديكالي الصربي في عام 2008 للمشاركة في تأسيس الحزب التقدمي، عدل فوسيتش موقفه الصارم إزاء الغرب ليصبح مواليا للاتحاد الأوروبي، ولم يخفت أبدا حبه الذي يعرب عنه صراحة لروسيا. ويزعم فوسيتش الآن أنه بطل للإصلاحات الموالية للاتحاد الأوروبي وأنه يعمل، بلا كلل أو ملل، من أجل السلام في المنطقة وأنه مناضل عنيد ضد الفساد ومن أجل الديمقراطية. ولكن خطابات الكراهية غالبا ما تنساب من فمه ليصف زعماء المعارضة بأنهم «فاشيون» و«بلطجية» و«مجرمون». كما تصل جهود مكافحة الفساد إلى نفس النقطة حيث تنحصر الاتهامات على المعارضين السياسيين.
بدأ الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش حياته السياسية قوميا يمينيا متطرفا، ولكنه طوى هذه الصورة منذ ذلك الحين ويعمل الآن على أن يظهر كمحافظ معتدل. ويود فوسيتش الذي تتجاوز سلطته صلاحيات منصبه، أن يبعث برسالة مفادها أن صربيا ستهلك من دونه.
ولكن خصومه يحاولون باستماتة الدفع بوجهة نظر مناقضة، مفادها أن فوسيتش الموجود اليوم هو نفس الشخص الذي تحالف مع رجل الدولة سلوبودن ميلوسفيتش في تسعينات القرن الماضي للحفاظ على نظامه.
وخاض فوسيتش معترك السياسة منذ بلغ سن الرشد. وانضم إلى الحزب الراديكالي الصربي، المتطرف في عام 1993، وأصبح بعد عامين رقم ثلاثة في الحزب.
وقال فوسيتش أمام البرلمان الصربي عندما كان حلف شمال الأطلسي (الناتو) يقصف مواقع صرب البوسنة في أعقاب مجزرة سربرينيتشا التي وقعت في يوليو (تموز) 1995: «سنقتل 100 مسلم مقابل كل صربي تقتلونه». وعندما كان وزيرا للإعلام في عهد ميلوسفيتش في الفترة بين 1998 و2000، أغلق فوسيتش بشكل ممنهج وسائل الإعلام المنتقدة للحكومة عبر محاكمات سريعة وفرض غرامات.