عندما يقرر العرب

دون مواربة ولا تجميل للحقائق، فثقتنا بانتظام البطولات العربية والتزام العرب بها كانت شبه معدومة، فهي البطولات التي كانت تزخر بالحساسيات والانسحابات والدلال والمشاركات الخجولة بالصفين الثاني وحتى الثالث، وكانت انعكاساً حقيقياً للوضع العربي الذي انتقل للرياضة، فالبطولة بدأت في ثمانينات القرن العشرين، ثم توقفت وعادت مرة أخرى في التسعينات، وتباين اسمها بين «البطولة العربية - أبطال الكؤوس» و«بطولة النخبة العربية»، قبل أن تتوقف مرة أخرى ثم تعود عام 2003، ثم تتوقف وتعود من جديد أخيراً.
ولكن الأمور اختلفت حالياً، وهي شهادة حقّ بأن العرب عندما يقررون التميز والتوحد والتكاتف فهم قادرون على ذلك، إن أرادوا، ولكن هذا لن يحدث ما لم توجد عزيمة وإصرار وراء ذلك ورجال مصممون على تحقيق أهدافهم، وهو ما فعله المستشار تركي آل الشيخ رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم الذي جمع رؤساء الاتحادات العربية، واتفق معهم على تنظيم بطولة يشارك فيها خيرة أندية العرب، وأهم أسمائها بنجوم الصف الأول، ودون غيابات ولا انسحابات، وأعتقد أنني عبر 37 سنة من مشاركتي في الإعلام الرياضي العربي لم أشاهد بطولة يشارك فيها كل العرب، حتى من لم نتعود حضورهم، مثل جيبوتي والصومال وموريتانيا وجزر القمر، ولأول مرة أرى أربعة أندية مصرية، هي الأهلي والزمالك والإسماعيلي والاتحاد السكندري، وأربعة سعودية هي الهلال والنصر والأهلي والاتحاد، وثلاثة من الجزائر هي وفاق سطيف ومولودية الجزائر واتحاد الجزائر، وثلاثة من تونس هي النجم الساحلي الذي تُوج باللقب على حساب الهلال السعودي، بعد مباراة مثيرة، والترجي بطل البطولة السابقة، والصفاقسي، وناديين من المغرب هما الزعيمان الرجاء والوداد، ومن السودان أيضاً قطبا الكرة الهلال والمريخ، ومن الإمارات شارك كبارها العين والوصل والجزيرة، ومن البحرين الرفاع والمحرق، ومن العراق القوة الجوية والنفط، ومن الكويت قطباها القادسية والكويت، ومن لبنان السلام زغرتا والنجمة، والجيش من سوريا، والشباب من عمان، والرمثا من الأردن، وأهلي طرابلس من ليبيا، وأريد أن أسأل أي خبير (كروي عربي): هل سبق أن شاهدت كل هؤلاء في بطولة واحدة؟ ولا أريد الحديث عن الجوائز المالية غير المسبوقة ولا النقل التلفزيوني الرائع الذي قامت به قنوات «أبوظبي الرياضية» بقيادة أخي وصديقي يعقوب السعدي وفريق عمله المبدع، ولا عن الجماهير التي حضرت في كل أنحاء العالم العربي، بل أريد الحديث عن فكرة واحدة، وهي أن الاتحاد العربي لكرة القدم أعاد لنا الأمل بأننا قادرون لو أردنا، وهذه وحدها تكفينا.
مبارك لنا بطولة بدأت باسم «كأس زايد»، وستستمر باسم «الملك محمد السادس»، وإن شاء الله ستذهب إلى كل دولة من وطننا الغالي والكبير.