مقتل 14 عسكرياً باكستانياً يتزامن مع تفاقم مشكلات حكومة عمران خان

لقي 14 عسكرياً معظمهم من العاملين في سلاح البحرية الباكستاني مصرعهم بعدما اختطفهم مسلحون مجهولون على الساحل بين كراتشي وجوادور في بحر العرب في إقليم بلوشستان. وحسب شهود عيان، فإن ما بين 15 و20 مسلحاً ملثماً كانوا يرتدون زي حرس الحدود الباكستاني أوقفوا ست حافلات قادمة من كراتشي باتجاه مدينة جوادور الساحلية، وقاموا بالتدقيق مع الركاب على هوياتهم، ثم أنزلوا 16 منهم وأطلقوا الرصاص عليهم، فقُتل 14 مباشرةً وأُصيب اثنان تمكّنا من الفرار. وحسب المعلومات المتوفرة عن الضحايا فإن غالبيتهم من المنتسبين إلى القوات البحرية بينما البقية ينتمون إلى القوات الجوية والأسلحة الأخرى في باكستان. وهذا هو الحادث الثاني خلال أيام قلائل في إقليم بلوشستان، حيث أدى تفجير في سوق للخضار في حي الهزارة في مدينة كويتا إلى مقتل وإصابة العشرات من السكان المحليين، فيما سمّته جهات باكستانية عنفاً طائفياً موجهاً ضد أقلية الهزارة الشيعية، لكن الحكومة قالت إنه ليس موجهاً ضدهم وإنه من صنع قوى معادية لباكستان تستهدف الأمن والاستقرار فيها.
وتزامن مقتل 14 من منتسبي القوات المسلحة الباكستانية مع المزيد من المشكلات السياسية والمالية والإدارية لحكومة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، التي تواجه اقتصاداً متدهوراً ومصاعب جمة في معالجته. وأقال عمران خان وزير ماليته المقرب منه أسد عمر بعد عودة الأخير من جولة مفاوضات مع صندوق النقد الدولي في واشنطن للحصول على قرض بقيمة 9 مليارات دولار للحكومة الباكستانية. ولم تعلن الحكومة الأسباب الكامنة وراء الإقالة، إلا أن الوزير المقال أسد عمر ذكر في تغريدة له «أن هذا يأتي ضمن التعديلات التي ستجري على مجلس الوزراء حسبما قررته الحكومة، وأنه عرض عليه تولي وزارة البترول والطاقة لكنه اعتذر إلى عمران خان رافضاً تولي منصب جديد في الحكومة».
لكنّ الحكومة نفسها نفت قبل أيام أن تكون هناك نية لإجراء تعديلات حكومية وتغييرات وزارية، كما أن سلطة البث الإذاعي والتلفزيوني في باكستان رفعت قضية ضد عدد من القنوات التلفزيونية الأسبوع الماضي لمجرد ذكرها خبر التعديلات والتغييرات الوزارية القادمة، متهمةً إياها بأنها تسعى لإثارة الفوضى في البلاد. إقالة وزير المالية المقرب من عمران خان، وله شعبية كبيرة داخل الحزب الحاكم، جاءت بعد خلافات حادة بين الحكومة المدنية والمؤسسة العسكرية القوية في باكستان. فقد ذكرت مصادر خاصة في باكستان أن قرار إقالة أسد عمر اتُّخذ من قِبل المؤسسة العسكرية، لدوره في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وقبوله شروطاً مجحفة بحق باكستان، منها رفع الدعم عن السلع الأساسية في باكستان، وتحرير صرف الروبية بما يمكن أن يفضي إلى خسارة في قيمتها مقابل العملات الأجنبية، وهو ما لن يحتمله المواطن الباكستاني. وتحدث عارف نظامي أحد أبرز الإعلاميين الباكستانيين المقربين من المؤسسة العسكرية، عن خلافات حادة ليست بين وزير المالية والمؤسسة العسكرية ولكن بين المؤسسة والحكومة المدنية والحزب الحاكم، وقال إن الحكومة الحالية أوصلت اقتصاد البلاد إلى درجة سيئة لم يصل إليها من قبل.
وأفادت مصادر خاصة بأن صندوق النقد الدولي طلب من أسد عمر تزويده مقابل منحه قرضاً بقيمة 9 مليارات دولار بمعلومات تفصيلية عن الممر التجاري الصيني الباكستاني الذي يصل غرب الصين بميناء جوادور الباكستاني على بحر العرب، إضافة إلى معلومات تفصيلية عن المشروع النووي الباكستاني وإمكانية تجميده، والطائرة الباكستانية المقاتلة «جي إيف 17» التي استخدمتها باكستان في إسقاط طائرتين هنديتين أواخر فبراير (شباط) الماضي.
ومما يؤكد الخلافات بين المؤسسة العسكرية والحكومة المدنية أن قرار إقالة أسد عمر لم يكن مدرجاً على جدول أعمال الحكومة. وقالت وزيرة حقوق الإنسان في الحكومة الدكتورة شيرين مزاري: «كنت في اجتماع، دخلت وكان أسد عمر وزيراً للمالية في الاجتماع، لكن بعد خروجي علمت أنه أُقيل من منصبه. لا أدري ما الأسباب وراء ذلك».
وتواجه الحكومة الحالية خصوصاً وزير المالية انتقادات واسعة من المعارضة ورجال الأعمال والقطاع التجاري في باكستان والمواطنين، بسبب سوء إدارتها للاقتصاد في باكستان ومشكلاته. واقترضت الحكومة الحالية ما يزيد على 5.6 مليار دولار خلال فترة 9 أشهر من توليها الحكم في باكستان كما قدمت ميزانيتين إضافيتين غير الميزانية المقدمة في بداية السنة المالية الحالية في يوليو (تموز) 2018، وذلك لمواجهة المصاعب التي تعاني منها الحكومة والاقتصاد في باكستان، كما تأتي هذه التطورات بعد تزايد الصراع بين أجنحة قوية في الحزب الحاكم وخلافات بدأت تظهر للسطح بين قياداته في إقليمي خيبر بختون خوا والبنجاب، بما يمكن أن يؤثر على بقاء الحكومتين الإقليميتين التابعتين لحزب حركة الإنصاف.