خبير يوضح أفق العلاقات بين طهران وموسكو

سلَّط الباحث في الشأن الإيراني لدى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، كليمان تيرم، الضوء على أفق العلاقات الروسية - الإيرانية خلال ندوة نظَّمها المعهد في البحرين، مشدداً على أنها لم ترتقِ إلى مستوى التحالف الاستراتيجي، بل يمكن وصفها بأنها «علاقات ضرورة فرضتها التحولات والصراعات الدولية التي تواجه البلدين».
ولاحظ تيرم أن جوهر التوجه الإيراني منصبّ على توطيد العلاقات الاقتصادية مع أوروبا، وليس روسيا التي لا يمكنها أن توفر احتياجات البلاد لتحديث بنيتها التحتية وتطوير صناعتها النفطية.
وكان تيرم يتحدث في ندوة نظمها المعهد أخيراً في مقرّه للشرق الأوسط في العاصمة البحرينية المنامة، بعنوان «روسيا وإيران: شراكة مصالح لا قيم».
وضرب الخبير في الشأن الإيراني مثالاً اقتصادياً واحداً تمّثل في سعي إيران للتوقيع مع شركتي «بوينغ» و«إيرباص» مباشرةً بعد توقيعها على خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي 5+1)، بدلاً من الطائرات الروسية، من أجل إنقاذ أساطيلها المتهالكة من الطائرات المدنية.
وأضاف تيرم: «شكّل ذلك في حد ذاته مثالاً استشرافياً لا يبشّر بخير فيما يتعلق بمكافأة النظام الإيراني للشركات الروسية على الدعم السياسي الذي يحظى به من موسكو. وفي المقابل، هرعت الشركات الروسية في غالبها للانسحاب من السوق الإيرانية، خشية وقوعها تحت طائلة العقوبات التي أقرها الرئيس ترمب العام الماضي. إن ذلك مؤشر على تعرض المصالح الثنائية لانحلال جزئي أو أكبر من ذلك عندما يعم الضرر».
وأضاف الباحث تيرم أنه حتى الجوانب الثقافية ليست متقاربة، حيث لم يسعَ أي طرف شعبي في إيران للإسهاب في التبادل الثقافي مع روسيا وتعلُّم لغتها، حيث يظهر ولع فئة الشباب في إيران بكل ما هو غربي، ولكنها مسألة إعادة إثبات وجود لروسيا على الساحة الدولية، واشتركت فيها مع إيران في رفضها لنموذج الديمقراطية الغربية ومفاهيم حقوق الإنسان كما هي في أوروبا وأميركا، وكراهيتهما للإرهاب في هيئته التي تمثلها التنظيمات السنية، وهما مرتكزان لتدخل الدولتين في سوريا، مع فارق ثقل العلاقات والمصالح الروسية - السورية منذ عهد حافظ الأسد.
وذكر تيرم أن جذور التفاهم الدبلوماسي بين الدولتين تعود لعدة قرون خلت بين السلالات الحاكمة في إيران كالصفويين والقاجاريين، الذين سعوا منذ القرن السادس عشر لاتقاء سطوة روسيا القيصرية على حدود إيران الشمالية، التي خسرت إيران بسببها أراضي شاسعة.
كما تطرق الباحث إلى تأرجح الشراكة بين ميول الشاه الغربية وادعاء الخميني للوسطية وانحياز النظام الحالي لروسيا وربما الصين، مشيراً إلى أن روسيا لم تحظَ بعقود كبرى للعمل في قطاعات الطاقة الإيرانية، وحازت عليها شركات أوروبية، مثل «توتال» التي تعمل على حقل «فارس»، أكبر حقل غاز في العالم.
وأشار الباحث إلى أن توجه الروس والإيرانيين عن تشكيل حلف نفطي مع الصين لم يحالفه النجاح، بل عادت روسيا للعمل مع المملكة العربية السعودية ضمن حصص إنتاج النفط.
بدورها، قالت فيكتوريا هادسون، باحثة في الأكاديمية البريطانية، ومتخصصة في دراسات الحرب بكلية كنغز في لندن، إن توسع حلف «الناتو» على حدود روسيا الغربية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي أدى لما نراه من انتفاض روسيا أخيراً على ساحتي شرق أوكرانيا وسوريا، وذلك لاسترداد مكانتها الدولية إبان الحقبة المنقضية، وتسويقها لقيمها الخاصة عبر سياساتها الخارجية فيما يتعلق بالقانون الدولي وسيادة الدولة ودعم الدول والشعوب ضد التغول الغربي. وأضافت هادسون أن روسيا تسعى للوجاهة السياسية من أجل التأثير في القرار الدولي، والعمل على صنع استقرار يعود بالمصلحة عليها ضمن توازنات تشمل شركاء آخرين في الشرق الأوسط غير إيران وسوريا، مثل إسرائيل وتركيا ودول الخليج.