الإعلام العربي والمستقبل

بعيداً عن كرة القدم وديربي الرياض بين النصر والهلال ومن سيكون بطلاً لدوري كأس الأمير محمد بن سلمان، وبعيداً عن استبعاد الحكم السعودي حتى نهاية الموسم، حمايةً له، حسب تعبير البعض... بعيداً عن كل هذا وليس ببعيد عن المملكة، استضافت دبي يومي الأربعاء والخميس الماضيين منتدى الإعلام العربي الثامن عشر الذي حمل شعار «الإعلام والمستقبل» وهنا بيت القصيد.
إعلام يعيش في الماضي لن يبني المستقبل، وإعلام لا يعتمد على آخر ما يخرج من عقل التكنولوجيا الذي يعمل من دون توقف وبإبهار منقطع النظير لن يكون إعلاماً قادراً على مواكبة العصر وسيبقى خلف الركب، ولهذا نجد صحفاً ورقية «عريقة» اختفت وأخرى تحولت إلى مواقع إلكترونية وثالثة تبحث عن هويتها وسط موج هادر من المتغيرات التي طرأت على الحياة كلها وحتى على رياضتها التي كانت بسيطة ثم تعقدت بفعل تعقيد الحياة وتطور التكنولوجيا، ولهذا خرج لنا «الفار» في كرة القدم بعد أن كان الحَكَم يأخذ القرار في أقل من جزء من الثانية صار الآن يأخذ وقته ويرى اللعبة من عدة زوايا ومع هذا كله لم يسلم «الفار» من الانتقادات والهجوم لأن من يعمل عليه هو إنسان في البداية والنهاية والإنسان أكثر شيء جدلاً في هذا العالم.
الإعلام العربي (الحكومي بالدرجة الأولى) بحاجة إلى أن يخرج من قوقعته التاريخية، وهي النمطية والكلاسيكية والتلقين والتنظير، في التعامل مع القضايا ومع المتلقي لهذه القضايا (وهو الإنسان) الذي بات قادراً جداً على التفريق بين الصحيح والخطأ وبين الحقيقة والفبركة وبين الحيادية والتحيّز، لأنه بات قادراً على الوصول إلى المعلومة من أكثر من جهة وقادراً على البحث في الأرشيف عن أمور مماثلة وقادراً على توثيق الأحداث عبر جواله فقط، وبالتالي صار إقناعه (بعكس ما يراه) صعباً إن لم يكن مستحيلاً، ولهذا فالمهنية ومواكبة التطورات التقنية والشفافية هي الأمور التي تضمن الوصول لأكبر شريحة ممكنة من المتابعين عبر كل وسائل التواصل التقليدية والجديدة.
الإعلام فن وعلم واختصاص ومهنية وحيادية وشفافية، وهي أمور علينا جميعاً أن نتحلى بها حتى نكون مقبولين من السواد الأعظم من الناس وليس فقط شريحة نحن نختارها ونعتقد أنها تمثل المجتمع كله.