معرض «ارسم لي أرزة» يكرم رمزاً لبنانياً مهدداً بالانقراض

اختتم أمس في نادي اليخوت وسط بيروت معرض «ارسم لي أرزة» الذي أقيم تكريماً لهذه الشجرة الرمز والمكرسة شعاراً للعلم اللبناني. ويأتي هذا الحدث الذي نظمته جمعية «غرين سيدر ليبانون» في اليوم العالمي للغابات من أجل التشجيع على زراعة هذه الشجرة المعرضة للانقراض بسبب التغييرات المناخية.
62 فناناً من لبنان والعالم شاركوا في المعرض من خلال لوحات رسم ومنحوتات ابتكروها للمناسبة. فتضمنت الأرزة الملونة بزهور الربيع وأخرى تظهر عراقتها في لوحة تجريدية معتّقة وأخرى يتألّف جذعها من قذيفة وكذلك منحوتات لشجر أرز على شكل أشخاص يتعانقون أو ينظرون إلى علوها الشاهق مندهشين.
«يندرج هذا المعرض على برنامج نشاطاتنا السنوية التي اعتدنا تنظيمها منذ 12 سنة حتى اليوم». تقول باسكال شويري رئيسة جمعية «غرين سيدر ليبانون» في حديث لـ«الشرق الأوسط». وتضيف: «نحن نعمل على تشجيع اللبنانيين لزراعة هذه الشجرة التي تعدّ رمزاً من رموز لبنان الشهيرة، خصوصاً أنّنا نسميها بالأرز الخالد، الذي جعل هذه البقعة من العالم تعبق عنفوانا وتعصى على الزمن». وتشير شويري إلى أنّ ريع هذا المعرض يعود إلى الجمعية التي تحضّر لافتتاح غابة أرز تحمل اسم «غابة الفنانين».
«هذه الغابة التي تمتد على مساحة 10000 متر مربع في منطقة كفردبيان كرسها المجلس البلدي فيها بهدف تحويلها إلى غابة أرز يطلق عليها هذه التسمية، بحيث تخصّص لكل فنان من الفنانين الذين شاركوا في الحدث شجرة باسمه».
وتتعاون جمعية «غرين سيدر ليبانون» مع جمعية الثروة الحرجية والتنمية (AFD) في أعمال التشجير ورعاية الأشجار وصيانتها في الغابة المستحدثة، التي من المتوقع أن تُفتتح قريباً مع زراعتها بما يقارب 1000 شجرة أرز.
وتوضح شويري أنّه في عام 2007 انطلقت جمعية «غرين سيدر ليبانون» بمبادرة فردية من أجل هدف واحد هو زرع الأشجار وزيادة المساحات الخضراء. «إنّنا اليوم بأمسّ الحاجة للحفاظ على بيئتنا الطبيعية وعلى تكثيف عدد غابات الأرز في وطننا لبنان الذي تتصدر علمه شجرة أرز. فنحن نعمل على متابعة رؤيتنا ومسيرتنا للمساهمة في خلق بيئة خضراء سليمة لنا ولأجيالنا الصاعدة، في ظل تفاقم المشاكل البيئية وزيادة الضغط على مواردنا الطبيعية».
ومن بين الفنانين الذين شاركوا في هذه المظاهرة الفنية النحات والشاعر رودي رحمة الذي ألّف قصيدة شعر خاصة بأرز لبنان عنوانها «أرز الملك ناطور» يقول فيها: «يا رب أرزك نسر بهالجو زغيرة الأرض من فوق بعيونو زرعتو إنت قبل العتم والضو تا يحمل التاريخ عغصونو».
والمعروف أنّ غابات الأرز كانت تغطي في السابق معظم مرتفعات لبنان من 1200 إلى 1900 متر. ومع مرور الزمن انخفض عدد هذه الغابات إلى 12 موقعا من شمال لبنان وصولاً إلى معاصر الشوف. ومن أشهرها «غابة أرز الرب» ويعود عمرها لنحو 2500 سنة. وهي تربض في أحضان جبل المكمل مشرفة على الوادي المقدس (قنوبين) وتمتد على مساحة 102566 متراً مربعاً وهي تتوسط مساحة جرداء تغمرها الثلوج بدءا من منتصف فصل الخريف وحتى أطراف فصل الربيع. وتمتاز بأنّها تضم أقدم أشجار الأرز في العالم، ولم يبق فيها سوى 48 شجرة معمرة يصل عمر أكبرها إلى أكثر من ألف سنة. كما تضمّ 375 شجرة يصل عمرها إلى بضع مئات من السنين من بينها 4 يصل ارتفاعها إلى 35 متراً وقطرها بين 12 و14 متراً. وتمتاز هذه الأشجار باستقامة جذوعها وبأغصانها المروحية الشكل.