مؤتمر وزاري أفريقي في مراكش: الأمم المتحدة المظلة الوحيدة للتعاطي مع قضية الصحراء

قال ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي، خلال مؤتمر صحافي في مراكش أمس، في ختام أعمال المؤتمر الوزاري الأفريقي حول الدعم المقدم من الاتحاد الأفريقي للمسار السياسي للأمم المتحدة بشأن الخلاف الإقليمي حول الصحراء: إن المؤتمر «مهم ونوعي»، مشيراً في هذا الصدد، إلى مشاركة دول عرفت مواقفها تطوراً في السنوات الأخيرة. كما تحدث بوريطة عن توقيت تنظيم المؤتمر، فقال: إنه يأتي بعد أيام من الطاولة المستديرة الثانية حول الصحراء في جنيف، تحت إشراف المبعوث الأممي للصحراء هورست كوهلر، وفي سياق محاولات لإبعاد أفريقيا عن المواقف الواضحة والرزينة المعبر عنها في الدورة العادية الحادية والثلاثين لمؤتمر الاتحاد الأفريقي بنواكشوط.
وأكد بوريطة، أن البيان الختامي الذي توج أعمال المؤتمر تضمن نقطاً مهمة، أولها أن المظلة الوحيدة للتعاطي مع قضية الصحراء هي الأمم المتحدة، وبالتالي لا مجال لأي مسار موازٍ أو مبادرات جانبية. أما ثانيها فتتعلق بالقرار 693 الصادر عن قمة الاتحاد الأفريقي بنواكشوط، الذي يشير إلى أن آلية «الترويكا»، المكونة من الرئيس السابق، والحالي، والمقبل للاتحاد الأفريقي، ينبغي أن تدعم وتواكب مجهودات الأمم المتحدة فيما يتعلق بقضية الصحراء. وثالثها أن «الترويكا» ليست أداة لوضع حلول وخلق مسارات أخرى لحل النزاع، بل للتعبير عن الدعم ومواكبة جهود الأمم المتحدة في الموضوع.
ويأتي انعقاد مؤتمر مراكش بموازاة مع انعقاد المؤتمر التضامني مع جبهة «البوليساريو» الانفصالية، الذي انطلقت أعماله أيضاً أمس في بريتوريا، ويتواصل اليوم، والذي نظمته مجموعة تنمية أفريقيا الجنوبية (سادك) بإلحاح من جنوب أفريقيا والجزائر.
تجدر الإشارة إلى أن 8 من أصل 15 دولة مكونة للمجموعة الأفريقية، شاركت في مؤتمر مراكش، وهي أنغولا، وملاوي، وزامبيا، ومدغشقر، والكونغو، وجزر القمر، وتانزانيا، وسوازيلاند.
وعلمت «الشرق الأوسط»، أن عدد الدول المشاركة في مؤتمر بريتوريا لم يتجاوز 22 دولة، منها 13 دولة أفريقية، وباقي الدول من خارج القارة مثل فنزويلا والأوروغواي.
في غضون ذلك، قال بوريطة: إن المغرب منطقه واضح، مشيراً إلى أن قمة نواكشوط حسمت الأمور وأوضحت المحددات. وأشار بوريطة إلى أن هناك رفضاً في مؤتمر مراكش الوزاري لأي محاولات لتقسيم أفريقيا حول هذه القضية، ورفض لكل المحاولات للالتفاف على قرار قمة نواكشوط، والرجوع إلى وضعية ما قبل انعقادها.
وجدد المشاركون، في بيانهم الختامي للمؤتمر، التفافهم حول التنفيذ البنّاء والفعال لآلية «ترويكا» الاتحاد الأفريقي، بشكل يحمي، ويدعم ويحافظ على نزاهة العملية السياسية الجارية ضمن الإطار الحصري للأمم المتحدة، تحت إشراف مجلس الأمن ورعاية الأمين العام، بهدف الوصول إلى «حل سياسي واقعي، عملي ودائم لقضية الصحراء الغربية، يقوم على التوافق»، كما جاء في القرار 2440 لمجلس الأمن.
وسجل المشاركون إدراكهم «ضرورة تعزيز الوحدة وجمع الشمل وتوحيد الجهود لتحقيق أفريقيا المرجوة، مع تأكيد تعلقهم بالاختيار الاستراتيجي لرؤساء الدول والحكومات لتجاوز أسباب الانقسام والتجزئة والتشرذم التي تهدد وحدة القارة، وإدراكهم الحاجة المستعجلة للقارة، لمواجهة القضايا ذات الأولوية، بما في ذلك التنمية البشرية المستدامة والتكامل الأفريقي والرفاه للمواطنين، في إطار أجندة 2063».
كما جدد المشاركون تأكيد التزامهم الثابت بأفريقيا موحدة، مستقرة، دينامية ومزدهرة، تتحدث بصوت واحد، تستجيب للتحديات متعددة الأبعاد لعالم اليوم والغد المعقد.
ودعا المشاركون إلى تفعيل الرؤية الحكيمة والمنسقة لرؤساء الدول والحكومات الأفريقية، المكرسة في الدورة العادية الحادية والثلاثين لمؤتمر الاتحاد الأفريقي، التي انعقدت بنواكشوط، بشأن النزاع الإقليمي حول الصحراء. ورحبوا، في هذا السياق، باعتماد القرار 693، الذي أعاد التأكيد على حصرية الأمم المتحدة إطاراً لإيجاد حل سياسي مقبول، واقعي وعملي ومستدام لقضية الصحراء. كما أوصوا بالحفاظ على روح ونص القرار 693، باعتباره ثمرة مشاورات معمقة من رئيس المفوضية الأفريقية وموضوع توافق آراء رؤساء الدول والحكومات، مع مراعاة دورها التأسيسي في العودة إلى الصفاء في عمل الاتحاد الأفريقي.
ورحب المشاركون بإنشاء آلية «ترويكا» الاتحاد الأفريقي بموجب القرار 693، التي تتألف من الرئيس السابق، والحالي، والمقبل للاتحاد، فضلاً عن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، لتوفير الدعم الفعال لجهود الأمم المتحدة.
وشكلت فعاليات المؤتمر الوزاري الأفريقي حول الدعم المقدم من الاتحاد الأفريقي للمسار السياسي للأمم المتحدة بشأن الخلاف الإقليمي حول الصحراء فرصة للتأكيد على مضمون القرار رقم 693، المعتمد في قمة نواكشوط، الذي أكد حصرية معالجة الملف من طرف الأمم المتحدة، مستبعداً كل مسار موازٍ. وتميزت أعمال المؤتمر بمشاركة وفود 37 دولة أفريقية، من المجموعات الإقليمية الخمس للقارة. وفي حين ترأس وفد تونس سفيرها بالمغرب، وترأس وفد ليبيا نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، شهد المؤتمر غياب مصر، وموريتانيا، والجزائر.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن مصر التي ترأس حالياً الاتحاد الأفريقي، غابت عن مؤتمر مراكش، لكنها لم تحضر اجتماع بريتوريا، والشيء نفسه بالنسبة لموريتانيا.
ولاحظت ورقة تقديمية لأشغال المؤتمر، استعرضت سياق تنظيمه والأهداف منه، أنه على الرغم من هذه الجهود المتقدمة والفعالة التي تشيّد مناخاً من الثقة داخل الاتحاد الأفريقي، تبحث بعض الممارسات على معاكسة روح رسالة القرار 693. ولذلك؛ جاءت ندوة مراكش لتشكل جواباً على هذا السياق.

وبخصوص أهداف الندوة، تحدثت الورقة عن فرصة لإبراز التوافق الأفريقي حول القرار 693، وتأكيد الدعم الأفريقي للمسلسل السياسي الجاري في إطار الأمم المتحدة، في أفق «حل سياسي واقعي، عملي ودائم لقضية الصحراء الغربية، يقوم على التوافق».
وبالنسبة لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، فانعقاد هذا المؤتمر هو جزء من الرؤية الحكيمة والمتبصرة للدول الأفريقية، لتعزيز وحدة القارة ورفض أي محاولة لتحريفها عن أولوياتها الملحة، المتمثلة في التنمية البشرية المستدامة والاندماج الإقليمي والعيش الكريم لمواطنيها.
وتضمن برنامج المؤتمر إلقاء وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي كلمة افتتاحية، قبل أن يتناول رؤساء وفود 29 دولة الكلمة، فأكدوا مكانة المغرب على الصعيد الأفريقي، ودعم بلدانهم جهود الأمم المتحدة لإيجاد حل لقضية الصحراء، انسجاماً مع القرار 693، الذي صادق عليه رؤساء الدول والحكومات في قمة الاتحاد الأفريقي بنواكشوط.
وقال بوريطة: إن «المصلحة العليا لأفريقيا تنادينا، نحو التوحد، وتمنع علينا أن نخطئ المعركة. فيما كلمة السر هي ذاتها، وتتعلق بالوحدة، الانسجام والتناسق. التناسق مع أنفسنا كأفارقة، مع المنظمة التي توحدنا ومع الشركاء».
واستشهد بوريطة بخطاب العاهل المغربي محمد السادس، الذي ألقاه، في 2017، بمناسبة عودة المغرب إلى عائلته الأفريقية، والذي بسط فيه خريطة طريق المملكة داخل الاتحاد الأفريقي، وجاء فيه: «إن هدفنا ليس إثارة نقاش عقيم، ولا نرغب إطلاقاً في التفرقة، كما قد يزعم البعض. وستلمسون ذلك بأنفسكم: فبمجرد استعادة المملكة المغربية مكانها فعلياً داخل الاتحاد، والشروع في المساهمة في تحقيق أجندته، فإن جهودها ستنكبّ على لمّ الشمل، والدفع به إلى الأمام».
واعتبر بوريطة أن مؤتمر