«حماس» تدفع لتصعيد المواجهة مقابل «تباطؤ الوسطاء»

قررت حركة «حماس» تصعيد المواجهة أكثر مع إسرائيل في رسائل خارجية وداخلية متعلقة بمباحثات التهدئة البطيئة مع إسرائيل والحراك الشعبي ضد الحركة في قطاع غزة. وأعلنت «وحدات الإرباك الليلي» في القطاع، أمس، أن فعاليات «الإرباك» هذا الأسبوع ستكون شاملة على طول حدود القطاع الشرقية والشمالية. وحددت الوحدات التي تعنى عادة بإطلاق بالونات حارقة وإشغال الجنود الإسرائيليين على الحدود من خلال إشعال الإطارات المطاطية وإطلاق صافرات إنذار وتسليط أضواء ليزر تجاه الجنود المتمركزين قرب السياج، الساعة السابعة مساء من كل يوم بداية للفعاليات، وحتى ساعات الفجر.
وقالت إنها ستقوم بذلك بالقرب من التجمعات العسكرية والاستيطانية. وجاء في البيان أنه في ساعات النهار سيتم مضاعفة أعداد البالونات الحارقة «رداً على استمرار الاحتلال في الاعتداء على المشاركين في مسيرات العودة وإيقاع شهداء وإصابات بالعشرات، وفي ظل تمادي العدو بحصاره لقطاع غزة وتباطؤ الوسطاء». وأضاف البيان أن «الخطوات المذكورة جزء من خطة تصعيد الحراك التي سنجعل من خلالها حياة مستوطني الغلاف وجنود الاحتلال جحيماً لا يُطاق، ورسالتنا لقيادتهم: إما يُكسر الحصار عن غزة أو يرحل سكان الغلاف».
وجاء الإعلان عن توسيع هذه الفعاليات بعدما توقفت لأسابيع طويلة من أجل إعطاء الوسطاء فرصة لإنجاز اتفاق في قطاع غزة، وبعدما بدأت الأموال القطرية بالتدفق للقطاع، قبل أن يدب خلاف في يناير (كانون الثاني) الماضي. وفي حين بدا ذلك رسالة للوسطاء وإسرائيل بأن البديل عن اتفاق تهدئة هو التصعيد، يحمل تفعيل المواجهات مع إسرائيل أيضاً رسائل داخلية، في محاولة للقضاء على مسيرات الحراك الشعبي ضد الغلاء. وانطلقت في غزة نهاية الأسبوع الماضي مسيرات شعبية واسعة ضد الغلاء، واجهتها حماس بقمع غير مسبوق. وبعد أيام استأنفت الحركة المظاهرات على نطاق واسع بما فيها الحراك البحري ثم أعلنت تكثيف إطلاق البالونات الحارقة.
وقتلت إسرائيل يوم الجمعة فلسطينيين في مواجهات على الحدود مع غزة. وشيع الفلسطينيون أمس جثماني نضال شتات وجهاد حرارة، وسط صيحات الانتقام. لكن مسؤولين وفصائل ومراقبين يرفضون ما وصفوه بتوظيف هذه المسيرات لأسباب سياسية. واتهمت حركة فتح ومسؤولون فيها، مراراً، حركة حماس ببيع الدم الفلسطيني في غزة بالدولار والسولار وتحريك المسيرات أو وقفها بحسب المكاسب المالية أو الآنية للحركة. وانضم عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني وليد العوض لمنتقدي توظيف المسيرات، قائلاً إن «على الجميع أن يتوقف عن استخدام المسيرات باعتبارها أجندة خاصة له فالذين يذهبون إلى السياج هم الناس أنفسهم الذين يسعون من أجل لقمة الخبز والحرية والكرامة الإنسانية. فهذه المسيرات في سياق كفاح الشعب الفلسطيني الذي يأخذ أشكالاً مختلفة وهو شكل علينا أن نحتفظ به ولا نضعه على طاولة أي حوارات وتفاهمات ذات بعد سياسي بالتهدئة، فهذا حق للشعب الفلسطيني غير قابل للمساومة أو المقايضة».
وأضاف: «في معرض تقييمنا لمسيرات العودة وسلسلة الأشكال التي تتخذ فيها علينا أن نقيّم جيداً ماذا يخدم هذا الشكل وكيف يمكن أن يتعامل معه الاحتلال وإلى أين سيؤدي، لذلك يمكن القول إن هناك مبالغات في مسألة البالونات المتفجرة. فالاحتلال يتعامل وكأنها حاملة مواد متفجرة وهي غير ذلك... ولهذا علينا أن نعرف تماماً كيف نستخدم أساليبنا بما يعزز روايتنا بصفتنا شعبا مظلوما... وبعد مضي عام على مسيرات العودة على الجميع أن يناقش هذه القضية ويقيّمها، وأن يبتعد عن الاستخدام السياسي لها». وتابع العوض أن «كل أشكال النضال يجب أن تخضع لتقييم موضوعي. مسيرات العودة انطلقت للتعبير عن رغبة الشعب في إيصال رسالة للعالم بأن هذا الشعب صاحب حق ويمتلك مخزوناً كفاحياً، وعلى العالم أن ينتبه لهذا الشعب الذي انتهكت كل حقوقه، لكن جرى استخدام هذه المسيرات وحرفها عن أهدافها».
وأضاف قائلا: «مرة أخرى أقول إن مسيرات العودة شكل من أشكال المقاومة الشعبية، يجب ألا توضع على طاولة مباحثات التهدئة مع الوسطاء بأي شكل من الأشكال، ويجب عدم المساومة عليها لا بدولار أو سولار، لكن يجب أن تقيم في سياق خدمتها للمشروع الوطني الفلسطيني، وبالتالي في المباحثات الخاصة بالتهدئة يجب أن تسحب قضية المقاومة الشعبية من التداول بشأنها، وبالمقابل لا يجوز المغامرة بإلقاء الأطفال على السياج، فنحن لا نريد أن نسجل ضحايا بل نريد أن نحقق إنجازات، وهذه الإنجازات يمكن تحقيقها بضحايا أقل وبإدارة أكثر صوابية وبشفافية، فالشعب الفلسطيني لا يبحث عن تقديم الضحايا لأنه قدم ضحايا منذ عام 1948 حتى اليوم، لكنه يبحث عن تسجيل إنجازات، وهذه الإنجازات يمكن أن تسجلها هذه الجهة السياسية أو تلك، أما الاستخدام والتوظيف لهذه المسيرات لخدمة أجندة فصيل بعينه فهما أمران مرفوضان».