أسباب تفوق أكاديمية الناشئين بنادي شالكه الألماني

يمتلك نادي شالكه الألماني سجلا حافلا في إنتاج اللاعبين الشباب، الذين كان من بينهم مانويل نوير وبينيديكت هويديس وإلكاي غوندوغان ومسعود أوزيل وماكس ماير وجوليان دراكسلر وليروي ساني. ولكي نعرف الأسباب التي تجعل أكاديمية الناشئين بالنادي تنجح في تخريج هذا العدد الكبير من اللاعبين الشباب المميزين، كان يتعين علينا أن نعرف مزيدا من التفاصيل عن التاريخ الاجتماعي لمدينة غيلسنكيرشن، التي تقع في غرب ألمانيا ويوجد بها هذا النادي العريق.
يقول بيتر كنابيل، المسؤول عن أكاديمية الناشئين بالنادي: «بعد الحرب العالمية الثانية، وصل مزيج من الثقافات والخلفيات للعمل في مناجم الفحم بالمنطقة، مثل البولنديين والإيطاليين والأتراك. والآن، نحن نحصد ثمار مجيء الآباء الذين عملوا بجد وجاءوا بصفات وعقليات مختلفة، ولدينا هنا بوتقة رائعة للانصهار».
وأضاف: «نحن جيل محظوظ للغاية لأننا نعيش في فترة من الحرية تمتد على مدار أكثر من 70 عاما حتى الآن - ولم يكن هذا هو الحال في مناسبتين (الحرب العالمية الأولى والثانية)، بسببنا في كل مرة. والآن، كيف يمكن أن نتحدث عن الصورة النمطية للعقلية الألمانية ونحن نشير، على سبيل المثال، إلى لاعب مولود على بُعد 200 متر فقط واسمه أحمد كوتوكو؟».
وخارج الملعب، يتم عقد حصص تدريبية للاعبين الأصغر من تسعة أعوام، ويحصل كل لاعب على الكرة لمدة 30 دقيقة، قبل أن يشارك في مباراة لمدة عشر دقائق في ملعب أكبر في نهاية كل منه مرمى. وبعد ذلك، ينتقل اللاعبون الشباب إلى ملعب بمساحة 20 متراً ويُطلب منهم تمرير الكرة في مجموعات كل منها مكونة من أربعة لاعبين. ويُطلب من كل لاعب أن ينقل الكرة بعد لمستين فقط، ثم يطلب منه بشكل مفاجئ أن «يحتفظ بالكرة ويراوغ».
يقول كنابيل: «لا نريد أن يقدم المديرون الفنيون الكثير من التعليمات الخططية والتكتيكية للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 14 عاماً، إننا نرى أن تفاصيل طريقة لعب مثل 4 - 4 - 2 أو 3 - 5 - 2 لا تهم الأطفال الأصغر من 14 عاماً، بل يجب أن يتعلم الأطفال فهم الطريقة التي تسير بها المباريات من تلقاء أنفسهم. إننا ندعهم يلعبون ونثق في قدراتهم، ودائما ما تكون النتيجة جزءا من تعليمنا لهم، ولا يمكن لأي مدير فني أن يقول للاعبيه الشباب إنه لا يهتم بتحقيق الفوز في المباراة، لأنه لن يستطيع أن ينظر في أعينهم إذا قال لهم ذلك. إنهم يشعرون بالضيق عندما يخسرون، لكن لا يجب أن يكون المدير الفني أكثر انزعاجا من الأطفال».
وبالنسبة لبقية الحصص التدريبية التي تبلغ مدتها 90 دقيقة، ينتقل اللاعبون من تمرين إلى آخر. ويختلف كل نشاط في مدته وكثافته والمجهود البدني الذي يبذله اللاعبون. وهناك جزء ممتع للغاية في حقيقة الأمر، ويتعلق ذلك بأن يطلب المدير الفني من اللاعب أن يقوم بأشياء صعبة ومتضاربة في الوقت نفسه. ولا يستمر أي جزء من التدريب لمدة تتجاوز 20 دقيقة.
يقول كنابيل «إننا نثقف مديرينا الفنيين فيما يتعلق بتوجيه النصائح والتعليمات للاعبين. إننا نريد أن يتحلى المديرون الفنيون بالمرونة، ونفس الأمر ينطبق على الحصص التدريبية، لكن في نفس الوقت يجب أن تكون هناك مبادئ واضحة يلتزم بها الجميع. ويجب التذكير بأن هذا النظام قد أسهم في تكوين لاعبين من أمثال جويل ماتيت وليروي ساني، على الرغم من الاختلاف الكبير والواضح في شخصية وإمكانيات ومهارات كل منهما».
ويضيف: «المديرون الفنيون هم أساس كل شيء، فإذا كان لديك مدير فني جيد فهذا يعني أنه سيكون لديك 18 لاعباً جيداً، إننا ندرس المديرين الفنيين بشكل جيد للغاية، على المستوى الشخصي والمهني، قبل أن نوكل إليهم مهمة تدريب مجموعة من اللاعبين. انظروا إلى أندية مثل برشلونة وأياكس وغيرهما من الأندية التي تمتلك أفضل أكاديميات للناشئين في جميع أنحاء العالم، وسوف تجدون أنهم يسيرون على نفس الأسس والفلسفات مع اللاعبين الأصغر من تسع سنوات وحتى أقل من 19 عاماً وهذا هو ما نفعله هنا».
وأضاف: «لقد أصبحت كرة القدم صناعة، ولا ينبغي أن أشتكي منها لأنها هي التي منحتني هذه الوظيفة، لكن كرة القدم في الوقت الحالي تجعل من الصعب على المرء أن يفهم العالم من حوله. يعمل أخي في نادٍ للهواة في المستوى الثالث عشر في كرة القدم الألمانية، مع 18 طفلاً فقط وملعب واحد للجميع. إننا نحتاج إلى إعداد أطفالنا في شالكه للتأقلم مع العالم الحقيقي، لأنه قد ينتهي بهم المطاف للعب في الدوري الذي يعمل به شقيقي، في حين يمكن أن يصل 0.001 في المائة فقط إلى ناد كبير كمانشستر سيتي».