موسكو تدعم خطط الحكومة الجزائرية وتحذر من «تدخل خارجي»

وجهت موسكو رسالة دعم قوية إلى الحكومة الجزائرية، بإعلانها عن تأييد جهودها في «إعادة الاستقرار، ومواجهة محاولات زعزعة الوضع في البلاد». كما شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على رفض بلاده «أي تدخل خارجي في شؤون الجزائر الداخلية».
وجاء ذلك خلال لقاء أجراه لافروف في موسكو، أمس، مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمامرة الذي شكلت موسكو أول محطة خارجية يزورها منذ تعيينه في منصبه. ورغم أن التركيز انصب خلال المحادثات على تطورات الوضع الداخلي في الجزائر، فإن الوزيرين تطرقا خلال المحادثات إلى رزمة من الملفات الساخنة، بينها الوضع في سوريا وليبيا ومالي، والموقف من الصحراء، فضلاً عن العلاقات الثنائية، وآليات تطوير التعاون المشترك.
وفي موقف روسي لافت لإعلان دعم التدابير التي تتخذها الحكومة الجزائرية لتهدئة الوضع في البلاد، قال لافروف إن بلاده «تتابع تطورات الأحداث في الجزائر باهتمام، ونشهد محاولات لزعزعة الوضع هناك، ونعارض بشكل قاطع أي تدخل فيما يجري في الجزائر. الشعب الجزائري هو من يقرر مصيره استناداً للدستور»، مضيفاً أن موسكو «تؤيد خطط السلطات الجزائرية لإعادة الاستقرار في البلاد على أساس الحوار واحترام الدستور». كما حذر من تدخل أطراف خارجية للتأثير على الوضع في الجزائر، مشدداً على «رفض أي محاولات للتدخل الخارجي في شؤون الجزائر الداخلية».
من جهته، أعلن لعمامرة أنه نقل رسالة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وشدد على الأهمية التي توليها الجزائر لتنسيق المواقف مع موسكو في الملفات المختلفة.
وفي مؤتمر صحافي مشترك عقداه في ختام المباحثات، لفت الوزيران إلى أن هدف الزيارة إطلاع الجانب الروسي على «تطورات الوضع في الجزائر، وبحث خطط قيادة البلاد في المستقبل القريب»، وفقاً لتصريح لافروف الذي أوضح أن بلاده «تدعم هذه الخطط»، وأن موسكو «تعول على قدرة القيادة في الجزائر على تثبيت استقرار الوضع في هذا البلد الصديق، من خلال الحوار الوطني على أساس احترام الدستور الجزائري، وبالطبع عبر احترام جميع الأطراف المعنية لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة». وعقد لافروف مقارنة بين التطورات الجارية في الجزائر ومسار «الربيع العربي»، وقال إنه «في الحالتين، برزت شعارات براقة، تخفي محاولات تبرير التدخل الخارجي لزعزعة الأوضاع الداخلية في البلدان»، مؤكداً أهمية التعاون الروسي - الجزائري في دعم الاستقرار في منطقة شمال أفريقيا، وأن «دعم الاستقرار في المنطقة يقع على عاتق بلدان المنطقة، وليس أطراف أخرى... ونحن من جانبنا على أتم الاستعداد لدعم هذه الجهود. وكما قلت سابقاً... نحن نقدر تقديراً عالياً الجهود الجزائرية الساعية لحل الأزمات في الدول المجاورة، ومن ضمنها ليبيا». وأشار لافروف إلى تطابق مواقف موسكو والجزائر، فيما يخص ضرورة تفعيل الجهود الجماعية، وفقاً للقانون الدولي في تسوية الأزمات المستعصية، مثل القضية الفلسطينية وقضية الصحراء، ورفض «المشاريع الأحادية المشبوهة التي يحاول البعض تمريرها»، في إشارة مباشرة إلى ما بات يعرف باسم «صفقة القرن».
وأعلن الوزيران أنه تم الاتفاق على تأسيس «فريق عمل عالي المستوى للتنسيق في مواضيع السياسة الخارجية»، يضم وزيري خارجية البلدين، وعدداً من نوابهما.
وأكد لعمامرة أن الاحتجاجات التي تشهدها الجزائر تندرج في إطار الشأن الداخلي، معرباً عن ثقته في «قدرة الجزائريين على إيجاد حل للمشكلة بأنفسهم... والسبيل الوحيد للحل يمر عبر الحوار السياسي الداخلي»، وقال بهذا الخصوص: «الحكومة الجزائرية استجابت لمطالب الشباب الذي أخذ على عاتقه إجراء إصلاحات في البلاد... والحكومة الجزائرية ملتزمة بالتوصل إلى الدستور الجديد الذي سيعكس حقيقة التوافق الوطني، وسيجعل المستقبل أفضل». كما أشار لعمامرة إلى جهود تشكيل لجنة انتخابية مستقلة ستشرف على الانتخابات، مؤكداً أن «المعارضة ستُكون ممثلة في الحكومة المقبلة بعد الانتخابات». وفي سياق ذلك، شدد لعمامرة على أن الرئيس بوتفليقة «ملتزم بتسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب بكل شفافية، بعد إجراء الانتخابات في البلاد». أما بخصوص العلاقات الثنائية، فقد أوضح لعمامرة أن «طموحاتنا كبيرة، وما تحقق حتى الآن هو خطـوة في طريق الشراكة مع روسيا»، مذكراً بأن البلدين وقعا في عام 2001 وثيقة للتعاون الاستراتيجي «ما زالت سارية».