دمشق تهدد باستعادة إدلب وشرق سوريا بـ«المصالحة أو القوة»

أكد وزير الدفاع السوري العماد علي عبد الله أيوب، أمس، أن بلاده ستعيد بسط سيطرتها على كامل الجغرافية السورية «سواء بالمصالحات أم بالقوة العسكرية»، مشيراً تحديداً إلى إدلب التي تنتشر فيها «هيئة تحرير الشام» وشمال شرقي سوريا، حيث تنتشر «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة بقوات التحالف الدولي بقيادة أميركا.
وجاء كلامه في وقت أعلن رئيس الأركان العراقي قرب فتح المنفذ الحدودي بين العراق وسوريا، وفي وقت أكد رئيس الأركان الإيراني، أن بلاده ستواصل «محاربة الإرهاب في سوريا»، في نفي لنيتها الاستجابة للمطالب بانسحابها منها.
وعقد العماد أيوب مؤتمراً صحافياً مشتركاً في دمشق، أمس، مع رئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول ركن عثمان الغانمي، ورئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، وذلك عقب اجتماعات عسكرية استضافتها العاصمة السورية بين مسؤولين عسكريين من الدول الثلاث. وقال أيوب، في المؤتمر الصحافي: إن النظام السوري سيستعيد بسط سيطرته على كامل الجغرافية السورية «سواء بالمصالحات أم بالقوة العسكرية، وإدلب لن تكون استثناءً أبداً؛ فهي واحدة من أربع مناطق خفض التصعيد التي تم تحديدها، حيث عادت المناطق الثلاث الأخرى إلى كنف الدولة السورية، وهذا ما ستؤول إليه الأمور في إدلب وغيرها». وشدد على أن أي «وجود عسكري لأي دولة كانت من دون دعوة رسمية من الدولة السورية هو وجود احتلالي وغير شرعي»، مؤكداً امتلاك قوات النظام «عوامل القوة» لإخراج القوات الأميركية من التنف (قرب الحدود مع الأردن والعراق) باعتبارها قوات «احتلال». ولفت إلى أن الورقة المتبقية مع القوات الأميركية هي ورقة «قوات سوريا الديمقراطية» في شمال شرقي سوريا، قائلاً: «سنتعامل معهم إما بالمصالحات وإما بتحرير الأرض».
وقال أيوب أيضاً: إنه من «غير الحكمة الرد» على الضربات الإسرائيلية في الداخل السوري، مضيفاً: «الحكمة ألا ترد. الحكمة ضرب العملاء في الداخل بقسوة»، مشدداً على أن من غير الحكمة الانجرار إلى حرب تحدد إسرائيل مكانها وزمانها، رابطاً بين الضربات الإسرائيلية ومن وصفهم بـ«الإرهابيين بالداخل».
وبث التلفزيون الرسمي السوري وقائع المؤتمر الصحافي المشترك للقيادات العسكرية الإيرانية والسورية والعراقية، وهو الأول من نوعه منذ بدء الحرب في سوريا قبل ثماني سنوات، علماً بأن هناك غرف عمليات مشتركة تضم الإيراني والسوري والعراقي وكل من «يقف في محور المقاومة»، بحسب تعبير تلفزيون النظام.
من جانبه، وصف اللواء الإيراني محمد باقري الاجتماعات العسكرية التي جرت بدمشق بأنها «مهمة للجميع»، قائلاً: إن «ما تمخض عنها سيساعدنا في الاستمرار في مواجهة التحديات والأخطار والتهديدات التي أفرزها انتشار الإرهاب التكفيري وتمدده في هذه المنطقة الحيوية من العالم»، معبّراً عن دعمه لما قاله وزير الدفاع السوري برفض «دخول أي دولة بصورة غير شرعية إلى سوريا». وحدد الهدف لهذه المرحلة بـ«استتباب السيادة الوطنية ووحدة التراب السوري وخروج جميع القوات المتواجدة في سوريا من دون إذن»، مضيفاً أنه من خلال التنسيق الإيراني - السوري - العرقي ستتم مواجهة المشاكل التي تواجه المنطقة، ولا سيما «تدخل الصهاينة»، مضيفاً أن «علينا اتخاذ الإجراءات اللازمة مرحلة بمرحلة». وأكد أن بلاده أرسلت «مستشاريها» إلى العراق وسوريا «بطلب من بغداد ودمشق، وقد دخلت إيران هذه الحرب بكل ما أوتيت من قوة»، معلناً رفضه «دخول القوات المسلحة الأجنبية إلى أي من دول المنطقة من دون إذن قانوني من حكوماتها». وقال: «نحن بدورنا دخلنا سوريا والعراق بإذن من حكومتيهما وسنبقى نحارب الإرهاب في سوريا ما دامت الحكومة الشرعية تطلب منا ذلك».
من جانبه، أعلن رئيس أركان الجيش العراقي، عثمان الغانمي، أن أمن الحدود بين سوريا والعراق مهم جداً، وهو «ممسوك» من قِبل القوات الأمنية العراقية وقوات النظام السوري، معلناً أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد فتح المنفذ الحدودي بين العراق وسوريا، واستمرار الزيارات والتجارة بين البلدين. وأشار إلى استمرار التنسيق بين سوريا والعراق «من خلال مركز المعلومات الذي تم إنشاؤه». وشدد على أن فتح المنافذ الحدودية «أمر مهم وحساس للمبادلات التجارية ولتنقل السياح والزوار الإيرانيين انطلاقاً من الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى العراق ومن العراق إلى سوريا»، بحسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
ويشار إلى أن دمشق لم تعلن رسمياً عن الاجتماع العسكري بشكل مسبق، في حين أعلنت عنه كل من إيران والعراق، ولم تذكر سوريا تفاصيل عن المواضيع التي ستُطرح خلال الاجتماعات التي تستمر يومين.
ميدانياً، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية، أن «قوات سوريا الديمقراطية» عملت أمس (الاثنين) على تضييق الخناق أكثر فأكثر على مقاتلي تنظيم «داعش» المحاصرين في شرق سوريا، تزامناً مع خوضها اشتباكات عنيفة، واستهدافها بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية، جيبهم الأخير في الباغوز.
وأتى تصعيد العمليات العسكرية غداة إعلان هذه الفصائل، أن لا مهلة زمنية محددة لانتهاء المعركة، مع ترجيحها وجود الآلاف وبينهم مقاتلون رافضون للاستسلام داخل الجيب المحاصر. وقال مسؤول كردي في «قوات سوريا الديمقراطية» لوكالة الصحافة الفرنسية، الاثنين، في الباغوز: «تقدمت قواتنا داخل المخيم ليلاً وسيطرت على مبانٍ عدة، قبل أن تتابع تقدمها صباح الاثنين وتطوق (داعش) من ثلاث جهات» بينما يوجد نهر الفرات من الجهة الرابعة.
ويقتصر وجود التنظيم حالياً في الباغوز، الواقعة على الضفاف الشرقية لنهر الفرات، على مخيم عشوائي محاط بأراضٍ زراعية تمتد حتى الحدود العراقية.
ومن على جرف صخري مطل على الباغوز، شاهدت صحافية في وكالة الصحافة الفرنسية سحباً من الدخان تتصاعد من المخيم بمحاذاة النهر. وكان أحد مقاتلي «قوات سوريا الديمقراطية» يرصد بمنظار تحركات مقاتلي التنظيم المتوارين بين خيم وشاحنات صغيرة متوقفة قربها، ثم ينادي زميله ليسارع إلى إطلاق النار. يفرغ الأخير ذخيرته ثم يأخذ مقاتل آخر مكانه، بينما يُسمع دوي طلقات رشاشة وقذائف مدفعية من محاور أخرى.
في الوقت ذاته، شنّت طائرات التحالف ضربتين على الأقل بمحاذاة النهر بعد رصد تحركات لمقاتلين من التنظيم قرب جسر مدمر كان يربط ضفتي الفرات.
وقال المتحدث باسم التحالف الدولي، شون راين، للوكالة الفرنسية، أمس: إن «الهجوم البري لـ(قوات سوريا الديمقراطية) كان فعالاً للغاية»، موضحاً أن هذه القوات «تواصل اتباع مقاربة مدروسة ومنهجية لإنهاء آخر مناطق سيطرة (داعش)».