بيونغ يانغ تهدد بتعليق محادثاتها النووية مع واشنطن

هددت بيونغ يانغ أمس من أنها بصدد تعليق مفاوضاتها النووية مع واشنطن، معتبرة أن المحادثات أصبحت غير مجدية بسبب طلبات الولايات المتحدة غير المعقولة. ويأتي التحذير الكوري الشمالي بينما تم مؤخرا رصد تجدد الأنشطة في موقع كوري شمالي لإطلاق الصواريخ، الأمر الذي أثار قلقا دوليا بشأن احتمال أن تكون بيونغ يونغ تستعد لإطلاق صاروخ بعيد المدى. وقالت مساعدة وزير الخارجية الكوري الشمالي تشوي سون هوي في تصريح أمام صحافيين ودبلوماسيين أجانب في بيونغ يانغ، بأن كيم جونغ أون سيدلي قريبا بتصريح رسمي بهذا الصدد. ونقلت «تاس» الروسية أمس الجمعة عن تشوي سون هوي قولها «لا نية لدينا للرضوخ بأي طريقة لطلبات الولايات المتحدة، كما أننا لسنا مستعدين للانخراط في مفاوضات من هذا النوع». جاءت هذه التصريحات بعد فشل قمة هانوي بين الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون والرئيس الأميركي دونالد ترمب. وكانت قد عقدت الآمال على القمة الثانية بين ترمب وكيم من أجل نزع سلاح كوريا الشمالية النووي ورفع العقوبات الدولية المفروضة عليها. إلا أن تمسك الولايات المتحدة خلال القمة التي عقدت في العاصمة الفيتنامية في نهاية فبراير (شباط) بنزع السلاح أولا رفض من قبل الزعيم الكوري الشمالي. وتريد واشنطن «اتفاقا كبيرا» يتيح نزعا للسلاح النووي لكوريا الشمالية بشكل نهائي ويمكن التثبت منه بالكامل «مقابل رفع العقوبات التي تخنق اقتصاد بيونغ يانغ». وخلال قمة هانوي اقترح الزعيم الكوري الشمالي تفكيك مجمع «يونغبيون» النووي مقابل رفع العقوبات الرئيسية. لكن ترمب رفض المقترح معتبرا أنه غير كاف.
وتزامنت تصريحات كوريا الشمالية مع ما رصده جهاز الاستخبارات الكوري الجنوبي حول «أنشطة خاصة» في مركز لأبحاث الصواريخ في كوريا الشمالية، حسبما ذكرت وكالة أنباء بلومبرغ. ونقلت الوكالة عن وسائل إعلام كورية جنوبية أن سو هون مدير الاستخبارات الكورية الجنوبية قال إنه تم اكتشاف مركبات تنقل إمدادات إلى مركز سانومدونج للصواريخ، وهو منشأة لإنتاج وتجميع الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي يمكنها الوصول إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة. ولم يتضح ما إذا كان ذلك النشاط قد تم قبل أو بعد القمة.
وانتقدت مساعدة وزير الخارجية الكوري الشمالي موقفي وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جون بولتون، كما نقلت عنها الوكالة الألمانية، معتبرة أنهما «أشاعا مناخا من العداء والتحدي» ما «يعرقل (...) الجهود البناءة» لكيم وترمب. وتابعت تشوي سون هوي التي كانت حاضرة في هانوي أن ذلك أدى إلى «انتهاء القمة دون نتيجة تذكر». وتشكل هذه التصريحات تغيرا في لهجة كوريا الشمالية في حين عبر الطرفان عن نيتهما مواصلة المباحثات بعد القمة.
وكانت قد أعربت واشنطن الخميس عن اعتقادها بأنّها قادرة على التوصّل إلى «نزع السلاح النووي من كوريا الشماليّة بشكل نهائي وكامل» بحلول نهاية ولاية الرئيس ترمب، وذلك بعد أن أعلن خبراء أميركيّون أنّ موقعاً لإطلاق الصواريخ كانت بيونغ يانغ بدأت تفكيكه بات «نشطا» من جديد. واستناداً إلى صور جديدة التقطتها الأربعاء أقمار صناعيّة، أكّد مركز الدراسات الاستراتيجيّة والدوليّة وموقع «38 نورث» أنّ موقع سوهي «بات نشطا مجدّداً». كما ذكر تقرير للموقع أنّه «استناداً إلى الإنشاءات، إضافة إلى النشاط في مناطق أخرى للموقع، يبدو «سوهي» قد عاد لما كان عليه سابقا». وأعلن مسؤول أميركي طلب عدم كشف هوّيته، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنّ بلاده قادرة على نزع نهائي وكامل للسلاح النووي من كوريا الشماليّة بحلول نهاية الولاية الحاليّة لترمب يناير (كانون الثاني) كانون الثاني 2021. وأكّد المسؤول الأميركي أنّ واشنطن ستطلب من بيونغ يانغ «توضيحات» حول أسباب إعادة بناء موقع لإطلاق الصواريخ البعيدة المدى، مشيراً إلى أنّ الإدارة الأميركية لم تتوصّل حتى الآن إلى «أي استنتاج محدّد في شأن ما يجري هناك». ولدى سؤال ترمب الخميس عن موقفه من المعلومات التي تُشير إلى معاودة العمل بالموقع الكوري الشمالي، أجاب بمواربة قائلاً «سنرى، سنبلغكم بعد نحو عام». ورغم التصريحات الأخيرة حول تعليق المحادثات حاولت الرئاسة في سيول التقليل من أهميتها معتبرة أنه «من السابق لأوانه تقييم الوضع الحالي فقط اعتمادا على تصريحات تشوي»، مضيفة أن كوريا الجنوبية مستمرة في العمل من أجل استئناف المباحثات.
وعقدت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة اجتماع مجموعة العمل المشتركة بينهما حول كوريا الشمالية الخميس في واشنطن، طبقا لما ذكرته شبكة «كيه.بي.إس. وورلد» الإذاعية الكورية الجنوبية. وصرح مصدر مسؤول في وزارة الخارجية في سيول بأن البلدين
تبادلا المعلومات حول مشروعات التعاون بين الكوريتين والتقييمات حول الأنشطة الأخيرة في موقع الاختبارات الصاروخية في كوريا الشمالية، والمشروعات الاقتصادية بين الكوريتين، بما في ذلك زيارة رجال أعمال كوريين جنوبيين إلى كوريا الشمالية.
وقالت وزارة الوحدة الكورية الجنوبية الثلاثاء، إن سيول سوف تسعى إلى إجراء محادثات مع جارتها الشمالية خلال هذا العام، من أجل تعميق العلاقات بين الكوريتين، والمساعدة في المضي قدما في محادثات نزع السلاح النووي. ونقلت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية (يونهاب) عن الوزارة تقريرا لها يوضح بالتفصيل اتجاه سياستها لعام 2019 وجاء في التقرير: «سنسعى من خلال التنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة، إلى إجراء محادثات بين الكوريتين لمساعدة الولايات المتحدة وكوريا الشمالية على عقد اجتماع مرة أخرى، والتوصل إلى اتفاق بشأن نزع السلاح النووي والإجراءات المقابلة». وقالت الوزارة إن الحكومة سوف تواصل جهودها من أجل إجراء «اتصالات وثيقة بين قيادتي الكوريتين»، لتطوير العلاقات بين البلدين وإحلال السلام في شبه الجزيرة الكورية.
قال مكتب رئيس كوريا الجنوبية مون جيه - إن إن الرئيس عين كيم يون تشول وزيرا جديدا للوحدة، كان قد عمل أستاذا للدراسات الكورية الشمالية ويتولى رئاسة معهد كوريا للوحدة الوطنية الذي تديره الدولة ويحظى بثقة مون منذ فترة طويلة. وقال مسؤولون إن تعيين كيم يون تشول، 55 عاما، وهو مؤيد قوي للمصالحة الكورية ربما يساهم بشكل أكبر في تحسين العلاقات مع كوريا الشمالية. ويقول بعض المحللين إن التعيين قد يشير أيضا إلى خلافات عميقة داخل حكومة مون ويزيد المخاوف الأميركية من أن الجنوب ربما يتحرك بسرعة كبيرة للغاية مع الشمال.