توقعات بازدهار السوق العقارية المصرية وزيادة الاستثمار الأجنبي

توقع خبراء في التسويق العقاري، أن تشهد السوق العقارية المصرية في العامين المقبلين ازدهاراً على مستوى الطلب، وزيادة الاستثمار الأجنبي خصوصاً في قطاعات الفنادق وتجارة التجزئة، مشيرين إلى ما اعتبروه «فرصاً لا بد من استغلالها» في مجال المكاتب التجارية وأماكن العمل المرنة، التي أصبحت أحد الأشكال الأكثر طلباً في السوق العقارية العالمية، في ظل التغيرات التي تشهدها سوق العمل.
وقال أيمن سامي، مدير شركة «جي إل إل» للاستثمارات والاستشارات العقارية في مصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك الكثير من الفرص في السوق العقارية المصرية، والتي ينبغي العمل على استثمارها واستغلالها، للتعامل مع زيادة المنافسة، فعندما تزداد التنافسية في السوق يبدأ الناس في البحث عن الحلول»، مشيراً إلى أن «تصدير العقار هو أحد الحلول المطروحة حالياً من جانب الحكومة المصرية».
وأضاف سامي أن «السوق العقارية المصرية تشهد تباطؤاً في حركة البيع نتيجة زيادة المعروض بشكل لم يَعْتدْ عليه السوق، ففي القاهرة وحدها تم إنشاء 40 ألف وحدة سكنية، وهو رقم لم يتكرر في مصر، حيث كان المعدل السنوي 15 ألف وحدة سكنية»، مشيراً إلى أن «هذه الزيادة أدت بالتبعية إلى زيادة العروض والتسهيلات».
وتابع: «في هذه اللحظة لا بد من الإبداع العقاري، وإذا كان المطورون في القطاع السكني يتجهون لتصدير العقار، فيجب الاهتمام بكيفية بيع قصة العقار وقصة مصر للعميل الأجنبي، مع تسهيل عملية امتلاك العقار، وتوفير خدمات ما بعد البيع»، وقال: «في المقابل لا بد من التفكير في القطاعات الأخرى وهي القطاع التجاري والإداري».
وأعلنت شركة «جي إل إل»، في مؤتمر صحافي عقدته أخيراً بالقاهرة، تقريرها حول السوق العقارية في القاهرة، وأكدت أن «القطاع السكني في مصر سيواصل خلال العام الجاري أداءه الإيجابي الذي حققه خلال 2018»، مشيراً إلى أنه «على الرغم من أن السمة الأولى خلال العام الماضي كانت تريث المشترين لشراء وحدات مباشرة من المطورين، مما أدى إلى ارتفاع الطلب على تأجير الوحدات السكنية بفضل زيادة الطلب على المساكن المؤقتة، فإن المؤشرات إيجابية في العام الجاري، الذي سيشهد اتجاهاً نحو شراء العقارات بسبب انخفاض نسبة الدفعة الأولى عند الشراء وبرامج التسديد المرنة، فضلاً عن تعدد الخيارات في كل من المدن الرئيسية والساحلية».
وقال سامي إنه «عند مقارنة العاصمة المصرية بمدن عالمية مثل باريس، ولندن، ونيويورك، ومدريد، وإسطنبول، تظل القاهرة واحدة من أكثر المدن استقراراً وجاذبية خلال هذا العام، بفضل أسعارها التنافسية، وانخفاض تكلفة المعيشة واستقرار المناخ السياسي».
وأكد سامي أن «السوق العقارية المصرية في مرحلة صعود بعد فترة ركود خلال العامين الماضيين بسبب قرار تعويم الجنيه (تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار)»، وقال إن «مصر خرجت من الأزمة بسرعة»، مشيراً إلى أن «القطاع العقاري في مصر يسجل مؤشرات نمو إيجابية في الفترة بين عامي 2019 و2021، ومن المتوقع زيادة جذب الاستثمارات الأجنبية في القطاع العقاري، وإعادة القاهرة إلى مكانتها الدولية بين قائمة المدن العالمية الأكثر جذباً للاستثمار العقاري»، مشيراً إلى «المرونة التي تتمتع بها السوق العقارية المصرية في مواكبة التوجهات العقارية العالمية».
وتوقع سامي أن «تشهد الفترة المقبلة نمواً في الطلب المحلي بفعل زيادة السكان، وتراجع التضخم وانخفاض أسعار الفائدة، وهو ما سيعزز الاستثمارات العقارية ضمن فئات الأصول البديلة، بما فيها الرعاية الصحية والتعليم وقطاع الخدمات اللوجيستية»، على حد تعبيره.
من جانبه أكد عمرو أبو علم، رئيس شركة «لوتس للاستشارات العقارية»، لـ«الشرق الأوسط»، أن «السوق العقارية المصرية تحتاج للمزيد، وبخاصة في مجالات الخدمات، والمدارس، والمستشفيات، والنوادي، والمراكز التجارية، والمكاتب والوحدات الإدارية»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية تشهد فترة نمو إيجابي».
وأكدت شركة «جي إل إل» في تقريرها وجود اتجاه عالمي نحو فكرة المكاتب المرنة، ومساحات العمل المشتركة، متوقعة أن يشهد هذا المجال نمواً في مصر خلال العامين المقبلين.
وقالت دانا ويليامسون، رئيس قسم المكاتب والمساحات التجارية في «جي إل إل الشرق الأوسط»، إنه مع «تغيير التركيبة السكانية العالمية فمن المتوقع أن تشكل 75% من جيل الألفية وما بعدها القوة العمالية بحلول عام 2025 عالمياً، وهو ما يعزز التوقعات بأن يتم شغل نحو 30 ألف مساحة عمل مشتركة عالمياً، لتضم نحو 5.1 مليون شخص بحلول 2022».
وأضافت ويليامسون أن «هذا التحول يجعل المساحات المكتبية المرنة أحد أهم وأكبر التحولات التي سيشهدها القطاع العقاري في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا»، متوقعة أن «تواكب القاهرة هذا التحول في السنوات المقبلة، باعتبارها واحدة من أسرع المدن في المنطقة لانطلاق المشاريع والشركات الصغيرة والمتوسطة».
وأشارت ويليامسون إلى أن «القاهرة شهدت تنامياً في المساحات المكتبية المرنة خلال عام 2018، لتمثل 0.7% من إجمالي مساحاتها المكتبية، مقارنةً بـ30% في لندن، ومن المتوقع أن تزيد النسبة في المستقبل».
وأكد سامي أن «تغيير شكل المكاتب وشكل تصميماتها أصبح اتجاهاً عالمياً، والمطور العقاري الناجح عليه أن يركض وراء هذه الاتجاهات الجديدة لزيادة استثماراته»، مشدداً على أن «الابتكار هو أفضل طريقة لمواجهة التحديات التي تواجه السوق العقارية في مرحلة عدم اليقين».
من جانبه أوضح أبو علم أنه «رغم زيادة حجم أعمال بعض الشركات فإن أعداد الموظفين قد لا تزيد، وذلك نتيجة للتكنولوجيا والميكنة»، لافتاً إلى «الاتجاه نحو تغيير شكل وتصميمات المكاتب التجارية والإدارية التقليدية، لتصبح مكاتب أكثر مرونة، وأكثر تشاركية في ما يعرف بـ(work space)».
وأشار تقرير شركة «جي إل إل» إلى أنه «من المتوقع أن تزيد نسبة متاجر التجزئة الفارغة في القاهرة خلال 2019 بفضل زيادة المعروض، والتي شكلت زيادة بلغت 10% عام 2018»، وقال إنه «من المتوقع أن يتجه مطورو وملاك مراكز التسوق إلى ابتكار مفاهيم الترفيه الحديثة لتعزيز مستويات الإقبال والإنفاق، معتمدين الاتجاه العالمي في (الترفيه خلال التسوق shop – entertainment) و(الترفيه خلال تناول الطعام eater – tainment)، خصوصاً أن قطاع الطعام هو أكثر قطاعات التجزئة نجاحاً في مصر».
وقال كريج بلمب، مدير وحدة أبحاث «جي إل إل» في الشرق الأوسط، إن «قطاع الفنادق سيشهد المزيد من فرص البيع وإعادة تصنيف العلامات التجارية في العام الجاري، بعد التقدم الذي حققه في العام الماضي، مع زيادة معدل السياحة، وتحسن الظروف الأمنية والسياسية في البلاد»، مشيراً إلى أن «40% من الغرف الفندقية في مصر تدار بشراكات مع أسماء عالمية، وهي نسبة قليلة مقارنةً بدبي مثلاً التي تبلغ فيها نحو 56%، وهذا يوفر فرصة أمام مصر لزيادة الشراكات في هذا المجال، مع تحسن السياحة وافتتاح المتحف المصري الكبير، وتشغيل مطار سفنكس الدولي».
ورصد تقرير «جي إل إل»، «زيادة الطلب على المرافق المتخصصة والخدمات اللوجيستية، مع ظهور مفهوم التجارة الإلكترونية وما تبعه من تحول رقمي على مستوى قطاع سلسلة التوريد»، وقال إن «العام المقبل سيشهد المزيد من الفرص بالنسبة إلى المناطق اللوجيستية في المناطق الحرة الحديثة، ومراكز التوزيع الصناعية بالقرب من الموانئ المائية والجافة مثل قناة السويس، ومحور (القاهرة - كيب تاون)، الذي سيربط مصر بأفريقيا».