فشل المباحثات الثلاثية بشأن «سد النهضة»

فشل وزراء الري والموارد المالية في مصر والسودان وإثيوبيا في التوصل لاتفاق بشأن الخلافات بين الدول الثلاث على مشروع «سد النهضة الإثيوبي»، عقب مباحثات استمرت يومين في الخرطوم.
وتمسك الجانبان؛ الإثيوبي والمصري بموقفيهما، حيث تطالب مصر بتكليف فريق محايد من الخبراء الدوليين يعمل إلى جانب اللجنة المكونة من البلدان الثلاثة، وببحث ورقة «بناء الثقة» التي تحدد توفير ضمانات بألا تضرر دولتا المصبّ (السودان ومصر) من الآثار السلبية لبناء السد، ويرفض الجانب الإثيوبي كلا المقترحين المصريين.
وقال وزير الموارد المائية المصري محمد عبد المطلب في مؤتمر صحافي عقد بالخرطوم، أمس، إن الاجتماع لم يتوصل لاتفاق بشأن تشكيل فريق من الخبراء الدوليين لتقديم النصح للجنة المشتركة المكونة من الدول الثلاث، وورقة المبادئ الخاصة ببناء الثقة، وضمان أن لا تتأثر دولتا المصب من أي آثار سلبية قد تترتب على بناء السد.
وأضاف أن الجانب الإثيوبي تمسك بشروط خاصة، تفرغ مقترح تكوين فريق الخبراء الدوليين من مضمونه، ورفض بحث النقاش حول ورقة المبادئ الخاصة ببناء الثقة بين الدول الثلاث، على الرغم من مراعاة بلاده للموقف الرسمي الإثيوبي، بمراعاة مصالح أي من بلدان الحوض.
وأضاف أن الاجتماع أُنهِي قبل التوصل لاتفاق حول هذه النقاط، بيد أنه أقر استمرار التشاور بين الدول الثلاث في حال التوصل لأي مقترحات تسهم في التوصل لاتفاق حول النقاط الخلافية.
من جهته، قال وزير الكهرباء والموارد المائية السوداني معتز موسى في حديثه للصحافيين إن النقاش كان إيجابيا وسادته روح مسؤولة، وإنهم «ليسوا في حالة تفاوض»، إنما يتحاورون حول أمثل السبل لاتخاذ خطوات متقدمة بشأن توصيات الاجتماعين السابقين.
وأضاف بلهجة دبلوماسية إنه لا يلعب دور الوسيط بين مصر وإثيوبيا، بل دور صاحب الدار، لأن الاجتماعات تُعقد في السودان، وأن البلدان الثلاثة تتناقش بمسؤولية كبرى، ولا توجد «أجواء الوسيط»، وأن السودان عضو أصيل في المباحثات، وأن الأطراف تحتاج للمزيد من الوقت للتوافق على عمل مشترك.
وقال إن مصر والسوداني كدولتين تقعان «أسفل السد»، أكدا مرارا التزامهما بتنمية دول المنطقة، بما لا يضر أي طرف، وهو الموقف المعلن لبلاده من قضية سد المياه.
وذكرت وزارة الموارد المائية والري المصرية، في بيان وزعته فور تعثر مباحثات الخرطوم، وبثته وسائل إعلام مصرية ودولية، إن مصر شاركت بوفد خاص في اجتماع الخرطوم المخصص لتنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدوليين المتعلقة بالآثار السلبية لبناء السد على دول المصب.
وأضاف البيان أن الاجتماع الثالث الذي استمر طوال يومي السبت ونهار الأحد، كان مخصصا لبحث نقطتين لم يجر الاتفاق عليهما في الاجتماع الثاني الذي عُقد في الخرطوم ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ الأولى منهما مقترح مصري بتشكيل فريق من الخبراء الدوليين، يعمل بجانب «اللجنة الثلاثية الإثيوبية - السودانية - المصرية» المقترحة، لمتابعة وإعداد دراسات وفقا لتوصيات لجنة الخبراء الدوليين، لتقديم الرأي الفني المحايد في حالة اختلاف أعضاء اللجنة خلال فترة عملها، ولمدة عام.
وحسب البيان، تتعلق النقطة الثانية بورقة مبادئ خاصة لتعزيز بناء الثقة بين دول حوض نهر النيل الشرقي، وهي مقترح مصري أيضا، ورفض الجانب الإثيوبي إجراء نقاش حولها، وحسب صاحبة المقترح، مصر، فإن الورقة تهدف لتسهيل عمل اللجنة السياسية في ضمان أن لا تأثر دولتا المصب من أي آثار سالبة قد تنجم عن بناء السد.
وأنهى الاجتماع أعماله بصورة مفاجئة، نهار أمس، بعد أن كان مقررا تواصل الجلسات حتى الليل، واتفق الوزراء الثلاثة على استمرار التشاور بينهما للتوصل لمقترحات جديدة تساعد على الوصول لاتفاق.
وشرعت إثيوبيا في تحويل مياه نهر النيل الأزرق، في مايو (أيار) الماضي لبناء السد، الذي يتوقع أن ينتج ستة آلاف ميغاوات من الطاقة الكهربائية، ومن المتوقع اكتمال إنشائه عام 2017.
وأثار هذا المشروع تحفظات مصر التي تطالب باحترام «حقوقها التاريخية» التي تنص عليها اتفاقيتا 1929 و1959، وترى إثيوبيا أن تلك الاتفاقيات وقعت في عهد الاستعمار، ولم تكن طرفا فيها، وتدفع بالاتفاقية التي وقعتها دول حوض النيل في 2010 من دون موافقة مصر والسودان، وتسمح لها بإنجاز المشروع دون انتظار موافقة مسبقة من مصر.
وتخشى مصر من تأثر أنصبتها المائية المقرة وفقا لاتفاقيات مياه النيل، وتعد إنشاء السد «أحد الأهداف الاستراتيجية لإثيوبيا»، وأنه سيلعب دورا عظيما في اجتثاث الفقر منها.
بيد أنها أعلنت أكثر من مرة أنها ملتزمة بحل القضايا العالقة، وبأن يعود السد بفائدة كبيرة للدول الثلاث، ومن دون تأثيرات سلبية على أي منها.
وانحاز السودان علنا ولأول مرة للموقف الإثيوبي بشأن السد، وقال الرئيس البشير، لدى افتتاح شبكة الربط الكهربائي بين إثيوبيا والسودان في الرابع من ديسمبر الماضي، وبحضور رئيس الوزراء الإثيوبي، هايلي ماريام ديسالين، إن مشروع السد سيعود بالفائدة على كل المنطقة، وتعهد بالعمل مع إثيوبيا ومصر لإكماله.