الأردن يساند الموقف الفلسطيني في أزمة مصلى باب الرحمة

عاد إلى تل أبيب وفد سياسي - استخباري رفيع، بعد أن أجرى مفاوضات عاجلة مع السلطات الأردنية، حول أزمة مصلى باب الرحمة، أحد مداخل المسجد الأقصى المبارك، وذلك من دون التوصل إلى تفاهمات كاملة في القضايا المطروحة. وقال مصدر في تل أبيب إن الحكومة الإسرائيلية تتحدث عن «معركة سيادة على محيط البلدة القديمة بين إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية».
وأوضح المصدر أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تسعى إلى تجنب مواجهات واحتجاجات مقدسية يمكن أن يتسع نطاقها، وتحاول التوصل إلى مخرج يفضي إلى العودة إلى إغلاق المصلى بالتدريج و«يمنع المقدسيين من فرض أمر واقع»، ولذلك فقد توجه الوفد الإسرائيلي الرفيع إلى عمّان، برئاسة مستشار الأمن القومي في مكتب رئيس الحكومة، مئير بن شبات. وبحسب هذا المصدر، فإن إسرائيل أصرت خلال المحادثات مع الحكومة الأردنية، ودائرة الأوقاف المقدسية التابعة لها، على أن يتم إغلاق المصلى ولو لفترة قصيرة قبل الشروع بالترميمات، لإثبات سيادتها على الحرم القدسي الشريف، وهو ما رفضه الجانب الأردني الذي يرى نفسه وصياً أول على الأقصى. واشترط الأردنيون أن تستأنف أعمال الترميم في باب الرحمة فوراً، والاستمرار في المفاوضات حتى إيجاد حل.
كما اشترطت إسرائيل أن يعاد إغلاق الباب، وبعد فترة تبدأ الترميمات تحت إشراف خبراء سلطة الآثار لديها، علماً بأن مجلس الأوقاف والشؤون الإسلامية في القدس قال إنه سيشرع في عمليات الترميم والصيانة خلال أيام. وقد رفض الأردن والفلسطينيون هذا الشرط. والأمر الوحيد الذي اتفق الأطراف الثلاثة عليه هو إغلاق المصلى طوال فترة الترميمات التي من المرجح أن تطول.
وخلافاً للمرات السابقة، فإن الإدارة الأميركية لا تلعب دوراً وسيطاً في المباحثات، وذلك لرفض السلطة الفلسطينية التواصل معها.
ونقل التلفزيون الإسرائيلي الرسمي (كان)، مساء الأربعاء، عن مسؤول أردني كبير قوله إنه «توجد بوادر لإيجاد حل مؤقت لأزمة مصلى باب الرحمة»، مبني على السماح لدائرة الأوقاف الإسلامية بإدخال مواد البناء اللازمة إلى المصلى للقيام بأعمال الصيانة والترميم. وأكد المسؤول الأردني أن الخلاف يدور حول آلية إدخال هذه المواد.
إلى ذلك، وعلى الرغم من تحول القدس الشرقية المحتلة إلى شبه ثكنة عسكرية، تملأها دوريات الشرطة وحرس الحدود الإسرائيلية، أدى أكثر من أربعين ألف مواطن من القدس وأراضي عام 48، صلاة الجمعة، أمس، في رحاب المسجد الأقصى المبارك، بما في ذلك مصلى باب الرحمة. كما أدى مئات المواطنين الصلاة في منطقة باب الأسباط أمام مدخل مقبرة باب الرحمة، تضامناً مع عشرات المقدسيين المبعدين عن المسجد المبارك.
وكانت قوات الاحتلال قد ضاعفت حجم قواتها في القدس الشرقية ثلاث مرات لمواجهة احتمال خروج الشباب إلى الصدامات معها، من جراء تفاقم التوتر حول تهديدات إسرائيل بإعادة إغلاق باب الرحمة. وانتشرت هذه القوات في أزقة البلدة القديمة ومحيطها وقامت بتسيير دوريات في الشوارع المتاخمة لسور القدس وداخل البلدة القديمة بالقرب من أبواب المسجد الأقصى، واحتجاز بطاقات مئات الشبان خلال دخولهم للمسجد.
وأكد خطيب الجمعة إسماعيل نواهضة أن «سياسات الاحتلال ستفشل على صخرة الصمود الفلسطينية وصخرة المقدسيين والصامدين الذين يتعرضون لاعتداءات مختلفة من قبل قوات الاحتلال». وقال: «في ظل ما تتعرض له المدينة المقدسة من أحداث جسام، وفي ظل ما يتعرض له المسجد الأقصى من اعتداءات واقتحامات يومية، وفي ظل حملات الإبعاد والاعتقال، ومنع المواطنين من الصلاة في المسجد الأقصى، نؤكد أن القدس عربية إسلامية، وهي مهبط الأنبياء والرسل وقبلة المسلمين الأولى».
وفي الصلاة عند باب الرحمة، قال الشيخ رائد دعنا، إن الأقصى حق خالص للمسلمين، مهما بلغت قرارات الاحتلال الظالمة الهادفة لتفريغه من مصليه. وأضاف: «الاحتلال هو من يمنعنا الصلاة في الأقصى بأمن وأمان، والاحتلال هو من يحمل السلاح وبالقوة يمنعنا من الوصول إلى الأقصى، ونحن لسنا من يدعو للحرب والدماء؛ اتركوا باب الرحمة والأقصى والمشايخ والشبان، ستكون الأمور بخير».
وشدد على ضرورة شد الرحال إلى الأقصى لحمايته من مخططات الاحتلال، ولعدم ترك حراسه وحدهم؛ حيث يتعرضون للاعتقال والإبعاد لفتحهم مصلى باب الرحمة.
وعقب انتهاء الصلاة قامت قوات الاحتلال بدفع وإبعاد المصلين بالقوة عن باب الأسباط لمنعهم من الوصول إلى داخل أسوار القدس القديمة، فيما ردد الشبان هتافات ضد الإبعاد.