تحالفات الأحزاب المصرية تتأسس على قاعدة الموقف من قوى عهد مبارك التقليدية

أعلنت عدة أحزاب مصرية ليبرالية ويسارية في القاهرة أمس عن تشكيل تحالف لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، فيما تستعد أحزاب أخرى ليبرالية ويسارية أيضا للإعلان عن تأسيس جبهة منافسة، مما يضع علامات استفهام حول طبيعة الصراع السياسي في المرحلة المقبلة، الذي يتشكل على قاعدة الموقف من قوى تقليدية هيمنت على البرلمان خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وبينما تعهدت السلطات المصرية بإجراء انتخابات مجلس النواب قبل نهاية العام الحالي، وهي آخر استحقاقات «خارطة المستقبل» التي توافق عليها الجيش مع قوى سياسية عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، الصيف الماضي، شكت أحزاب من تباطؤ في إصدار قوانين لازمة لإجراء الانتخابات منها قانون تقسيم الدوائر. وقال المستشار محمود فوزي المتحدث الرسمي باسم وزارة العدالة الانتقالية لـ«الشرق الأوسط» إن «عدم صدور قانون تقسيم الدوائر لا يمنع من الدعوة للانتخابات، ولا يمنع من عقد التحالفات الانتخابية».
وشكل الرئيس السابق المستشار عدلي منصور لجنة لوضع قانوني انتخابات مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية، وانتهت اللجنة من القانونين لكنها لم تستكمل قانون انتخابات البرلمان الذي يحتاج لقانون مكمل لتقسيم الدوائر. وتعطل عمل اللجنة بعد أن ترك عدد من أعضائها مناصبهم التي تولوها على أساسها عضوية اللجنة، وسط اتهامات من قوى سياسية بسعي السلطات لإرجاء موعد الانتخابات المقرر إجراؤها قبل نهاية العام الحالي.
وقال المستشار فوزي إن أعمال اللجنة المنوط بها إصدار قانون تقسيم الدوائر معلقة حتى إعادة تشكيل اللجنة، بعد أن ترك عضويتها عدد من أعضائها عقب تشكيل الحكومة الجديدة وتقديم مستشار الرئيس السابق للشؤون الدستورية (المستشار علي عوض) استقالته من منصبه.
وأضاف فوزي أن قانون تقسيم الدوائر جاهز بالفعل ومنذ مدة، ولا يحتاج إلا إلى إصداره، كما أنه لا يشكل، من وجهة نظره، عائقا أمام أي من الجهات للشروع في الاستعداد للانتخابات، مشيرا إلى أنه «بإمكان اللجنة العليا للانتخابات بدء عملها وإصدار قراراتها التنفيذية، كما أنه بإمكان الأحزاب البدء في بناء تحالفاتها، ويمكن كذلك دعوة الناخبين».
وتجري الانتخابات البرلمانية المقبلة في مصر بالنظام المختلط بين نظامي الفردي والقائمة بنسبة نحو 75 في المائة للمقاعد الفردية، و25 في المائة للمقاعد بنظام القائمة المطلقة. وأثارت هذه النسبة غضب الأحزاب وعدتها بابا لعودة القوى التقليدية التي هيمنت على البرلمان خلال عقود حكم مبارك.
وتؤسس العلاقة بالقوى التقليدية على ما يبدو شكل التحالفات الانتخابية المقبلة في ظل تراجع فرص الإسلاميين في المنافسة على نيل أغلبية في مجلس النواب المقبل. وأعلنت رموز وقيادات حزبية أمس تدشين «ائتلاف الجبهة المصرية»، وعدته «أكبر تحالف انتخابي» في مصر تحت شعار «معا نبني مصر».
ويضم التحالف الجديد أحزاب «الحركة الوطنية المصرية» الذي يترأسه الفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك ومرشح الرئاسة الأسبق، و«مصر بلدي» و«الشعب الجمهوري» و«المؤتمر» و«التجمع» و«الغد»، إضافة إلى عدد من الائتلافات الشبابية. وتتنوع انتماءات تلك الأحزاب بين التيارات الاشتراكية والليبرالية والقومية.
وقال قادة التحالف الجديد في مؤتمر صحافي عقد بالقاهرة أمس إن المتحالفين اتفقوا على فتح باب الانضمام إلى الائتلاف أمام «كافة المؤمنين بمدنية الدولة الوسطية، ومن يعلن برنامجه السياسي والاقتصادي لتحقيق الأغلبية البرلمانية بهدف خوض الانتخابات البرلمانية لدعم الدولة المدنية والرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي».
ووقع قادة التحالف وثيقة ائتلاف الجبهة المصرية، وقالوا إن الائتلاف سيعلن قريبا عن برنامج سياسي واقتصادي ملزم لمرشحي مجلس النواب من خلال هذا الائتلاف، ويشمل هذا البرنامج تعهدا بسن عدد من القوانين التي تراعي العدالة الاجتماعية التي نص عليها دستور الثورة، وتضييق الفجوة بين الريف والحضر، وتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي، والقضاء على البيروقراطية والروتين الحكومي والفساد، وضمان النزاهة والشفافية ومراقبة أموال الدولة ورفض المحاباة والمحسوبية والوساطات والاستثناءات التي تحرم أصحاب الحق من الحصول على حقوقهم.
وتتشابه إلى حد بعيد «برامج الحد الأدنى» للكتل السياسية التي تتشكل حاليا. ودخلت عدة أحزاب رئيسة في مباحثات لتشكيل تحالف منافس تقوده أحزاب الوفد الليبرالي، و«التحالف الشعبي الاشتراكي»، والمصري الديمقراطي الاجتماعي الاشتراكي الطابع، و«المصريين الأحرار» الليبرالي الذي أسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس، و«التيار الشعبي» الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي. ووضع التحالف الجديد شرط عدم انضمام رموز عهد مبارك أساسا لبناء هذا التحالف.