السودان يجيز قانوناً للشراكة مع القطاع الخاص

بعد مرور أسبوعين على دخول شركات سودانية كبرى في دائرة الاحتجاجات ضد الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد، أجاز مجلس الوزراء قانونا للشراكة مع القطاع الخاص، يتيح لكل أعضائه دون تفرقة، الحصول على فرص عمل في مشروعات الدولة لعام 2019، والمقدرة بنحو 23 مليار دولار.
واجتمع مجلس الوزراء مع اتحاد أصحاب العمل في الخرطوم، في وقت يترقب فيه الشارع السوداني، ما ستفضي إليه الإجراءات الحكومية المنتظرة لكشف ومحاسبة الفساد، ووقف تدهور العملة، وفقا لقانون الطوارئ، الذي سنته البلاد الجمعة الماضية، ضمن إجراءات لوقف وتيرة الاحتجاجات المتصاعدة يوميا في البلاد.
وبينما تساءل عدد كبير من رجال الأعمال السودانيين عن إجازة القانون في هذا التوقيت، اعتبر آخرون أن قانون الشراكة مع القطاع الخاص، والمجاز من عامين في مراحله الأولى من المجلس الوطني (البرلمان)، ولم يفعّل، سيعمل على تهيئة البيئة السياسية والاقتصادية والقانونية في البلاد، لجذب القطاع الخاص للدخول في مشروعات البنى التحتية.
وخصصت الحكومة السودانية للقطاع الخاص وفقا لقانون الشراكة الجديد، 84 في المائة من مشروعاتها التنموية والاستراتيجية، المقدرة تكلفتها بنحو 23 مليون دولار، قبل هبوط الجنيه وتدهوره أمام الدولار العام الماضي، واستمراره في التدهور حتى أمس.
وأكد الدكتور محمد عبد ضوي خبير الاقتصاد والتمويل لـ«الشرق الأوسط»، أهمية الشراكة مع القطاع الخاص، معتبرا أن الإدارة المختصة بهذا الأمر في وزارة المالية هي المعول عليها في إدارة مشروعات الدولة التي يتم التخطيط لها، وذلك عبر تعاقدات الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص.
وبيّن أن القطاع الخاص السوداني لديه دور كبير باعتباره قطاعا سريع العائد، وذا إمكانات كبيرة، مشيرا إلى أن مخاطر المشروعات التي يمكن تنفيذها عبر الشراكة الحكومية مع القطاع الخاص، تتمثل في عدد من المراحل، وهي تحديد المخاطر وتقييمها، ووسائل الحماية منها عبر توزيعها على الشركاء، معتبرا أن إجازة القانون هي المطلب الأول لتهيئة بيئة الشراكة والاستثمار.
ويعتقد رجل الأعمال السوداني معاوية النذير دفع الله، أن إصدار قانون للشراكة مع القطاع الخاص في هذا التوقيت، يضع علامات استفهام حول حقيقة الأمر: «هل هو مجرد شعارات لامتصاص الغضب العارم، حيث إن الشراكة الحقيقية تتطلب أن تقدم الدولة تسهيلات مالية لرجال الأعمال؟».
وأضاف أن هناك فقدانا للثقة قائما بين القطاع الخاص السوداني والحكومة، خاصة بعد تفشي ظاهرة المحسوبية في ترسية وإعطاء المشروعات الحكومية للشركات، حيث ظلت الواجهة الحزبية، هي المسيطرة على مقاليد الأمور التي تستجد بها الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص. وعين البنك الدولي شركة «كاستاليا» في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016 لمساعدة حكومة السودان في إعداد السياسات الخاصة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، وعمل إطار مؤسسي بينهما. وقدم البنك الدولي للسودان العام الماضي تمويلاً بنحو 150 مليون دولار لدعم المشروع، كما قدم البنك رؤية للسودان، لتعزيز الشراكة مع المانحين، ودعماً لمشروعات التنمية الخاصة بقضية الفقر، بجانب مساعدات في كل المجالات. وسمحت الحكومة السودانية، العام الماضي، للقطاع الخاص بفتح النوافذ التمويلية الدولية لصالح مشروعات الكهرباء والمعادن والنفط والزراعة والصناعة والبنى التحتية. ويتيح القانون الذي صدر بهذا الخصوص للقطاع الخاص الحصول على المزيد من الضمانات العادية والإضافية من الدولة، ووضع برامج لجذب واستقطاب الاستثمارات حول العالم. كما يتيح القانون إنشاء أصول جديدة غير محتكرة للحكومة، وتمويل المشروعات بنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية (بوت)، الذي تقوم فيه الدولة في أثناء فترة الامتياز بدور الرقابة على المشروع، وبعد انتهاء الفترة، واسترداد التكلفة وتحقيق الأرباح، يتم تمليك المشروع للقطاع العام. وساهم غياب القطاع الخاص في إدارة وقيادة العمليات الاستثمارية في البلاد، في تحديات الاستثمار واستقطابها من الخارج، إلا أن قانونا خاصا ما زال أيضاً في دوائر المجلس الوطني (البرلمان)، ينتظر التحريك، وهو قانون معني بالسماح للقطاع الخاص باستقطاب التمويل والاستثمارات الأجنبية التي تدخل في مشروعات التنمية والبنية التحتية التي تقوم بها الدولة.