«أهمية ساني» على رأس دروس كثيرة يجب أن يتعلمها غوارديولا من مواجهة شالكة

إذا كان المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا، قد تعلم شيئاً من مباراة فريقه أمام شالكة الألماني في دور الستة عشر بدوري أبطال أوروبا، فإنه سيكون متعلقاً بالنجم الألماني الشاب ليروي ساني، الذي قرر غوارديولا أن يبقيه على مقاعد البدلاء ولم يدفع به في التشكيلة الأساسية على ملعب «فيلتينس آرينا». وبعيداً عن أي اعتبارات خططية أو تكتيكية، كان قرار غوارديولا يبدو غير منطقي في هذا الشأن، قبل أن يقرر المدير الفني الإسباني تصحيح خطئه ويشرك ساني الذي أسهم في قلب نتيجة المباراة ومساعدة فريقه على تحقيق الفوز بعدما كان متأخراً.
وقبل نهاية المباراة بخمس دقائق فقط، كان مانشستر سيتي متأخراً بهدفين مقابل هدف وحيد، وهي النتيجة التي كان من شأنها أن تؤثر كثيراً على مسيرة الفريق في بطولة دوري أبطال أوروبا، خصوصاً أن مانشستر سيتي دخل هذه المباراة بعد أن تكبد الخسارة في خمس مباريات من آخر ثماني مباريات خاضها خارج ملعبه في إطار الأدوار الإقصائية لدوري أبطال أوروبا. وبالتالي، كان تحقيق الفوز في هذه المباراة أمراً في غاية الأهمية بالنسبة إلى النادي الإنجليزي. صحيح أن خسارة مانشستر سيتي بفارق هدف وحيد خارج ملعبه كانت ستعطيه فرصة كبيرة أيضاً في التأهل لأنه سيلعب المباراة القادمة على ملعبه وبين جماهيره، لكن تحقيق الفوز في ألمانيا بالهدف القاتل الذي أحرزه الجناح الإنجليزي رحيم سترلينغ في آخر دقيقة من عمر المباراة قد أجل الكثير من الأسئلة التي كانت ستُطرح حول أداء ونتائج الفريق في دوري أبطال أوروبا.
وقد أثير عدد من التساؤلات بالفعل قبل بداية المباراة، حيث سُئل غوارديولا يوم الثلاثاء عما إذا كان فشله في الحصول على لقب دوري أبطال أوروبا على مدى السنوات الثماني الماضية يعود إلى أنه قد حصل على هذه البطولة مع فريق برشلونة الذي كان مدججاً بالنجوم، وعلى رأسهم النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي ونجما المنتخب الإسباني تشافي هيرنانديز وإنيستا، في ذلك الوقت. ورد غوارديولا وهو يضحك قائلاً: «أنا آسف، لقد كنت حظوظاً».
وقد كان هذا هو الوقت المناسب بالنسبة إلى غوارديولا لكي يثبت أنه المدير الفني الأبرز في عالم كرة القدم خلال العقد الماضي. لكن شالكة دخل تلك المباراة بحماس كبير، مدفوعاً بالأداء الجيد الذي يقدمه في الدوري الألماني الممتاز هذا الموسم، في الوقت الذي كان يسعى فيه مانشستر سيتي لمواصلة صحوته وأدائه المبهر خلال المباريات الأخيرة. ورغم أن غوارديولا قد نجح في قيادة فريقه لتحقيق الفوز، فإنه قال بعد نهاية المباراة: «لسنا مستعدين للقتال حتى المراحل الأخيرة». وفي الحقيقة، كان هناك عدد من المؤشرات على أنه كان صادقاً في تقييمه لأداء فريقه في هذه المباراة.
وتقدم مانشستر سيتي بهدف مبكر، قبل أن يعود الفريق الألماني ويحرز هدفين من ركلتي جزاء من توقيع نبيل بن طالب. وهنا تظهر مشكلة واضحة للغاية في أداء مانشستر سيتي وتتلخص في أنه عندما ينجح الفريق في التقدم مبكراً فإنه يفقد كثيراً من تركيزه. وقد تكرر هذا الأمر خلال مباراة الفريق أمام نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي الممتاز عندما تقدم المهاجم الأرجنتيني سيرجيو أغويرو بهدف مبكر في بداية المباراة، كما تكرر أمام كريستال بالاس وليستر سيتي أيضاً.
وقبل هدف التعادل الذي أحرزه بن طالب، سمح مانشستر سيتي للاعبي شالكة بشن هجمات خطيرة، وهو الأمر الذي لم يكن نادٍ مثل برشلونة خلال الفترة بين موسمي 2009 و2011 يسمح به للفرق التي يواجهها عندما كان يهيمن على البطولات المحلية والأوروبية. لكن مانشستر سيتي لديه الآن ليروي ساني، الذي ربما لم يقد الفريق بعد للحصول على بطولة أوروبية، لكنه يقدم مستويات رائعة تنبئ بأنه قد يصل يوماً ما إلى المستوى الكبير الذي كان يقدمه نجوم برشلونة تحت قيادة غوارديولا، ولذا استعان به غوارديولا عندما ازدادت الأمور صعوبة من أجل فك شفرات دفاع الفريق الألماني.
وقد أظهرت مباراة مانشستر سيتي أمام شالكة أن تقنية حكم الفيديو المساعد لم تصل بعد إلى المستوى المأمول، لكنها على أي حال باتت ضرورة ملحة في عالم كرة القدم. وظل السؤال الذي يطرحه الجميع هو: هل تقنية حكم الفيديو المساعد مهزلة أم دفعة كبيرة لكرة القدم؟ وللإجابة عن هذا السؤال يمكن الاستشهاد بما حدث بعد مرور 35 دقيقة من عمر مباراة مانشستر سيتي أمام شالكة. فعندما اصطدمت كرة دانيل كاليغوري بالذراع اليمنى لنيكولاس أوتاميندي، لجأ حكم المباراة إلى تقنية حكم الفيديو المساعد. وقد أدى هذا الأمر إلى توقف المباراة لنحو ثلاث دقائق قبل أن يخبر حكام تقنية الفيديو الموجودين في الاستوديو حكم المباراة بأنه يتعين عليه أن يحتسب ركلة جزاء.
وقد أدى هذا الأمر إلى حالة من الجدل الشديد على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب عدم وجود شاشة بجوار خط تماس الملعب بحيث يمكن للحكم رؤية اللعبة مباشرة، وهو الأمر الذي سبب إحراجاً كبيراً لمسؤولي الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا). لكن الشيء المؤكد هو أن هذه المشكلة ستختفي بمجرد أن يتخذ الاتحاد الأوروبي الإجراءات كافة التي تضمن وجود الشاشات وجميع الأدوات المطلوبة لاستخدام هذه التقنية.
لكنّ هناك مشكلة أخرى تتعلق بما إذا كان القرار الذي اتخذه حكم المباراة باحتساب ركلة جزاء صحيحاً أم لا، حيث يرى البعض أن أي حركة يقوم بها أي لاعب قد تبدو «متعمدة» عندما يتم إعادتها بالتصوير البطيء ومن زوايا مختلفة. وفي حالة أوتاميندي، هل كانت هناك فرصة أمام اللاعب لإبعاد يديه عن طريق الكرة التي سددها كاليغوري؟ لكن هذا هو جمال تقنية حكم الفيديو المساعد، لأن كرة القدم كأي لعبة رياضية أخرى تدور حول لحظات من الإثارة والمتعة وتقدم نقاطاً وأموراً تظل مثيرة للجدل حتى بعد نهاية المباراة.
دعونا نتفق في البداية على أنه لا يوجد شيء كامل ومثالي، لكن أن تجلس في ملعب شالكة في مباراة مهمة في دوري أبطال أوروبا وتنتظر لتعرف ما إذا كان الفريق الخاسر سيحصل على فرصة لإحراز هدف التعادل أم لا، هو أمر مثير للغاية في حقيقة الأمر.
وعندما وصل القرار لحكم المباراة لم يكن أحد يعرف ما الذي سيحدث بالضبط، وهو ما يزيد الأمر إثارة ومتعة أيضاً. وفي النهاية، احتسب حكم المباراة ركلة جزاء لصالح نادي شالكة، وأحرز نبيل بن طالب هدف التعادل. وعندما سئل غوارديولا عن تقنية حكم الفيديو المساعد بعد نهاية المباراة، رد قائلاً: «لقد كانت ركلة جزاء، وكان الحكام بحاجة إلى مزيد من المساعدة».
وعلى بُعد أكثر من ألف ميل من ملعب مباراة مانشستر سيتي وشالكة، كانت تقنية حكم الفيديو المساعد حاضرة أيضاً بقوة على ملعب «واندا ميتروبوليتانو»، الذي احتضن مباراة أتليتكو مدريد الإسباني ويوفنتوس الإيطالي، حيث احتسب الحكم في البداية ركلة جزاء لصالح أتليتكو مدريد عندما تعرض دييغو كوستا للعرقلة، قبل أن يلجأ حكم المباراة إلى تقنية حكم الفيديو المساعد ويقرر احتساب الكرة خطأ من خارج منطقة الجزاء. وتكرر الأمر أيضاً في لعبة خطيرة لألفارو موراتا.
وبالتالي، لو لم تنتهِ المباراة بفوز أتليتكو مدريد بهدفين دون رد، لظل جمهور النادي يندب حظه ويشكو من تقنية حكم الفيديو المساعد التي حرمت الفريق من هدفين محققين. ومن المؤكد أن متعة كرة القدم تكمن دائماً في الإثارة واختلاف الآراء، ويجب تأكيد أن تقنية حكم الفيديو المساعد ستكون أفضل بكثير مع مرور الوقت وإدخال التجهيزات المطلوبة.