سفيان جيلالي: ترشح بوتفليقة إعلان رسمي لوفاة نظامه

أكد سفيان جيلالي، رئيس حزب «جيل جديد» الجزائري المعارض، أنه من الصعب التنبؤ بحجم ومسار المظاهرات، التي تمت الدعوة إلى تنظيمها خلال الأيام المقبلة، للتنديد بترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة. لكنه اعتبر أن مجرد خروج احتجاجات هو دليل على أن وعي الشعب الجزائري «لا يزال حياً ولم يتم تغييبه».
وشدد جيلالي (61 عاماً) في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية، على أن «ترشح بوتفليقة للانتخابات المقررة في أبريل (نيسان) المقبل لا يعد إعلاناً لوفاة الحياة السياسية في الجزائر، وإنما لوفاة نظامه، الذي اختفى التوافق بين أقطابه بصورة جعلتهم عاجزين عن تقديم مرشح بديل، يضمن مصالحهم في السلطة والثروة، فاضطروا مجدداً للاختباء خلف رئيس مريض ومقعد، ولا يملك من أمره الكثير».
وزاد جيلالي موضحاً: «قد يكون فوز بوتفليقة محسوماً بالتزوير كالعادة... لكن بالمقابل بدأ الشعب الجزائري يكسر حاجز الصمت، وكتابة شهادة ميلاد جديدة له... ونحن واثقون من أن المظاهرات ستكون كافية لإيصال رسالة برفض الجزائريين للعهدة الخامسة، وما يعلقه النظام عليها من خطط كإجراء تعديلات دستورية».
وبخصوص التأثير الذي يمكن أن تلعبه المظاهرات في إيصال صوت الشعب للحكومة، قال جيلالي إن «خوف الجماعة الحاكمة من المظاهرات واضح، وهو ما ظهر من تعاملها مع الاحتجاجات، التي خرجت مؤخراً بعدد من الولايات. لقد أدركوا أن حاجز الخوف انكسر، وأنه لا عودة للوراء، ولذا يحاولون استباق المظاهرات المتوقعة، الجمعة (اليوم) والأحد، بالدعوة لتغليب العقل والحكمة وعدم الاحتكام للشارع، ورفض مطالب القطيعة مع الانتخابات والنظام».
وبخصوص موقفه من الاجتماع، الذي عقدته أحزاب المعارضة أول من أمس، قال جيلالي إن فشلها في التوصل إلى اتفاق بشأن اختيار مرشح توافقي لخوض انتخابات الرئاسة «كان متوقعاً»، خاصة في ظل اعتقاد كل طرف بأنه الأقوى والأجدر. وقال بهذا الخصوص: «لقد كان فشلهم في التوحد متوقعاً... فرغم أن المرشحين الثلاثة البارزين لا يملكون أرصدة شعبية واسعة تضمن لهم الفوز، فإن كل واحد منهم يرى أنه الأجدر، ولا بد أن ينسحب الآخرون لأجله، ما يسهل مهمة النظام»، في إشارة منه للواء المتقاعد علي غديري، ورئيس «حركة مجتمع السلم» (حمس) الإسلامية عبد الرزاق مقري، ورئيس الوزراء الأسبق رئيس حزب «طلائع الحريات» علي بن فليس.
وحول الجدل الكبير الذي أثاره ترشح غديري، على اعتبار أنه قادم من المؤسسة العسكرية، قال جيلالي: «هناك شائعات وأحاديث كثيرة صاحبت ترشح الرجل، كالقول إنه المرشح الحقيقي للنظام والدولة العميقة، وإن كل ما نشهده تمثيلية ستنتهي لصالحه... لكن واقع الحال يقول إنه رغم إمكانية أن يحصل غديري على دعم بعض العسكريين الرافضين للعهدة الخامسة، انطلاقاً من التخوف من أنها قد تقود لانهيار النظام برمته، فإن النظام لو كان يريد ترشيح أحد لاختار من بين شخصيات قوية من داخله، مثل قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح، ورئيس الوزراء أحمد أو يحيى، وباقي قيادات الحزب الحاكم، وأحزاب الموالاة، وكبار رجال الأعمال، أو من بين عائلة بوتفليقة... لكنهم فشلوا كما قلت في التوافق على أحد، فاختاروا بقاء بوتفليقة، ولو كصورة أمام الرأي العام».
وبخصوص توقعاته لتوجه تصويت قوات الجيش والأمن، أوضح جيلالي أن «أفراد الجيش والقوى الأمنية شكلوا دائماً كتلة تصويتية وازنة، توجه لدعم مرشح السلطة، خاصة أن عددهم مع عائلاتهم يقترب من مليونين، من بين 22 مليون مواطن يحق لهم الانتخاب، إلا أنني أتوقع أن تشهد هذه الانتخابات تغيراً، وإن كان لا يزال محدوداً».
أما فيما يتعلق بـ«الإسلاميين»، فقد وصف جيلالي قرارهم بالمشاركة في الانتخابات بـ«الأداء المصطنع الممزوج بالنفاق السياسي». وشدد على أنهم «ورقة بيد النظام، وليسوا بديلاً حقيقياً... لذا هبوا لنجدته كعادتهم بإعلان المشاركة في الانتخابات لتصوير الأخيرة أمام الرأي العام على أنها استحقاق ديمقراطي، ومن ثم يعودون لحضن السلطة والنظام، ويأخذون نصيبهم من الغنائم». وقال بهذا الخصوص: «رئيس حركة مجتمع السلم يغير دائماً مواقفه، بما يتناسب وتطورات الأوضاع، وهو ما يوقعه في تناقضات... فقبل فترة دعا لمبادرة يتم فيها تأجيل الانتخابات لمدة عام، يظل فيها بوتفليقة في الحكم... وعندما فشلت، ترشح بنفسه للانتخابات، وأصبح يقول إن الرئيس غير قادر على ممارسة مهامه بسبب تدهور صحته... إنهم يتصورون أن رفعهم شعارات معارضة قد يكسبهم قدراً من المصداقية... لكن الشعب سئم من هذا، كما سئم من عودة الوجوه القديمة الموالية للرئيس، والتي لا تنفك عن التذكير بتاريخه النضالي أو إنجازاته، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال، الذي عين مؤخراً مديراً لحملة بوتفليقة الانتخابية».
واعتبر جيلالي أن مقترح «الخروج الآمن لبوتفليقة» قد تجاوزه الزمن بإعلان ترشحه للرئاسة، مشدداً على أن الحل المتاح والأفضل للجميع الآن هو «انسحاب الرجل، قبل قيام المجلس الدستوري بالإعلان عن القائمة الرسمية للمرشحين منتصف الشهر المقبل»، موضحاً أن «الانسحاب قد يحل الأزمة... وإن كان خياراً مستبعداً، لأن الرجل فاقد لقراره، ويتم التحكم به من جانب عدد من الأشخاص، من بينهم شقيقه ومستشاره الخاص السعيد بوتفليقة، الذي يحظى بنفوذ واسع قد يمكنه وباقي العائلة من التدخل بعملية اختيار نائب رئيس الجمهورية عند استحداث المنصب»، واستدرك بالتأكيد على أنه «لم يتم حتى الآن الاتفاق على هوية المرشح لهذا المنصب، وإلا لكانوا دفعوا به من الأساس لخوض الانتخابات».
وحول موقف أوروبا، وتحديداً فرنسا من دعم العهدة الخامسة، قال جيلالي: «إنهم يدعمون بوتفليقة، ولكن بشكل غير مباشر، للحفاظ على مصالحهم».
واختتم جيلالي بالتأكيد على وجود مخاوف حقيقية على الجزائر من استمرار الوضع السياسي الراهن، وقال إن «هناك مخاوف حقيقية من استمرار الوضع الراهن، الذي قاد إلى تآكل احتياطات العملة الأجنبية لتصل إلى 7.‏79 مليار دولار، بعد أن كانت في حدود 200 مليار دولار عام 2014. ما ينذر بسنوات عجاف قادمة، قد تدفع بمزيد من الشباب الجزائري للهجرة غير الشرعية بكل أخطارها».