بوتين مستعد لـ {أزمة صواريخ كوبية} أخرى مع واشنطن

حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن موسكو سترد على أي تحرك أميركي لنشر صواريخ جديدة في أماكن أقرب لروسيا، بوضع صواريخها في مواقع أقرب للولايات المتحدة أو بنشر صواريخ أسرع أو بالخيارين معا، مذكرا العالم بأزمة الصواريخ بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في ستينات القرن الماضي مما أدى إلى اندلاع أزمة دفعت العالم إلى شفا حرب نووية. وقال بوتين إن بلاده مستعدة عسكريا لأزمة على غرار أزمة الصواريخ الكوبية إذا كانت الولايات المتحدة حمقاء بشكل يجعلها تريد أزمة مثل هذه. وأضاف أن بلاده لديها الأفضلية حاليا بشأن المبادرة بتنفيذ ضربة نووية.
وكشف بوتين للمرة الأولى عن تفاصيل إنذاره، التي أدلى بها لوسائل إعلام روسية في وقت متأخر من مساء الأربعاء، قائلا إن روسيا قد تنشر صواريخ سرعتها تفوق سرعة الصوت خمس مرات أو أكثر على متن سفن وغواصات يمكنها البقاء خارج المياه الإقليمية للولايات المتحدة إذا تحركت واشنطن الآن لنشر أسلحة نووية متوسطة المدى في أوروبا. ووصفت وزارة الخارجية الأميركية تحذيرا سابقا وجهه بوتين بأنه دعاية تهدف إلى صرف الانتباه عن اتهامات واشنطن لموسكو بانتهاك معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى. والمعاهدة، التي تحظر على البلدين نشر صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى تنطلق من البر في أوروبا، في طريقها للانهيار مما يثير احتمال بدء سباق تسلح جديد بين واشنطن وموسكو.
وتفجرت أزمة الصواريخ الكوبية في عام 1962 عندما ردت موسكو على نشر الولايات المتحدة صواريخ في تركيا بإرسال صواريخ باليستية إلى كوبا، مما أدى إلى اندلاع أزمة دفعت العالم إلى شفا حرب نووية.
وأضاف بوتين في نص مكتوب لدى الكرملين للتصريحات «(نتحدث عن) مركبات نقل بحرية: غواصات أو سفن. ويمكننا وضعها في مياه محايدة... نظرا لسرعة ومدى (صواريخنا). كما أنها ليست ثابتة بل تتحرك وسيكون عليهم العثور عليها». وأضاف «احسبوا أنتم الأمر. (سرعة الصواريخ) تسعة ماخات (أسرع من الصوت تسع مرات) و(مداها) أكثر من ألف كيلومتر». وقال بوتين إن رده البحري على نشر واشنطن صواريخ جديدة في أوروبا يعني تمكن روسيا من توجيه ضربة للولايات المتحدة على نحو أسرع من قدرة الصواريخ الأميركية على ضرب موسكو لأن مدة تحليق الصواريخ ستكون أقصر.
وأضاف «(الحسابات) ليست في صالحهم، على الأقل وفقا لما هو عليه الحال الآن».
وذكر بوتين أن العلاقات بين موسكو وواشنطن تدهورت لكن التوتر ليس مماثلا للذي نجم عن أزمة الصواريخ الكوبية. وأضاف «(التوتر) ليس سببا لتصعيد المواجهة إلى مستويات أزمة الصواريخ الكوبية في الستينات. ونحن لا نريد ذلك على أي حال».
وفي سياق متصل دعا وزير الاقتصاد الألماني بيتر التماير أمس الخميس إلى «بداية جديدة» في العلاقات الألمانية - الروسية، في ظل التطورات الصعبة التي تمر بها هذه العلاقات حاليا. وقال التماير أمام مؤتمر اقتصادي ألماني - روسي في العاصمة برلين «نسعى، على الجانبين، إلى مباشرة القضايا المفتوحة». وأكد الوزير الاتحادي أهمية الحوار، وقال: «أوقات العجز عن الكلام كانت طويلة للغاية»، لافتا إلى أن القدرة الاقتصادية في التجارة الألمانية - الروسية لم يتم استغلالها حتى الآن.
ومن جانبه، قال وزير الاقتصاد الروسي مكسيم أورشكين إنه من المهم بناء الثقة تدريجيا، ودعا شركات ألمانية لديها نشاط في روسيا إلى البقاء في بلاده.
يشار إلى أن العقوبات الاقتصادية المفروضة من كلا الجانبين على بعضهما البعض على خلفية الأزمة الأوكرانية تمثل عبئا على العلاقات الاقتصادية، بصفة خاصة. وقال رئيس غرفة التجارة الخارجية الألمانية - الروسية راينر زيله إن الأوساط الاقتصادية تأمل في تسوية النزاع في شرق أوكرانيا، وكذلك في إنهاء قضية العقوبات، وهو أمر طال انتظاره.
ومن جانب آخر قالت منظمة العفو الدولية إن السلطات الروسية تصعب عمل المنظمات غير الحكومية بشكل متزايد. وحسب الأمين العام للمنظمة في ألمانيا، ماركوس بيكو، فإن «السلطات تعمل على وأد عمل المجتمع المدني المستقل ضد الأحوال الاجتماعية السيئة أو التعسف الحكومي في مهده».
يشار إلى أن روسيا تلزم المنظمات غير الحكومية منذ عام 2012 بتسجيل نفسها على أنها «عملاء أجانب»، وذلك إذا كانت تحصل على تمويل مالي من خارج روسيا. وفي حالة عدم تسجيل هذه المنظمات نفسها فإنها قد تتعرض لغرامات مالية ولإغلاق مقارها.
وهناك حتى الآن أكثر من 70 منظمة مسجلة على القائمة الخاصة بوزارة العدل الروسية.
ويعتبر لفظ «عميل» في حد ذاته إساءة لهذه المنظمات، وذلك لما يحمله من خلفية سيئة أيضا في روسيا. وكانت السلطات الروسية قد وضعت الأسبوع الماضي مجموعتين حقوقيتين تابعتين للحقوقي الروسي المرموق، ليف بونوماريوف، ضمن هذه القائمة، وهو ما جعله يكتب على مدونته الخاصة قائلا: «لا نعلم ما ينتظرنا في المستقبل القريب» مشيرا إلى أنه تم تفتيش مكاتب المجموعتين ومصادرة ممتلكات خاصة بهما.