دعوات أوروبية في مجلس الأمن لزيارة الأراضي المحتلة

اقترحت الكويت وإندونيسيا على بقية الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن مشروع بيان يعبر عن "الأسف" حيال "القرار الأحادي" للحكومة الإسرائيلية في شأن عدم تجديد تفويض "التواجد الدولي الموقت في الخليل"، المعروفة اختصاراً بإسم "تيف". بينما دفعت دول عدة، بينها بريطانيا وألمانيا، في اتجاه قيام مجلس الأمن بـ"زيارة ميدانية" إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة للأطلاع على الأوضاع هناك.
وجاء ذلك خلال جلسة مغلقة من خارج جدول الأعمال عقدها المجلس للنظر في قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول إنهاء مهمة المراقبة الدولية التي أنشئت بناء على اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين في 21 يناير (كانون الثاني) 1997، وعقب اتخاذ مجلس الأمن القرار 904 لعام 1994. ويطالب القرار 904 باتخاذ إجراءات لضمان سلامة المدنيين الفلسطينيين وحمايتهم في كل أرجاء الأرض المحتلة، بما في ذلك عبر تواجد دولي أو أجنبي موقت".
وتتألف مهمة المراقبة من 64 عنصراً، وبدأت عملها عقب مجزرة الحرم الإبراهيمي التي ارتكبها المستوطن باروخ غولدشتاين، في 25 فبراير (شباط) 1994، مما أدى الى مقتل 29 من المصلين الفلسطينيين وجرح عشرات آخرين. وتخشى السلطة الفلسطينية الآن من أن يؤدي وقف نشاط المراقبين إلى تدهور الوضع في الخليل وإلحاق الأذى بالسكان العرب في المدينة.
وأضاف مشروع البيان المقترح، أن أعضاء مجلس الأمن "يدركون أهمية تفويض تيف وجهودها لتشجيع الهدوء في منطقة ذات حساسية عالية ووضع هش على الأرض، مما يهدد بمزيد من التدهور، كما تعكسه الدورة المتصاعدة من العنف". وكرر دعوة الطرفين الى "التصرف استناداً الى القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، والاتفاقات والواجبات السابقة، وممارسة الهدوء وضبط النفس عن الأعمال الإستفزازية والتحريض والخطابات النارية"، مشدداً على أن "واجبات إسرائيل، كقوة احتلال، بموجب القانون الدولي هي حماية السكان المدنيين في الخليل، وكذلك في بقية الأرض الفلسطينية المحتلة". ودعا إلى "احترام قراراته ذات الصلة، بما فيها القرار 904 والقرار 2334 لعام 2016، والإتفاقات المعقودة بين الطرفين"، مؤكداً أن "سياسة الإستيطان الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس، غير قانونية بموجب القانون الدولي وتشكل عقبة للتوصل إلى حل الدولتين". وطالب بـ"تكثيف الجهود الدولية والإقليمية للتوصل، من دون مزيد من التأخير، إلى حل سلمي دائم وعادل وشامل يستند إلى قرارات الأمم المتحدة ومبادىء مدريد ومبادرة السلام العربية وخريطة الطريق للرباعية الدولية".
ووضع المشروع هذا تحت "الإجراء الصامت" حتى الساعة (15:00) بعد ظهر الخميس بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة. وإذا لم تعترض عليه أي دولة، يصدر البيان رسمياً. غير أن هناك توقعات بأن تكسر واشنطن هذا "الإجراء الصامت" لتعطيل إصدار البيان.
في غضون ذلك، علمت "الشرق الأوسط" من دبلوماسي في مجلس الأمن، أن "الولايات المتحدة كانت وحيدة في عدم تأييد اقتراح زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة"، علماً أنها "لم تعترض على مبدأ أن يبدأ رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري المندوب الغيني الإستوائي أناتوليو ندونغ مبا مشاورات مع بقية أعضاء المجلس في شأن زيارة من هذا النوع".
وخلال الإجتماع، تعامل المندوب الأميركي مع المسألة من وجهة نظر قانونية معتبراً أن من حق الجانبين، الاسرائيلي والفلسطيني، عدم تمديد مهمة البعثة التي تنتهي مدتها كل ستة اشهر. غير أن ممثلي الكويت وإندونيسيا أكدا أنه "ليس من حق" اسرائيل إنهاء هذه المهمة.
واقترحت بريطانيا فكرة إرسال بعثة من مجلس الأمن إلى الشرق الأوسط، فأيدتها إندونيسيا وجنوب أفريقيا وألمانيا. لكن من الصعب أن يسلك اقتراح كهذا مساراً تنفيذيا من دون موافقة الولايات المتحدة.
وبعد انتهاء الجلسة، قال مبا: "لقد لمسنا جواً من القلق داخل المجلس بخصوص قرار عدم تجديد مهمة تيف، وهو أن يؤدي الى مزيد من التصعيد والتوتر"، مضيفاً أن المجلس كلفه الاجتماع مع المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون والمندوب الدائم لدولة فلسطين المراقبة في الأمم المتحدة رياض منصور من أجل نقل "رسالة تتمثل بإجماع المجلس على ضرورة العمل والحيلولة دون زيادة التوتر والتصعيد".
وقال المندوب الكويتي منصور العتيبي، إن "عديد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن طالبت بالتراجع عن قرار عدم التجديد لبعثة المراقبة في الخليل. ونحن الآن نبحث في إمكان زيارة مجلس الأمن إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة". وأضاف أن "المجلس يبحث هذا الطلب الذي تمّ التقدم به، ولكي يقوم بزيارة أي دولة، هناك حاجة إلى أن يكون هناك إجماع على ذلك داخل المجلس. ونرغب في أن تحصل هذه الزيارة في أقرب فرصة ممكنة، ولكننا الآن نناقشها، ولننتظر النتائج". وأشار إلى "احتمال أن تذهب مجموعة صغيرة من الدول الأعضاء في المجلس وتقوم بالزيارة. مهما يكن القرار والآلية، يجب أن توافق جميع الدول على ذلك".
وقال المندوب الفلسطيني إنه "لا يزال من المبكر الحديث عن الخطوات المحتملة التي يمكن للمجلس أن يتخذها، في حال لم تتفق كل الدول الأعضاء على الزيارة".
وكان المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون قال إنه "بدلاً من إضافة الاستقرار إلى الميدان، تسببت تيف بالاحتكاك مع الجيش وسكان الخليل"، معتبراً أن "لا مكان في إسرائيل لقوة دولية تؤذي جنود الجيش الإسرائيلي، وبالتالي سنقدم إلى مجلس الأمن الحقيقة حول وجودها العدائي في المنطقة".