مصر تحتفل بإنجاز ترميم مقبرة «توت عنخ آمون»

احتفلت وزارة الآثار المصرية، أمس (الخميس)، بانتهاء مشروع ترميم مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون، بمنطقة وادي الملوك بالبر الغربي بالأقصر (جنوب مصر)، الذي استغرق عشر سنوات، بهدف حماية نقوش المقبرة الملونة من الفطريات، ومن تأثير الأتربة وثاني أكسيد الكربون الناتج عن زيادة التوافد السياحي على المكان.
أقيم الاحتفال على مرحلتين الأولى بمتحف التحنيط، بمحافظة الأقصر، حيث تم عرض ملخص تفصيلي لما تم إنجازه في المشروع على مدار عشر سنوات، والثانية في منطقة البر الغربي، للاطلاع على التجهيزات الجديدة التي تم توفيرها بالمقبرة.
وأكد الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، وأحد حضور الاحتفال، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية المشروع الذي نفذه معهد (بول غيتي) الأميركي في الحفاظ على المقبرة»، وقال: «هذا المشروع أنقذ المقبرة التي كانت تعاني من التأثيرات الناتجة عن أنفاس السياح، التي بدأت تؤثر على النقوش الموجودة على جدران المقبرة، وعلى مومياء الفرعون الذهبي، إضافة إلى تأثيرات الأتربة القادمة من خارج المقبرة»، مشيراً إلى أن «بعض جدران المقبرة كانت بها بقع سوداء كنا نعتقد أنها فطريات، ونخشى من انتشارها على باقي الجدران».
وأوضح حواس أنه «عمل مع معهد غيتي على مشروع متكامل لإضاءة وتهوية المقبرة، لا يؤثر عليها وعلى النقوش الموجودة بها، عبر دراسة علمية قام بها المتخصصون»، مشيراً إلى أن «المقبرة لم تُغلق طوال مشروع الترميم»، لافتاً إلى أن «معهد غيتي سبق له تنفيذ أعمال ترميم ومشاريع مهمة في مقبرة نفرتاري، والحفاظ على المومياوات الملكية».
وبدأ معهد «بول غيتي» الأميركي للترميم والصيانة، مشروع ترميم المقبرة بالتعاون مع وزارة الآثار المصرية عام 2009، وتم على عدة مراحل بدأت بعمل الدراسات العلمية لتوثيق المقبرة ونقوشها، ثم عمليات الترميم والحفاظ على نقوش المقبرة الملونة من تأثيرات العوامل المناخية، تلتها عمليات تجهيز المقبرة بأجهزة حديثة للتهوية والإضاءة وقياس درجات الحرارة والرطوبة.
من جانبه قال الدكتور محمد يحيى، مدير منطقة آثار مصر العليا بوزارة الآثار المصرية، إن «التوجه الحالي لوزارة الآثار يرتكز على الترميم»، مطالباً «البعثات الأثرية العاملة بالأقصر، مصريةً كانت أو أجنبية، بالتركيز على الترميم وحماية الآثار المكتشفة»، وأشار إلى «وجود نحو 10 بعثات في الأقصر 6 منها أجنبية».
وأضاف أن «معهد غيتي بدأ مشروع الترميم بعمل دراسة علمية متكاملة، قبل البدء في معالجة الفطريات الموجودة على جدران المقبرة والسيطرة عليها، التي كان يخشى من أن تدمر المقبرة»، مشيراً إلى أن «المشروع تضمن إلى جانب أعمال الترميم، أعمال تجهيزات وصيانة، تضمنت توفير سلم فوق السلم الأثري، وأرضية قبل دخول المقبرة، وإضاءة، وأحدث أجهزة لقراءة الرطوبة والحرارة، وأجهزة تهوية».
وفي فيلم عن عمليات الترميم أعده معهد غيتي، وعُرض في الاحتفال، تحدث حواس، عن الملك الشاب الذي حكم مصر في التاسعة من عمره، وتوفي في التاسعة عشرة، يملك السحر والغموض، ومقبرته فريدة، تأسر قلبك فور دخولها.
بينما قال نيفللي أغنيو، مدير المشروع بمعهد غيتي، إن «الفرعون الشاب توت عنخ آمون الذي حكم في الفترة من 1323 قبل الميلاد إلى 1333 قبل الميلاد، كان محظوظاً في وفاته أكثر من حياته، حيث لم ينجح اللصوص في الوصول إلى مقبرته رغم محاولاتهم العديدة»، مشيراً إلى أن «كارتر وفريقه استغرقوا عشر سنوات لإيجاد المقبرة».
وأوضح كينت ويكس، عالم المصريات، أنه «لا شيء سحر ألباب العالم أكثر من مقبرة توت، وهذا أمر لم يتوقف، لذلك كان لا بد من الحفاظ على هذه الكنوز»، وقال إن «(الآثار) شعرت بالخطر على المقبرة من ملايين الزوار، وكانت هناك مشكلة من البقع السوداء الموجودة على جدرانها».
واكتشف عالم الآثار الإنجليزي هوارد كارتر، المقبرة في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1922، ويعد أعظم الاكتشافات الأثرية، حيث وُجدت المقبرة بكامل محتوياتها، ولم يتعرض أي من كنوز الفرعون الشاب للسرقة أو التلف، حيث عُثر بها على 5398 قطعة أثرية.
وجدد حواس دعوته «لإغلاق المقبرة حفاظاً عليها»، وقال: «لا بد من إغلاق المقبرة، لأن المد السياحي يدمرها، ولو استمرت الزيارة السياحية بهذا المعدل فلن نجد هذه المقبرة بعد ألف عام»، مقترحاً أن «يتم إغلاق المقبرة، وتحويل الزيارات السياحية إلى مستنسخ من المقبرة الذي تم صناعته مؤخراً، أو أن يتم تحديد عدد الزوار، على أن يرافقهم أثري للتأكد من تنفيذ تعليمات معهد غيتي للحفاظ على المقبرة».
وأكد أغنيو أن «تأثيرات السياح على المقبرة كانت واضحة جداً عند بدء عملية الترميم، لأن هذه الزيارات تزيد من الرطوبة، ونسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو، إضافة إلى الأتربة».