منصّة إلكترونية عربية لتعلُّم اليوغا وممارستها في المنزل

لم تكن الفلسطينية شدن نصار من مدينة رام الله تعلم أنّ بحثها عن وسائل لتفريغ الطاقة الداخلية والهروب من صخب الحياة وتوترها سيمر بمرحلة مفصلية ونقلة نوعية، عبر تأسيسها منصة لتعليم "اليوغا" ناطقة باللغة العربية.
نالت نصار - 29 عاماً - البكالوريوس والماجستير في تخصص التسويق والإدارة المالية في بريطانيا وعملت هناك فترة وجيزة، انتقلت بعدها للعمل في الإمارات، لكنّها وجدت أن التسويق على الرغم مما فيه من شغف وحيوية، لم يكن كافيا لتحقيق شيء ما فكرت فيه منذ وقت بعيد.

*بحث عن الحرية
تقول نصار لـ "الشرق الأوسط": "خلال عملي واجهت ضغوطاً كبيرة دفعتني إلى التفكير في طريقة تخفف حدّتها، وتساعدني على تعميق فهمي لذاتي... اليوغا كانت قراري الأول لوعيي المسبق بالراحة التي ينعم بها المرء أثناء ممارستها وبعدها. وقررت آنذاك الالتحاق بأكاديمية أجنبية لتعليم اليوغا".
بعد فترة قررت الشابة الفلسطينية نقل تجربتها إلى آخرين، وتحديدا في فلسطين التي عادت إليها عام 2015: "أردتُ أن أبدأ من مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، ومن القدس والأماكن الأخرى الأكثر توترا".
هكذا، باشرت إقامة مجموعة دورات تدريبية لعدد من النساء، وبينهنّ أمهات شهداء ومعتقلين في السجون الإسرائيلية. وكانت تبدأ عملها معهنّ بشرح مفصّل عن "اليوغا" وفوائدها البدنية والذهنية والنفسية.
"في إحدى المرات بينما كنت أدرب مجموعة نساء، إذا بإحداهن، وهي أم أسير، تبكي حين تحدّثت عمّا أحست به بعد التمرين. تركتها تسترسل حتى انتهت، ومن ثم أخبرتنا أنّها رأت ابنها المعتقل وقد جاء إليها وقدم لها وردة، أسعدتها حد البكاء... هنا شعرت بالفخر لأن رسالتي وصلت بشكلها الصحيح".

*المنصة الأولى
لاحظت نصّار خلالها عملها أن العديد من المشاركين يبحثون عن سبل لتعلّم اليوغا ذاتياً ليستطيعوا ممارساتها في أوقات ومناسبات مختلفة، ولاحظت أن الصعوبة في ذلك تكمن في أن ما هو متوافر على الإنترنت هو بلغات أجنبية. فساهم هذا الأمر في تعزيز فكرة تصميمها منصة عربية لتعليم اليوغا، وقررت الانطلاق بإنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي والترويج لها على المستوى العربي، مستخدمة بذلك أدوات بسيطة. وعن ذلك تقول: "نجحت في ذلك ولدي اليوم أكثر من 25 ألف مشترك على يوتيوب وحققت أكثر من نصف مليون مشاهدة".
تقدم شدن من خلال منصّتها دروساً مختلفة يستطيع من يتبعها ويستوعبها ممارسة تمارين اليوغا ذاتياً، في الوقت والمكان اللذين يختارهما، كما أنّها أصبحت من خلال منصّتها تعلن عن رحلات يوغا وعزل نفسي للتواصل مع الذات في أماكن طبيعية ومفتوحة.
جمهور نصّار من مختلف الدول العربية، ومحلياً معظمه من قطاع غزّة. وهي تعتمد في نشر الدروس والدورات على ما تتلقّاه من طلبات ورسائل من الناس، لكي تعطيهم ما يرغبون فيه.
تقول شدن: "أفراد المجتمعات العربية في حاجة ملحة إلى التركيز أكثر خلال اتخاذ القرارات الواعية، فقد لاحظت أنّ القرار عند الإنسان العربي غالباً ما يرتبط برد فعل على حدث معيّن"، وتضيف أن "اليوغا تساعد بشكل كبير في تخطي تلك المسألة، لأنها تعلّم المرء أن يقوم بفعل مدروس وواعٍ".

من «مبادرة المراسل العربي»