ألمانيا ينقصها ما يزيد على مليون عامل

تعجز الشركات الألمانية حتى اليوم عن معالجة النقص الحاد في اليد العاملة الكفؤة الذي يقدّره الخبراء الألمان بنحو 1.2 مليون عامل.
ومع أن ألمانيا تستقبل عمالاً من دول أوروبية أخرى، وذلك حسب قوانين الاتحاد الأوروبي، إلا أنها لم تنجح بعد في ملء الوظائف الشاغرة، جزئياً، إلا بواسطة طالبي اللجوء السياسي الذين قدموا إليها.
وحسب تقديرات خبراء سوق العمل في العاصمة برلين، فإن نحو ثلث اللاجئين السياسيين القادرين على العمل، أي 28 في المائة منهم، الذين دخلوا الأراضي الألمانية بين عام 2014 وشهر يونيو (حزيران) عام 2018 تم توظيفهم في مجالات مختلفة، كما أن البطالة في صفوف هؤلاء في تراجع متواصل.
وتقول المحللة الاقتصادية الألمانية، غيتا سيفاندر، من هامبورغ: إن حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تأخذ بعين الاعتبار الأضرار الناجمة عن ترك مئات آلاف الوظائف من دون من يشغلُها؛ لذا عمد المسؤولون إلى تفعيل قانون يتعلق بالهجرة من شأنه تسهيل دخول العمال الأجانب غير الأوروبيين إلى ألمانيا، معطياً بذلك فرصة بقاء اللاجئين العاملين في ألمانيا حتى ولو رُفض طلب لجوئهم لدواعٍ سياسية.
وتضيف هذه المحللة: إن البرلمان سوف يعتمد قريباً قانون عمل جديداً. ومن غير المستبعد أن يسبب هذا القانون توترات سياسية جديدة، ولا سيما في ملف الهجرة والمهاجرين، فقد ساعد تدفق المهاجرين بقوة على ألمانيا في جعل شريحة من الرأي العام تتعاطف مع اليمين المتطرٌف.
لكن توسيع نطاق منح تأشيرات العمل إلى غير الأوروبيين ينصب أولاً وأخيراً في مصلحة ألمانيا. فهو يساعد على تلبية مطالب الشركات الألمانية المتعطشة للعمال الأكْفاء، ويعينها على مواصلة استثماراتها على المدى المتوسط. علاوة على ذلك، سيساهم هذا القانون، عبر الضرائب التي ستدفعها هذه الفئة من العمال الجدد، في توطيد نظام الضمان الاجتماعي، والاستمرار في دعم العاطلين عن العمل عبر المساعدة المالية الشهرية اللازمة.
في سياق متصل، تقول الخبيرة الهولندية - الألمانية إيستر فيلديمبرغ من معهد الأبحاث في سوق العمل «إي أي بي»: إن اللاجئين الذين قدموا إلى ألمانيا بين عامي 2015 و2016 يندمجون شيئاً فشيئاً في نظام العمل الإنتاجي الوطني، ويتنامى معدل التوظيف في صفوفهم باطٌراد.
وتردف: «وفق آخر الإحصائيات الصادرة أواخر شهر يوليو (تموز) الماضي يأتي 72 في المائة من لاجئي ألمانيا، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً، من ثمان دول غير أوروبية وهي سوريا، وأفغانستان، وإريتريا، والعراق، وإيران، ونيجيريا، وباكستان، والصومال (...) ووصل معدّل توظيفهم الإجمالي إلى 28 في المائة».
وتتابع: «في الأعوام الأخيرة زاد عدد المهاجرين من هذه الدول بصورة ملحوظة. كما قفز عدد المهاجرين القادرين على العمل وفي انتظار توظيفهم، من 360 ألفاً عام 2014 إلى أكثر من 1.1 مليون في شهر يونيو عام 2018، في مقابل ذلك زاد عدد المهاجرين العاملين في الشركات الألمانية في قطاعات مختلفة من 96 ألفاً في نهاية عام 2015 ليصل إلى 311 ألفاً في منتصف عام 2018».
وتختم الخبيرة إيستر فيلديمبرغ القول بأن ألمانيا في حاجة طارئة إلى دمج المهاجرين واللاجئين غير الأوروبيين داخل أنسجتها الصناعية الإنتاجية للتعويض عن النقص الحاد في عدد العمال الألمان جرّاء التراجع الديموغرافي الحاصل داخل اقتصاد قوي يجب أن يستمر في النمو. ولا يشمل النقص المسجّل في عدد العمال الألمان في أقاليم بجنوب ألمانيا مثل بافاريا وبادن فورتنبرغ فحسب، إنما يطال مقاطعات ألمانيا الشمالية الصناعية. وتعتبر قطاعات الميكانيكا والنقل، والخدمات، منها الخدمات الصحية وتلك الخاصة بالمسنّين، من بين القطاعات الأكثر تأثراً بغياب اليد الكفؤة عنها.