أزمة تصلب المواقف الحزبية تواجه الكونغرس الأميركي

يزور الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الخميس مدينة ماك ألن بولاية تكساس عند الحدود الجنوبية مع المكسيك، ويلتقي مع مسؤولي تنفيذ القانون والحرس الحدودي مع توقعات أن يلقي خطابا آخر حول أمن الحدود وأهمية توفير مبالغ لتمويل بناء الجدار الحدودي. ويتوقف محتوى الخطاب الذي سيلقيه ترمب عند الحدود الجنوبية وما إذا كان سيستخدم ورقة إعلان الطوارئ الوطنية في ذلك الخطاب على نتائج اجتماعاته مع قادة الحزب الجمهوري. ويتناول الاجتماع خطط الحزب لتوفير الدعم المادي والأموال لبناء الجدار الحدودي قبل إنهاء إغلاق الحكومة الفيدرالية.
وتتسلط الأضواء على الدور الذي سيقوم به نائب الرئيس مايك بنس في تلك الاجتماعات حيث ينظر إليه باعتباره حائط الصد الذي يمكن أن يخفف من التصادم بين الرئيس ترمب والديمقراطيين ويمنع الانشقاق في صفوف الحزب الجمهوري خاصة مع تزايد غضب الأميركيين من استمرار الإغلاق الجزئي للحكومة الفيدرالية.

وتشير مصادر بالكونغرس الأميركي إلى أن الجمهوريين بدأ صبرهم ينفد من استمرار إغلاق الحكومة. وأبدى بعض الأعضاء الجمهوريين استعدادهم للسماح بإعادة فتح بعض الوزارات والوكالات الحكومية وتوفير التمويل والميزانية المقررة لها حتى لو لم يتم حل النزاع حول الجدار الحدودي.
ويعتزم الديمقراطيون طرح حزمة من مشاريع القوانين غدا الجمعة، لتوفير التمويل إعادة فتح وزارات وهيئات حكومية مغلقة منها إدارة الضرائب ووزارات الزراعة والخزانة والداخلية وإعادة فتح المتنزهات وبعض برامج النقل والإسكان. وقد سبق أن مرر الديمقراطيون مشروعين لإعادة فتح الحكومة دون تمويل الجدار لكن مجلس الشيوخ الذي يقوده الجمهوريون رفض مناقشة تلك المشاريع.
وتأتي زيارة ترمب للحدود الجنوبية قبل ثلاثة أسابيع من موعد إلقاء خطاب حالة الاتحاد أمام الكونغرس بمجلسيه والمقرر في التاسع والعشرين من يناير (كانون الثاني) الجاري. وتتابعت ردود الفعل حول الخطاب المتلفز الذي ألقاه ترمب مساء الثلاثاء لمدة عشر دقائق في وقت ذروة المشاهدة التلفزيونية حيث أشار الكثير من المحللين إلى أن الرئيس لم يقدم شيئا جديدا في خطابه واعتمد على التخويف وإعلان حالة أزمة إنسانية عند الحدود الجنوبية مطالبا الديمقراطيين بالاستجابة لمطالبه بتوفير 5.7 مليار دولار لتمويل الجدار الحدودي.
ويقول المراقبون إن الرئيس ترمب يجيد استخدام التشويق والإثارة بالإقدام على تقديم هذا الخطاب لمخاطبة الأميركيين والتحايل على الكونغرس من أجل الحصول على أموال بناء الجدار. وقبل خطاب ترمب صرح مايك بنس أن الرئيس يفكر وينظر في إعلان الطوارئ الوطنية. ورغم أن ترمب لم يعلن ذلك في خطابه ولم يلمح إليه إلا أن بعض المحللين يرون أن ترمب يحتفظ بهذا الكارت كورقة أخيرة يمكن اللجوء إليها إذا ما رغب في تغيير قواعد اللعبة.
وخلال الخطاب مساء الثلاثاء، ساق ترمب نفس المبررات والحجج التي قدمها في السابق عبر حسابه على «تويتر» وفي المؤتمرات الصحافية واللقاءات مع الصحافيين وقال إن الوضع على الحدود الجنوبية وصل إلى حد الأزمة واتهم الديمقراطيين بأنهم غير مهتمين بأمن الحدود وقال إنه يمكن حل هذه المشكلة في اجتماع مدته 45 دقيقة مع الديمقراطيين. ووضع ترمب كثيرا من التركيز على الجرائم التي يرتكبها بعض المهاجرين الذين دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني وتساءل عن كم الدمار الذي يجب أن يسفك قبل أن يتحرك الكونغرس ويقوم بعمله. واعترف ترمب أن بلاده ترحب بملايين المهاجرين الشرعيين، وآثار ترمب أيضا بعض الجدل حول استعداده لقبول حاجز فولاذي حديدي بدلا من جدار خرساني لكن لا توجد أي إشارات أن هذا الاقتراح يلقى استجابة أو قبولا من جانب الديمقراطيين.
في المقابل تكلم كل من رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي والسيناتور تشاك تشومر زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ في خطاب تلفزيوني ردا على خطاب ترمب وتحدث كل منهما لمدة دقيقتين فقط متهما ترمب بإثارة الخوف بدلا من تحقيق الوحدة. وتحدثت بيلوسي من مكتبها بمبنى الكابيتول قائلة إن ترمب رفض تشريعا من الحزبين لإعادة فتح الحكومة واتهمت ترمب بإهدار المليارات من الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأميركية لبناء جدار باهظ الثمن وغير فاعل. وطالبت بإعادة فتح الحكومة الفيدرالية أولا ثم الجلوس للتفاوض حول حلول لتأمين الحدود الجنوبية في وقت لاحق.
فيما اتهم السيناتور شومر ترمب باصطناع أزمة وإذكاء المخاوف لصرف الانتباه عن الاضطرابات في إدارته. وقال تشومر: «نحن لا نحكم من خلال نوبات الغضب ولا ينبغي لأي رئيس أن يقلب الطاولة ويطلب الاستجابة لمطالبة وألا يغلق الحكومة، ويمكننا العمل على حل خلافاتنا حول أمن الحدود لكن علينا إنهاء هذا الإغلاق الآن».
وفي مقابل إصرار ترمب على الحصول على تمويل لبناء الجدار أصر القادة الديمقراطيون على رفض توفير التمويل ورفض بناء الجدار الحدودي. ويؤمن الديمقراطيون أن لهم اليد العليا في هذا الجدل، وأنهم يستندون إلى قاعدة عريضة من المناصرين لهم الذين يرفضون بناء السور.
من جانب آخر، ساند قادة الحزب الجمهوري خطاب ترمب ومطالباته ببناء الجدار الحدودي وقال السيناتور ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ إن اقتراح ترمب بزيادة أمن الحدود من خلال بناء الحواجز يتناسب مع الواقع على الأرض على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك وشدد أن خطة ترمب تأتي متناسبة مع مشروع قانون سابق تقدم به السيناتور تشاك شومر وأيده الديمقراطيون في السابق. وألقى ماكونيل باللوم على الإغلاق الجزئي للحكومة على ما سماه «رفْض الديمقراطيين التفاوض بسبب الحقد الحزبي». ويؤكد موقف الديمقراطيين الرافض بشكل قاطع التراجع عن رفض توفير الأموال لبناء الجدار، استمرار هذا الصراع الحزبي والانقسام داخل الحكومة الأميركية حول إغلاق الجزئي للحكومة. ويتزايد الغضب لدى الناخبين الأميركيين من استمرار تأزم فرص التوصل لحل تفاوضي بين الحزبين لإعادة فتح الحكومة الفيدرالية وبالتالي حصولهم على رواتبهم. ورصدت استطلاعات الرأي غضبا متصاعدا لدى الرأي العام الأميركي. ووفقا لاستطلاع رأي مجلة «بولتيكو» يلقي نصف الناخبين الأميركيين نحو 47 في المائة باللوم على الرئيس ترمب باعتباره المسؤول عن الإغلاق الجزئي للحكومة، فيما يوجه 5 في المائة من الأميركيين اللوم للحزب الجمهوري في الكونغرس فيما يلوم 33 في المائة فقط من الناخبين الحزب الديمقراطي.