بوغبا... تجسيد لفترة عمل مورينيو المظلمة في مانشستر يونايتد

بالنسبة لأي مدرب يجري الدفع به لحل مشكلات خلفها وراءه مدرب آخر، تتركز طبيعة المهمة الأساسية في محاولة إيجاد حلول بالاعتماد على العناصر المتاحة بالفعل. وبالنظر إلى ذلك، ينبغي أن يكون بول بوغبا من أوائل الخيارات التي يبحث عنها أي مدرب جديد لمانشستر يونايتد. ورغم أن العلاقة بين لاعب خط وسط مانشستر يونايتد وأولي غونار سولسكاير ربما لا تكون طويلة الأمد، فإنها قد تحمل بالتأكيد أهمية كبرى للفريق.
وفي أي لحظة تحاول خلالها تفحص حالة العداء التي سادت العلاقة بين بوغبا وجوزيه مورينيو ـ سواء كنت متعاطفاً مع هذا أو مع ذاك، أو كنت غير متعاطف مع أي منهما في خضم حالة الفتور الشديد التي هيمنت على علاقتهما ولم تخدم مصلحة أي من الطرفين ـ فسيبقى الأمر المؤكد أن بوغبا بمقدوره أن يشكل قوة كبرى في صفوف مانشستر يونايتد. وبينما يبدو أن مورينيو سعى دوماً لدفعه للأمام عبر تقويضه ـ وهي استراتيجية غريبة حقاً لتحفيز لاعب مهم ـ فإنه بعيداً عن تلك الفترة المضطربة، أبدى بوغبا قدرته على التعبير عن موهبته بسلاسة تحت قيادة أنطونيو كونتي وماكس أليغري في يوفنتوس وكذلك ديدييه ديشامب في المنتخب الفرنسي. ومن الواضح أنه من الممكن تحفيزه لتقديم مستوى أفضل في الأداء عما قدمه خلال هذا الموسم حتى الآن وهو ما حدث بالفعل في المواجهتين الأوليين تحت قيادة سولسكاير.
في الواقع، يبدو أن بوغبا يجسد كثيراً من السمات المرتبطة بلاعب كرة القدم في العصر الحديث: فهو يتميز بحضور هائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو رياضي قوي البنية يعاونه فريق عمل خاص به وهيكل تسويقي، بجانب قاعدة جماهيرية لديها الاستعداد للانتقال خلفه من ناد لآخر عن طيب خاطر. وبطبيعة الحال، لن يلقى هذا الوضع قبولاً من الجميع، خصوصا جميع اللاعبين السابقين الذين كانت الأوضاع في وقتهم مختلفة تماماً؛ ويمكنكم النظر إلى ما قاله غاري نيفيل في رسالة بعث بها في توقيت سيئ في أعقاب طرد مورينيو.
من ناحيته، لمح اللاعب الاسكوتلندي دارين فليتشر في حديث له مع «بي بي سي» إلى أن بوغبا بحاجة إلى «التوقف عن التكاسل»، وحث لاعب خط الوسط على عدم تفسير الأحداث الأخيرة باعتبارها نصراً شخصياً له. وقال: «إذا بدأ بوغبا التفكير في أنه أكبر من مورينيو، فهنا ستظهر مشكلته التالية». وقال: «يجب أن يقف شخص ما بوجهه ويقول له: (أنصت، هذه لم تكن معركة بين مورينيو وبول بوغبا وأنت فزت بها. يجب أن تتطلع نحو الأمام وتثبت قدراتك الآن). وقد جاء إلى النادي مدرب جديد اليوم ويحتاج من الفريق مجهودا أكبر كي يتمكن من المضي قدماً».
كان سولسكاير قد تولى مهمة إعادة بعض الروح الإيجابية إلى «أولد ترافورد»، لكن قيادات النادي سترغب بالتأكيد في رؤية دليل أقوى على وجود عائدات للاستثمارات الضخمة التي ضختها باتجاه بوغبا تحديداً. وربما يبدو سولسكاير في موقف ضعف بسبب وضعه المؤقت، لكن إذا لم تستمر الأمور بشكل جيد في المستقبل، فربما سيبدو ذلك مشكلة تتعلق ببوغبا وليس سولسكاير.
بالتأكيد ترك الخلاف الذي اشتعل بينه وبين مورينيو، ووضعه على هامش الفريق، الأمر الذي بدا غريباً مع لاعب بقوته ومهارته، تداعيات لاحقة. ويبدو السبيل الأمثل أمام بوغبا اليوم أن يمحو هذه التداعيات داخل أرض الملعب كما حدث مؤخرا. وتبدو تلك المهمة الرئيسية الآن أمامه والتي يتعين عليه دراستها بدقة خلال فترة نهاية العام، خصوصاً أنه عام مميز بجميع المقاييس شهد حمله كأس العالم بعد أن أثبت في البطولة أنه قائد نافذ.
في الحقيقة، بدا التناقض بين أدائه مع المنتخب الفرنسي من ناحية وصفوف مانشستر يونايتد من ناحية أخرى صارخاً. الحقيقة أنه ليس من الغريب أن يعاني لاعب شارك في الفوز ببطولة كأس العالم، من تراجع في مستواه خلال الأشهر اللاحقة للبطولة. على سبيل المثال، يقدم لاعب أتلتيكو مدريد أنطوان غريزمان أداءً متراجعاً على نحو لافت عن المعدل المعتاد له في تسجيل الأهداف داخل الدوري الإسباني هذا الموسم. يذكر أنه سجل هدفين خلال عطلة نهاية الأسبوع المضي ليرتفع مجمل رصيده من الأهداف إلى 5 خلال الأشهر الأربعة الأولى من الموسم. وبالمثل، واجه هوغو لوريس صعوبات داخل وخارج الملعب في الفترة الأخيرة، لكنه لاقى دعماً كبيراً من مدرب ناديه لاجتيازها.
المثير للانتباه أن فكرة أن تراجع مستوى بوغبا ربما يكون أمراً طبيعياً بعد بطولة كأس العالم، غابت عن الحديث الدائر حوله. ومع هذا، فإنه عندما يتعلق الأمر بمورينيو وحالة العداء التي اشتعلت بينه وبين لاعب نجم، تميل أي نظريات أخرى للانتقال إلى الهامش. لقد كان من الغريب رؤية بوغبا لدى عودته من روسيا في وقت وجد فيه اللاعب نفسه تحت مراقبة وثيقة، مع إعلان مورينيو أنه لم يعد مناسباً لحمل شارة قائد فريق مانشستر يونايتد من جديد.
بعد ذلك، جاءت اللحظة التي تكشف خلالها العداء علانية، خلال مواجهة تلفزيونية جرى تصويرها صباح أحد أيام سبتمبر (أيلول) في كارينغتون، عندما توجه اللاعب لمصافحة أفراد فريق العمل المعاونين في تدريب الفريق وبدا الاشمئزاز واضحاً بينه وبين مورينيو. لقد بدا واضحاً أنه من المتعذر تعايش الاثنين معاً داخل النادي ذاته على المدى الطويل. وأثناء بطولة كأس العالم، وجد بوغبا نفسه مضطراً لأن يصف نفسه بأنه «اللاعب الأكثر تعرضاً للانتقادات على مستوى العالم»، لكنه مضى في شرح كيف أنه يحاول تجاهل مثل هذه الأمور. وقال: «أتعامل مع الانتقادات تماماً مثلما كنت أتعامل معها وأنا ألعب الكرة في صباي؛ لا أنصت لها مطلقاً. إنني أستمتع بكرة القدم، وهذه هي الإجابة الوحيد التي أرد بها على جميع من ينتقدونني أو يعتقدون أنني كذا أو كذا. لكل شخص الحرية في اعتقاد ما يناسبه». بالتأكيد هو صائب في هذا القول. أما اليوم، فينبغي أن يكون لرأي سولسكاير فيه أهمية كبيرة بالنسبة له.