سولسكاير سيبني مانشستر يونايتد ولن يحطمه

بعد أن بدأ أولي غونار سولسكاير عمله كقائم بأعمال مدرب مانشستر يونايتد، لاحظ اللاعبون اختلافاً كبيراً، فالمدرب النرويجي، على خلاف الرجل الذي رحل ويتولى المسؤولية بدلاً منه، سيسعى لبناء اللاعبين، وليس تحطيمهم. في النرويج، تحول ميله إلى مقارنة لاعبيه في نادي «مولده» باللاعبين النجوم في مانشستر يونايتد إلى نكتة متكررة، لكن المفاجأة أن هذه المقارنة نجحت بالفعل. من كان يتخيل أن الإشادة علناً باللاعبين وإخبارهم كيف أنهم بارعون سوف يترك مثل هذا التأثير الإيجابي الكبير عليهم؟
ومن المؤكد أن هذا هو نمط القيادة الذي يرغبه مانشستر يونايتد من سولسكاير، بمعنى أن يحدث تحولاً داخل النادي من السلبية إلى الإيجابية والوقوف معاً صفاً واحداً بدلاً من تعزيز ثقافة اللوم. بالنسبة للمقارنات بين مانشستر يونايتد ومولده، فإن القائمة طويلة. لقد وصف المهاجم الشاب إرلينغ براوت هالاند، نجل لاعب خط وسط مانشستر سيتي السابق ألف إنجي هالاند، بأنه يلعب بطريقة «تشبه روميلو لوكاكو»، بينما اضطلع اللاعبان المخضرمان ماغني هوسيث ودانييل بيرغ هيستاد بدور في فريق سولسكاير شبيه بدور «غيغز وسكولز» أثناء الفترة الأولى التي قضاها المدرب مع الفريق.
وعندما ضم نادي روزنبرغ النرويجي اللاعب الدنماركي نيكلاس بينتنر في مارس (آذار) 2017 خلق الحدث موجات صادمة داخل النرويج، لكن سولسكاير رد على ذلك بقوله: «لم أكن لأقايض المهاجم الآيسلندي بيورن سيورذارسون مقابل أي لاعب آخر في النرويج». وأضاف: «ربما لا يوجد في صفوفنا ستيف بروس أو إريك كانتونا، لكن لدينا بيورن سيورذارسون». ورد المهاجم المنتمي لآيسلندا والذي تعثر داخل وولفرهامبتون واندررز بتسجيله 16 هدفاً خلال 27 مباراة.
أيضا يبدو سولسكاير على استعداد لمنح الناشئين فرصة. وكانت قدرته على رصد وتنمية المواهب واضحة منذ توليه تدريب فريق الاحتياطي لمانشستر يونايتد. في فريق مولده، تمزق فريقه عدة مرات مع انتقال لاعبين إلى أندية خارج البلاد، لكنه دائماً ما كان ينجح في الاستعانة بدلاً منهم بناشئين موهوبين. على سبيل المثال، جرى النظر إلى هيستاد على أنه لاعب موهوب لم ينجح قط في الوصول إلى المستويات المتوقعة منه حتى سمح له سولسكاير بالقيام بدور حر في خط الهجوم.
كما حصل ستيان رود غريغرسين، الذي كان في الـ22 حينها، على فرصة المشاركة في التشكيل الأساسي أمام فريق كريستيانسوند في المباراة الافتتاحية لموسم 2017، بينما قام الصاعد فريدريك غولبراندسين بدور حيوي في صفوف مولده قبل انتقاله إلى ريد بل سالزبورغ. ويعتبر براوت هالاند نموذجاً آخر مثيرا للاهتمام، وقد ولد عام 2000 وقام بدور قيادي في صفوف فريق مولده في سن الـ17. وكافأ مدربه على ثقته به بتسجيله أربعة أهداف في فريق بران، الذي كان يتميز بأفضل خط دفاع على مستوى الدوري آنذاك.
داخل فريق مولده، خلق سولسكاير مناخا عاما يساعد على الفوز، خاصة أنه لا يرضى من نفسه أو العاملين معه أو اللاعبين سوى أفضل مستوى ممكن ـ وقد أتت هذه السياسة ثمارها بالفعل. ويعود جزء من السبب وراء هذا الأمر إلى الهالة التي حملها معه من الفترة التي قضاها في مانشستر يونايتد، عندما ظل يلعب لفترة طويلة تحت إدارة المدرب سير أليكس فيرغسون، لكن هذه الروح مرتبطة أيضاً بالتنافسية التي يتميز بها من داخله. ويتمتع سولسكاير بطبيعته بالقدرة على تحليل نفسه والمحيطين به في هدوء.
ومع هذا، فإن كل ما سبق لا يعني أنه سيحمل معه تلقائياً النجاح إلى مانشستر يونايتد، ولا تزال فترة عمله الفاشلة في كارديف، التي انتهت في سبتمبر (أيلول) 2014 بعد هبوط الفريق من الدوري الممتاز وفوزه في خمسة فقط من 25 مباراة بالدوري، تثير القلق. كانت تلك تجربة قاسية وعندما عاد لوطنه، أدرك أنه بحاجة إلى عطلة بعيداً عن كرة القدم والعالم. وبالفعل وجد عزاءه في كريستيانسوند حيث قضى وقتاً مع أسرته.
ولم يرغب سولسكاير في المسارعة إلى تولي وظيفة جديدة. وعمل مدرباً لبعض فرق الفتيان في نادي كريستيانسوند وحضر بعض جلسات تدريب الفريق الأول لمنحهم بعض الإلهام في وقت كانوا يناضلون للفوز بالصعود للدوري الممتاز، لكنه حرص في الوقت ذاته على البقاء بعيداً عن الأضواء. هذه هي شخصية أشهر لاعب كرة قدم في النرويج.
ومرت 13 شهراً قبل أن يعود للتدريب، لكن عندما عاد، مع مولده، وهو النادي الذي تألق في صفوفه قبل أن ينتقل إلى كارديف، بدا الأمر وكأنه لم يرحل عنه قط. وشعر سولسكاير بأنه تعلم الكثير داخل كارديف.
قبل انطلاق موسم 2017، شرح سولسكاير لصحيفة «نتافيسين» النرويجية كيف أنه كان بحاجة إلى التغيير. وشرع في العمل مع مارك ديمبسي الذي كان مع سولسكاير خلال فترة عمله الأولى في مولده وكذلك فترة عمله في كارديف والتي وصفها بأنها «منحتني فرصة أن أكون نفسي الحقيقية».
وقال سولسكاير: «بذلت مجهوداً كبيراً للغاية لأكون مدرباً جيداً» في كارديف. ولا يعترض سولسكاير على القيام بمهام التدريب داخل ملعب التدريب، لكن الأمر الذي يبرع فيه حقاً هو تحليل المباريات ونقل المهام للمعاونين له.