لماذا تعاقد مانشستر سيتي مع زاك ستيفن رغم أنه لن يلعب مطلقاً؟

يعرف المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا جيدا ما يريده من أي حارس مرمى في فريقه. وقد غير المدير الفني لمانشستر سيتي نظرة كرة القدم إلى الدور الذي يقوم به حارس المرمى، فلم يعد الأمر يقتصر على إنقاذ الفرص أو تشتيت الكرات في الركلات الركنية أو توجيه التعليمات إلى المدافعين. وما زلنا نتذكر جميعا كيف فقد الحارس التشيلي كلاوديو برافو مكانه في تشكيلة مانشستر سيتي بعد عام واحد من قدومه من برشلونة الإسباني، وتم منح الفرصة للحارس البرازيلي إيدرسون بفضل قدرته على اللعب بقدميه وكأنه أحد مدافعي الفريق.
فهل هذه هي الأسباب التي دفعت غوارديولا - أو بالأحرى مجموعة مانشستر سيتي لكرة القدم - للتعاقد مع حارس المرمى الأميركي زاك ستيفن؟ وسوف ينتقل ستيفن من نادي كولومبوس كرو الأميركي لمانشستر سيتي في يوليو (تموز) 2019، وتضع مجموعة مانشستر سيتي لكرة القدم معايير معينة لفريقها، وبالتالي فهي ترى أنه من المنطقي أن يتم التعاقد مع ستيفن، الذي فاز بجائزة أفضل حارس مرمى في الدوري الأميركي الممتاز لعام 2018 ربما لا يمتلك اللاعب البالغ من العمر 23 عاما خبرات كبيرة، لكنه يمتلك قدرات فنية تتوافق مع الفلسفة التي يلعب بها غوارديولا، فهو ليس سيئا في اللعب بقدميه. ومن المتوقع أن يسير ستيفن على خطى كاسي كيلر وتيم هاورد وبراد غوزان ويصبح الحارس الأساسي للمنتخب الأميركي خلال العشر سنوات المقبلة.
ولكي نتحدث بصراحة، فقد انتقل ستيفن إلى ناد يعرف أنه ربما لن يلعب له على الإطلاق. ولو كان الحارس الأميركي الشاب ضمن خطط واهتمامات غوارديولا لانضم إلى مانشستر سيتي في فترة الانتقالات الشتوية الحالية، وليس خلال الصيف المقبل! ربما يعاني مانشستر سيتي بعض الشيء في مركز حراسة المرمى في الوقت الحالي، في ظل استبعاد برافو وغيابه عن الملاعب بداعي الإصابة، وبالتالي فمن الممكن أن يتم الاستعانة بستيفن كبديل خلال فترة الشتاء المزدحمة بالمباريات.
وبدلا من ذلك، يبدو من المرجح أن نادي مانشستر سيتي سيعير ستيفن إلى ناد آخر بالخارج، تماما كما فعل النادي مع الكثير من الصفقات خلال السنوات القليلة الماضية، حيث أعار النادي كلا من باتريك روبرتس إلى جيرونا، ومانو غارسيا إلى تولوز، وبراندون باركر في بريستون، وجاك هاريسون في ليدز يونايتد. وبصفة عامة، فإن مانشستر سيتي لديه 28 لاعبا في الفريق الأول معارين إلى أندية أخرى، سواء لأندية تابعة لمجموعة مانشستر سيتي لكرة القدم أو لأندية أخرى.
وبطبيعة الحال، ظل هاريسون تحت مظلة مجموعة مانشستر سيتي لكرة القدم بانتقاله من نادي نيويورك سيتي في الدوري الأميركي الممتاز إلى مانشستر سيتي في وقت سابق من العام الحالي. وكان هاريسون نجما بارزا في صفوف نيويورك سيتي إلى جانب كل من ديفيد فيا تحت قيادة باتريك فييرا. وكان بإمكان الجناح الإنجليزي الشاب، الذي انتقل إلى الولايات المتحدة عندما كان لا يزال في الدراسة، أن يختار الانضمام إلى عدد من الأندية الأخرى، من بينها عدة أندية في دوري الدرجة الأولى بإنجلترا، لكنه لم يستطع مقاومة إغراء مانشستر سيتي، رغم أنه يدرك أنه سينتقل إلى فريق آخر على سبيل الإعارة.
وربما كان الأمر الأكثر غرابة هو تحرك مانشستر سيتي للتعاقد مع ميكس ديسكيرود، الذي يشارك بشكل شبه دائم في صفوف المنتخب الأميركي الأول، والذي كان ينظر إليه على أنه لا يمتلك القدرات التي تؤهله للعب في ناد مثل نيويورك سيتي الأميركي. وأعير ديسكيرود بعد ذلك إلى نادي غوتبورغ السويدي قبل أن ينضم إلى أولسان هيونداي في كوريا الجنوبية حتى هذا الصيف. وبالطبع، لا توجد أي فرصة لهذا اللاعب لكي يعود إلى مانشستر سيتي ليلعب تحت قيادة غوارديولا.
وفي الحقيقة، يعد هذا الأمر مألوفا في أندية النخبة في كرة القدم الأوروبية، فقد رأينا نادي تشيلسي يفعل الشيء نفسه على مدى سنوات، حيث يتعاقد مع لاعبين واعدين ويضمهم إلى أكاديمية الناشئين بالنادي ثم يعيرهم إلى أندية أخرى ويبيعهم في نهاية المطاف من أجل تحقيق أرباح مالية. وفي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، كان تشيلسي لديه نحو 40 لاعبا معارا لأندية أخرى، رغم أن عدد مشاركتهم مع الفريق الأول للبلوز لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.
لكن مانشستر سيتي يتبع سياسة مختلفة قليلا، حيث إنه لا يتعاقد مع لاعبين صغار في السن فحسب، ويكفي أن نعرف أن ديسكيرود في الثامنة والعشرين من عمره، وهاريسون في الثانية والعشرين، وستيفن في الثالثة والعشرين. وهذا هو السبب الذي يجعل سياسة مانشستر سيتي في هذا الأمر تبدو أكثر سوءا من السياسة التي يتبعها تشيلسي. فعلى الأقل يمكن لتشيلسي أن يشير إلى عدد اللاعبين الشباب الذين استخدموا أكاديمية النادي للناشئين كنقطة انطلاق في مسيرتهم الكروية. لكن ماذا يمكن لمانشستر سيتي أن يقول عما يقوم به، ربما باستثناء إعارة بعض لاعبيه إلى أندية دوري الدرجة الأولى في إنجلترا؟
لقد تحول نادي نيويورك سيتي إلى ما يشبه «المحطة» لمانشستر سيتي إن جاز التعبير، ليس فيما يتعلق بانتقالات اللاعبين بين الناديين فحسب (انظروا إلى فييرا وهاريسون، والآن دومينيك تورينت)، ولكن فيما يتعلق باكتشاف المواهب أيضا. ومن المؤكد أن نادي نيويورك سيتي قد لعب دورا كبيرا في انتقال ستيفن إلى مانشستر سيتي. وانظروا أيضا إلى الكيفية التي تعاقدت بها مجموعة مانشستر سيتي لكرة القدم مع آرون موي من نادي وسترن سيدني واندررز - بعد رؤيته وهو يلعب أمام ملبورن سيتي في الدوري الأسترالي الممتاز - قبل نقله تحت مظلة مانشستر سيتي وإعارته للخارج ثم بيعه في نهاية المطاف إلى هيدرسفيلد تاون.
ويمكن أن ينهار هذا النظام بأكمله في المستقبل القريب، حيث إن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بصدد التصديق على مقترحات بتحديد عدد اللاعبين الذين يمكن لأي ناد أن يعيرهم بما يتراوح بين ستة وثمانية لاعبين فقط. وسوف يؤثر هذا الأمر على عدد من أندية النخبة بكل تأكيد، ولا سيما تشيلسي ومانشستر سيتي. وقال غوارديولا عندما طُرح هذا الاقتراح عليه: «إننا سنتكيف مع القواعد. سندرس الوضع المتعلق باللاعبين المعارين لنرى ما يمكننا القيام به. إذا لم نتمكن من إعارتهم، فسيعودون إلينا. وإذا كنا لا نعتقد أنهم سيلعبون معنا، فإننا سنبيعهم».
في الحقيقة، يعد انتقال ستيفن إلى مانشستر سيتي أمرا غريبا للغاية، نظرا لأن اللاعب البالغ من العمر 23 عاما يعد عنصرا أساسيا في صفوف المنتخب الأميركي في الفترة المقبلة، وكان من الأفضل أن يتخذ الخطوة التالية التي تساعده في مسيرته الكروية. عندما تنظر للأمر في البداية، قد ترى أنه من الجيد أن ينتقل الحارس الشاب مقابل ما يتراوح بين 7.5 مليون جنيه إسترليني و10 ملايين جنيه إسترليني، وهو أعلى سعر لحارس مرمى في تاريخ الدوري الأميركي الممتاز، لنادي مانشستر سيتي، الذي يرى البعض أنه أفضل ناد في أوروبا في الوقت الحالي. لكن بعد ذلك، سوف تسأل نفسك السؤال التالي: هل اللاعبون في الدوري الأميركي الممتاز يلحقون الضرر بمسيرتهم الكروية عندما يقررون الانتقال إلى ناد دون أن يعرفوا مسارا واضحا يسهم في تطوير مسيرتهم الكروية خلال السنوات المقبلة؟