تفاهم روسي ـ تركي على «الدستورية»

بدا أمس، أن موسكو نجحت في تجاوز عقدة تشكيل اللجنة الدستورية السورية بعد جولات محادثات مكثفة أجراها دبلوماسيون روس خلال الأيام الأخيرة، في دمشق، تزامنت مع مفاوضات مع الجانبين الإيراني والتركي. وأعلن وزير الخارجية سيرغي لافروف، أن «لائحة اللجنة الدستورية باتت جاهزة»، وسوف تسلم إلى المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بداية الأسبوع المقبل.
وقال لافروف بعد مشاركته في جلسة مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الاقتصادي في البحر الأسود، التي انعقدت أمس في العاصمة الأذرية باكو، إن «اللائحة التي كانت تعمل عليها الحكومة والمعارضة بدعم كل من روسيا وتركيا وإيران جاهزة بشكل عام. وسنكون مستعدين لتسليمها باسم الأطراف السورية إلى المبعوث الأممي في بداية الأسبوع».
وأعرب لافروف عن أمل بأن يسمح ذلك بإنهاء «هذه المرحلة المهمة من الجهود الهادفة إلى تحريك العملية السياسية، وبأن تتمكن اللجنة الدستورية من الاجتماع في جنيف بداية العام المقبل»، موضحاً أنه «في الأيام والأسابيع الأخيرة كنا نعمل بشكل نشط في إطار مفاوضات آستانة، وبالتعاون مع شركائنا الأتراك والإيرانيين لمساعدة المعارضة والحكومة السورية في تشكيل اللجنة الدستورية التي يجب أن تبدأ عملها بأسرع وقت ممكن، وصياغة الدستور الجديد، أو إصلاح الدستور القائم، وإعداد الانتخابات العامة في سوريا على هذا الأساس».
وأفاد أيضاً بأن ممثلي روسيا «زاروا أنقرة ودمشق ويتجهون غداً (اليوم) إلى طهران».
وأكد أن بلاده أجرت «مشاورات واسعة» مع الأطراف. وزاد: «ناقشت هذا الموضوع اليوم (أمس) مع نظيري التركي مولود تشاووش أوغلو، وأجريت قبل ذلك مكالمة هاتفية مع نظيري الإيراني جواد ظريف».
وجاء الإعلان الروسي عن حسم ملف «الدستورية» بعد مرور يوم واحد على انتهاء نشاط مكثف للدبلوماسية الروسية في سوريا. إذ أجرى وفد دبلوماسي رفيع المستوى، ضم المبعوث الرئاسي ألكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، محادثات مطولة، الأربعاء، مع الرئيس بشار الأسد، قبل أن ينضم إليهما نائب الوزير ميخائيل بوغدانوف الخميس، لمواصلة المباحثات.
وبدا أن موسكو عملت على حسم الموضوع، بعد خلافات واسعة عطلت إنجاز تشكيل الدستورية لأسابيع، وكانت معطيات أشارت إلى اعتراضات أبدتها طهران ودمشق على شخصيات مستقلة، فضلاً عن الاعتراض على تولي الأمم المتحدة مهمة الإشراف على عمل «الدستورية».
ولم توضح الخارجية الروسية، في بيان مقتضب تحدث عن اللقاء مع الأسد، تفاصيل حول طبيعة الاتفاق وكيف تم تجاوز النقاط الخلافية، لكن توقيت الإعلان عن حسم ملف تشكيل الدستورية بدا مرتبطاً بتصاعد اللهجة الأميركية ضد موسكو ودمشق واتهامهما بتعطيل جهود تشكيل اللجنة. علماً بأن موسكو تعمدت عدم الرد إعلامياً على تصريحات قوية أطلقها المبعوث الأميركي جيمس جيفري الذي قال إنه إذا لم يتم إنجاز تشكيل «الدستورية» قبل منتصف الشهر، فإن واشنطن سوف تعمل على إنهاء مسار آستانة، وإطلاق عمل يهدف إلى إعادة الحياة لمسار جنيف.
وكشف أمس، نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، جانباً من المناقشات مع الأسد. وقال إن المحادثات كانت «تفصيلية» وتطرقت إلى «كل الشؤون السياسية وتنفيذ الاتفاقات في إطار آستانة وسوتشي على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254 والتفاهمات ومبادئ الشرعية الدولية المتعلقة باحترام سيادة البلد ووحدة الأراضي السورية وسلامتها... ونتفق مع أصدقائنا السوريين حول هذه المبادئ». وتطرق بوغدانوف إلى الوضع في الشمال السوري على خلفية التحركات التركية لشن عملية عسكرية ضد مواقع كردية، وقال إن «روسيا على تواصل مع الأطراف الكردية في سوريا وخارجها» من دون أن ينتقد أو يؤيد التحركات التركية.وأشار بوغدانوف إلى أنه «حتى داخل الصفوف الكردية هناك أكثر من رأي، وهذا التعدد في الآراء يؤدي إلى شلل في المواقف».
كما وجه رسالة حازمة إلى المبعوث الأممي الجديد إلى سوريا غير بيدرسون، بدت وكأنها تحمل انتقاداً مبطناً إلى المبعوث الحالي دي ميستورا، إذ قال إن روسيا تأمل في أن يعمل المبعوث الجديد «بشكل جدي ومسؤول في الملف السوري».
من جهته، أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، أنه لا توجد حالياً أي ضرورة لعقد قمة روسية - تركية فيما يخص الوضع في إدلب.
وقال بعد لقائه لافروف في باكو، الجمعة، «لسنا بحاجة لقمة. نحن في الحقيقة نواصل العمل على مستويات عدة... ولسنا بحاجة لقمة جديدة، لعدم وجود وضع استثنائي».
وأشار إلى أنه ناقش مع لافروف أيضاً مسألة تشكيل اللجنة الدستورية السورية لكي تبدأ عملها في أسرع وقت ممكن.