تركيا تسعى لتحريك مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي

قالت تركيا إنها ستعلن عن الوثيقة الاستراتيجية للإصلاحات القضائية في إطار المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي خلال الشهر المقبل، مؤكدة في الوقت ذاته أن التوصل إلى توافق على تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي الأوروبي تصبّ في صالح الطرفين.
وقال وزير العدل التركي عبد الحميد غل، إن بلاده ستعلن عن الوثيقة الاستراتيجية للإصلاح القضائي خلال يناير (كانون الثاني) المقبل. وأضاف غل في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع الخامس لمجموعة العمل المعنية بالإصلاح لبحث الإصلاحات التي تتطلبها عملية التفاوض حول عضوية الاتحاد الأوروبي، أن الوثيقة ستتضمن خريطة طريق لمدة خمس سنوات للإصلاح القضائي، حيث سيتّم خلال هذه الفترة إجراء تطوير نظري وتطبيقي للقوانين في القضاء التركي.
وأوضح أن الفصلين 23 و24 من فصول التفاوض مع الاتحاد الأوروبي والمتعلقة بـ«القضاء والحقوق الأساسية» و«العدالة والحريات والأمن» مدرجة على أجندتهم، حيث سيبحثون بشكل مفصّل الموضوعات التي تتضمنها الفصول المذكورة. وشدد الوزير التركي على أن أنقرة تهدف إلى تأسيس «العدالة التي تبعث الثقة في نفوس المواطنين الأتراك».
من جانبه، أكد وزير الداخلية التركي سليمان صويلو أن أوروبا لا يمكنها الاستغناء عن تركيا، نظراً للجهود التي تبذلها في مكافحة الهجرة غير النظامية والمخدرات والإرهاب. وأضاف في المؤتمر الصحافي الذي عقد مع وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ووزير العدل عبد الحميد غُل، ووزير الخزانة والمالية برات ألبيرق: «نحن لا نكافح الهجرة غير النظامية فحسب، بل الإرهاب، ونُعد دولة حامية لأوروبا من المخدرات. إن تركيا وفقاً لهذا المنظور دولة لا يمكن لأوروبا الاستغناء عنها».
وأشار صويلو إلى أن عدم تقديم مساعدات إنسانية منتظمة إلى الدول المصدرة للمهاجرين، سيتسبب بفوضى في الدول الأوروبية التي تشهد حكوماتها بالأصل أزمات، وأكد صويلو أن بريطانيا وألمانيا تقتربان من خط تركيا الواضح تجاه حزب العمال الكردستاني (المحظور).
وقال بيان مشترك إن الإسراع في بدء مفاوضات تحديث الاتحاد الجمركي مع الاتحاد الأوروبي سيصب في مصلحة الطرفين. وأضاف البيان: «ننتظر الوفاء بالتعهدات التي قطعها الاتحاد الأوروبي في اتفاق 18 مارس (آذار) 2016 بخصوص إعادة إحياء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد، وتسريع مفاوضات إلغاء تأشيرة دخول الأتراك إلى الاتحاد، وتطبيق برنامج إعادة قبول اللاجئين، وتسريع المساعدات المالية للسوريين الموجودين في تركيا تحت الحماية المؤقتة، وبدء مفاوضات تحديث الاتحاد الجمركي».
وتوصلت الحكومة التركية والاتحاد الأوروبي في 18 مارس 2016 في بروكسل إلى 3 اتفاقيات مرتبطة ببعضها بعضا مع الاتحاد حول الهجرة، وإعادة قبول اللاجئين، وإلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الأتراك، التي وضع الاتحاد 72 شرطا أمام تركيا للوفاء بها من أجل تحرير تأشيرة شنغن لمواطنيها.
وأكد البيان أنه لا بد أن تتم إدارة الهجرة مع الأخذ في الحسبان الوضع الإنساني، وعدم إدارتها بالاعتماد على المفهوم الأمني البحت، لافتا إلى أهمية الميثاق العالمي للهجرة الذي تم التصديق عليه أول من أمس في مراكش المغربية، من حيث تناول جميع أبعاد قضية الهجرة بشكل متكامل، وتطوير تعاون دولي فعال للتعامل معها.
وأضاف أن تركيا ترى في الميثاق الذي سيعرض على الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وثيقة مرجعية هامة لاتخاذ خطوات ملموسة فيما يتعلق بتشارك مسؤولية حمل اللاجئين.
وأشار البيان إلى توصل تركيا مع الاتحاد الأوروبي في اجتماع لجنة توجيه الإمكانات المالية للاجئين الذي عقد في بروكسل في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى اتفاق مبدئي لتوزيع الدفعة الثانية من الدعم المالي للاجئين والبالغة 3 مليارات يورو، وقال البيان: «ننتظر بدء توزيع هذه الدفعة في أقرب وقت ممكن».
في السياق ذاته، اعتبر نائب وزير الخارجية التركي مسؤول شؤون الاتحاد الأوروبي، فاروق ووفق كايماكجي، أن الاتحاد الأوروبي لا يريد إعطاء أولوية لزيادة عدد أعضائه بسبب انتخابات البرلمان الأوروبي المنتظرة في مايو (أيار) المقبل، وأنه لا يتبع سياسة تحبذ ضم تركيا.
ولفت المسؤول التركي، على هامش مشاركته في اجتماعات لجنة الشراكة بين تركيا والاتحاد الأوروبي في بروكسل الخميس الماضي، إلى أن محاولة الانقلاب الفاشلة التي تعرضت لها تركيا في منتصف يوليو (تموز) 2016، ألحقت ضررا كبيرا بمفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، كما أثرت على الثقة بين الطرفين، وأسفرت عن توقف الحوار بينهما بشكل كبير.
وقال إن «بعض الأطراف بذلت جهودا لتعليق أو إنهاء مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد، إلا أن محاولاتها لم تتوج بالنجاح»، مؤكدا أن بلاده ستعمل عبر مجموعة العمل الخاصة بالإصلاحات على تسريع الإصلاح بمجال القضاء بوجه خاص، وجعله أكثر قوة بحيث يتناسب مع القضاء في المجلس الأوروبي، ومعايير الاتحاد، وستتم بذلك إزالة الأضرار التي خلفتها محاولة الانقلاب الفاشلة بشكل تدريجي.
وذكر المسؤول التركي أن مجموعة العمل الخاصة بالإصلاح اجتمعت في شهر أغسطس (آب) الماضي، بعد انقطاع دام نحو 3 سنوات، وأكدت الإصرار على المضي في سبيل الانضمام للاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن تركيا أحيت مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد مجددا، وأنها مستعدة لاتخاذ الخطوات اللازمة في هذا الشأن.
ورأى نائب وزير الخارجية التركي أن مرحلة الإصلاح ستتم وفق المعايير الخاصة بإعفاء الأتراك من تأشيرة دول الاتحاد الأوروبي (شنغن)، مشيرا إلى أن تركيا تبذل جهودا كبيرة وتعيد النظر في مواضيع حماية البيانات الشخصية، ومكافحة الفساد، ومكافحة الإرهاب، لجعلها تتناسب مع نظيرتها في الاتحاد الأوروبي، ولم يتبق لبلاده سوى تحقيق 7 معايير لإتمام المعايير الـ72 الخاصة بإعفاء الأتراك من شرط الحصول على تأشيرة دخول دول الاتحاد الأوروبي. وقال كايماكجي إن تركيا بدأت باستصدار جوازات سفر بيومترية مطابقة لمقاييس الاتحاد، وإن الجانب الأوروبي سيصادق على الجوازات قريبا، لينخفض معها عدد المعايير المتبقية إلى 6 فقط.
ووضع الاتحاد الأوروبي 72 معيارا أمام تركيا يتعين استيفاؤها من أجل إعفاء مواطنيها من تأشيرة «شنغن» كجزء من اتفاقية الهجرة وإعادة قبول اللاجئين الموقعة بين الجانبين في 18 مارس 2016، من بينها تعديل بعض بنود قانون مكافحة الإرهاب والتوافق مع معايير الشرطة الأوروبية «يوروبول».
وفيما يخص حماية البيانات الشخصية، بين أن تركيا تتبع في هذا الصدد إجراءات قريبة من الإجراءات المتبعة في الدول الأوروبية، وأنها تعمل لتجاوز الفروقات البسيطة في هذا الإطار.
وأشار إلى أن بلاده والاتحاد الأوروبي اجتمعا في بروكسل مؤخرا لمناقشة التوقيع على اتفاقية تعاون مع الشرطة الأوروبية «يوروبول»، مؤكدا أهمية هذا الأمر في محاربة تركيا للإرهاب.
وأكد نائب وزير الخارجية التركي أيضا أهمية استضافة أنقرة لاجتماع الحوار السياسي رفيع المستوى، الأسبوع الماضي، بعد انقطاع دام لنحو عام ونصف العام، مشددا على أن بلاده تهدف للعضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي.
على صعيد آخر، أطلقت الشرطة التركية، أمس، حملة لاعتقال 27 من العسكريين العاملين ضمن صفوف القوات البحرية بزعم ضلوعهم في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 15 يوليو 2016. وأصدرت النيابة العامة في محافظة موغلا (جنوب غربي) أمرا باعتقال العسكريين الذين لا يزال 25 منهم في الخدمة، وآخران موقوفان، وشنت قوات الأمن حملات متزامنة في 9 ولايات من أصل 81 ولاية.
ومنذ محاولة الانقلاب، اعتقل أكثر من 8500 عضو بالقوات المسلحة، بينهم 150 جنرالاً، سرحوا من العمل بسبب اتهامات بصلتهم بحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة.