ضعف الاقتصاد الألماني يهدد منطقة اليورو بأكملها

تعكس البيانات الأخيرة للناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا قدراً من الضعف يثير مخاوف الخبراء، حيث يسهم تباطؤ أكبر اقتصاد في منطقة اليورو في التأثير على المنطقة الاقتصادية بأكملها، فحسب المعهد الفيدرالي الإحصائي الألماني المعروف باسم «ديستاتيس» تراجع الناتج المحلي خلال الربع الثالث من العام الحالي بنحو 0.2% مقارنةً بالربع الثاني من نفس العام. وكان تقلُّص الناتج القومي يفوق التوقعات. ويُجمع العديد من خبراء هذا المعهد على أن الأمر ناتج عن أسباب تتعلق بالمعايير الأوروبية الجديدة حول انبعاثات سيارات الديزل التي آلت، بصورة مؤقتة، إلى إبطاء أنشطة مصانع السيارات الألمانية، التي تنتظر قوانين بيئية جديدة هي قيد التحضير.
وتراجَع إنتاج السيارات في شهر سبتمبر (أيلول) الفائت وحده 24% مقارنةً بالشهر ذاته من العام الفائت.
ويشير هؤلاء الخبراء أيضاً إلى أن الصادرات الألمانية وحركة الاستهلاك الوطنية سجلا تراجعاً في الآونة الأخيرة، على عكس حركة الاستثمارات والأنشطة العقارية التي تعيش اليوم في مرحلة نمو.
وتقول سيلكه شرودر، الخبيرة الاقتصادية الألمانية، إن تراجع الناتج القومي الألماني يؤثر مباشرة على منطقة اليورو. ففي الربع المالي الثالث من العام نما الناتج القومي في المنطقة 0.2% فقط. وعلى صعيد دول الاتحاد الأوروبي نما 0.3%. وفي ما يتعلق بالربع الثاني فقد نمو منطقة اليورو 0.5%، في حين وصل في دول الاتحاد الأوروبي إلى 0.4%.
وتختم هذه الخبيرة بالقول: «إن تواصل مرور الاقتصاد الألماني بمرحلة من الوهن هو وضع قد ينعكس سلباً على قرارات المصرف المركزي الأوروبي الذي يهم بتنفيذ خطوتين مهمتين. تتمثل الأولى في التوقف عن شراء سندات خزائن الحكومات الأوروبية في نهاية العام. أما الخطوة الثانية فستكون، على الأرجح، إعادة رفع نسب الفوائد تدريجياً اعتباراً من منتصف العام القادم».
في سياق متصل تشير كلاوديا بوخ، وهي خبيرة مالية رفيعة المستوى في المصرف المركزي الألماني، إلى أن المصارف الألمانية أضحت حسٌاسة أمام أي شلل اقتصادي محتمل في البلاد.
وأوضحت أن إصابة الاقتصاد الألماني بأي مكروه من شأنه إبراز نقاط ضعف النظام المالي الألماني إلى أبعد الحدود. ما يفتح الأبواب على مصراعيها أمام منافسات ومضاربات دولية تستهدف هذا النظام، من شأنها التأثير سلباً على البنى التحتية التجارية والاقتصادية الوطنية برمّتها. لذا ينبغي على ألمانيا توطيد وسائلها المالية الدفاعية تحسباً لأوقات صعبة محتملة في الشهور القادمة.
وتختم كلاوديا بوخ بالقول: «رغم التراجع الطفيف للناتج القومي مؤخراً فإن المصارف الألمانية، على رأسها مصرف (دويتش بنك)، عملت على تقوية رؤوس أموالها التشغيلية. وهذه نقطة في غاية الإيجابية لصالحها. مع ذلك، تعاني الأسواق المصرفية الألمانية من مشكلة كبيرة هي قلّة العائدات حالياً. بمعنى آخر لن تكون المصارف الألمانية قادرة على الاستنجاد برؤوس أموال إضافية إنْ مرت بصعوبات محتملة في الأسواق الداخلية والخارجية».