قصتي مع الإعلام: صناعة التأثير

يقولون إن أفضل طريقة لتعلم لغة... هي أن تتعلمها ببطء!
لكنني اختبرت تطبيقا آخر لتلك المقولة، أن أفضل طرق النجاح هي أن تنجح ببطء! أو على الأقل كان هذا اختباري... فالخطوات الكبيرة والقفزات السريعة لم تكن أبدا من نصيبي، وفهمت بعد وقت أن جزءا من رسالتي هو تشجيع «المكافحين» الذين يرون في خطواتي المتمهلة ثباتا.
رحلتي نحو النجاح دون دعم بالشكل المتعارف عليه طمأنينة لمن لا يمتلكون تلك المسماة «الواسطة».
ممتنة لكوني أكتب قصتي مع احتراف الإعلام لجريدة عريقة مثل «الشرق الأوسط » رغم أني لا أحسب نفسي قد حققت بعد نصف أحلامي في العمل الإعلامي... لكن ربما تكون رحلتي ملهمة لآخرين...
سأبدأ من ضحكة صديقتي بصوت عال حين قالت «مش تعرفي تعملي حاجة!» الحقيقة أنني ما زلت أسمع صوت هذه الضحكة العالية في أذني كلما حققت نجاحا من نجاحاتي الصغيرة ثم أبتسم.
في بداياتي سمعت الكثير من عبارات التشكيك في حلمي الذي لم أشاركه سوى قليل جدا وشاركته بحجمه الحقيقي فأزعج سامعيه لقد كان معظمهم يضحكون أو يتشككون... فمن سيصدق الشابة - العادية - التي تدرس الصيدلة عندما تقول (قرأت قصة حياة «أوبرا» وسأصبح مثلها يوما ما!).
أعلم أن شهرة أوبرا جعلتها نموذجا ملهما لفتيات كثيرات حول العالم... لكني أيضا كنت مزعجة في استلهامي من قصتها..... فلم أحلم أبدا أن أكون مجرد مذيعة... أو شخصية إعلامية مشهورة أو صاحبة ثروة ونفوذ مثلها... لكني حلمت «بالتأثير». سأصبح (المذيعة العربية الأكثر تأثيرا)... هذا هو العنوان الذي كان قلبي يصدقه.
يقولون إن الكلمات السلبية تحطم!! ربما لكن لم يكن هو الحال معي لقد كانت كل الكلمات السلبية وقودا عظيما للتحدي.
بدأت في التقدم لمكتب قناة «سات 7» وسط اختبار لنحو 40 فتاة ولا أعلم لماذا اختاروني وحدي يومها لكني صرت ممتنة لهم طول العمر بفضل الفرصة الأولى وهي لو تعلمون صاحبة فضل كبير. تصاعد اهتمامي بالإعلام فصرت أقرأ وأشاهد وأكتب وأقدم وأبحث وأقوم بالتعليق الصوتي على الأفلام الوثائقية وأتعلم في كل مجالات الإعلام وعملت في إدارة البرامج وتدريب المذيعين الجدد وقدمت كل أنواع البرامج: السياسة، المرأة، البرامج الاجتماعية وحتى برامج الأطفال...
كلما تقلدت موقعا قياديا أو إداريا في مؤسسات إعلامية مختلفة كنت أتحرك بشغفي. توفقت أحيانا وأخفقت أحيانا في التكيف مع طبيعة وتوجهات المؤسسات الإعلامية... حتى أسست شركتي الخاصة التي لم أنتج فيها لنفسي أي شيء بعد... بل كانت رؤيتي أن يكون هذا المكان هو (الفرصة الأولى) لكل موهوب لم يجد فرصته بعد... مر علي موهوبون كثر وكلما نجحوا تحقق معهم جزء من حلمي «التأثير».
اليوم صارت خطواتي أكثر ثقة وهدفي أكثر وضوحا... كنت - وما زلت - أقل اهتماما بكيف أبدو اليوم أو ماذا أرتدي.
كان شغفي وما زال هو كيف أصنع تأثيرا فيمن يشاهد أو يقرأ أو يتابع. إن جعلت شابة تفكر في حلمها، إن جعلت مظلوما يشعر بالعدل وإن جعلت محبطا يشعر بالأمل فقد صنعت تأثيرا وقدمت رسالة... هي شغفي وكل حبي.

* إعلامية مصرية