كُتب عن نقاد

> يندر أن يصدر كتاب عن ناقد عربي ما زال حياً، لكن حال يموت يبادر نقاد ومثقفون لوضع الكتب عنه احتفاءً بتاريخه. هذا ما حدث عندما رحل ناقد النهار سمير نصري، وعندما رحل الناقد الأردني علي أبو غنيمة، والناقد المغربي مصطفى مسناوي، والناقد المصري سمير فريد، وعدد آخر من النقاد العرب، ولو أن الظاهرة تمتد لتشمل نقاداً بلغات غير عربية.
> ربما إصدار كتاب عن ناقد سينمائي بعد رحيله هو أفضل من ألا يصدر عنه أي كتاب. لكن المشكلة هي انعدام قدرة الناقد الراحل على تصحيح وتصليح سيرته، أو التدخل لنقاش الكتاب الذي صدر عنه.
> تكمن مشكلة ثانية في أن الكتاب الذي يصدر عن الناقد بعد رحليه لا يتمتع، عادة، بهامش عريض من قراءة بين كلمات الناقد، ولا بالرغبة في نقد النقد أو طرحه للنقاش. الهدف دوماً هو إعلاء شأن ذلك الناقد أو جمع ونشر بعض مقالاته. في الحالتين، ومن زاوية جماهيرية محضة، لا يثير ذلك القراء.
> لست ضد أن يصدر كتب عن النقاد. الناقد هو في صلب صناعة السينما وثقافتها تماماً ككل طرف آخر ويستحق تخليداً، لكن تخليداً مدروساً بحيث لا ينجلي عن شيء، مثل «وكان الناقد نموذجاً فريداً من نوعه» من دون تمحيص الفرادة، أو أي نوع ذاك الذي ينتمي إليه. وأكثر الكتب التي لا رجاء منها هي كتب جمع المقالات التي كان وضعها؛ لأنها لا تغني ولا تفيد القارئ الذي ما زال على قيد الحياة.
> الأفضل هو الانطلاق بسلسلة عن نقاد السينما؛ ما يجعل اقتناء الواحد لهذه الكتب يتم حسب رغبة اقتناء تؤلف مكتبة كاملة وتجعل من الممكن لا قراءة نقد لأفلام بل نقد لمنهج وتأثير.
> أكتب هذا بعدما قرأت كتاباً عن الناقد المغربي الراحل مصطفى المسناوي صدر خلال العام الحالي (بعد وفاته بعامين) يختار من كتابات الناقد، وكان لامعاً وملماً بالفعل، بعض ما نشره من أفلام. طبعاً هناك قيمة تكمن في المقالات، لكن لا قيمة موازية تكمن في الكتاب إذا اكتفى بالتجميع والتبويب.