احتجاجات تهز الجنوب الليبي لاسترجاع «الحقوق المشروعة»

صعّد مواطنون ونشطاء في مدن الجنوب الليبي من غضبهم، في مواجهة السلطات بالعاصمة طرابلس، وهددوا بإغلاق حقل الشرارة النفطي، إذا لم يتم الاستجابة لجميع مطالب المنطقة المتمثلة في تحسين القطاع الصحي، وإعادة تشغيل محطة أوباري الغازية، مع وقف عمليات الخطف والابتزاز للمواطنين، والإخفاء قسراً.
وقال حراك «غضب فزان»، الذي يضم شباباً من مختلف مدن الجنوب، خلال اعتصامهم أمس أمام حقل الشرارة في حوض مرزق (جنوب غربي ليبيا)، إنهم أمهلوا في السابق حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، حتى 25 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكنهم اضطروا إلى تمديد المهلة حتى الحادي عشر من الشهر الحالي، إلا أنه لم يتم الاستجابة إلى مطالبهم حتى الآن، حسب تعبيرهم. وتوعد «الحراك» في بيان تلاه أحد قادته أمس بتعطيل حقل الشرارة النفطي بشكل نهائي عن الإنتاج خلال أسبوع، حال عدم تنفيذ مطالب أهالي الجنوب، فيما واصلوا نصب الخيام أمام الحقل للدخول في إضراب طويل المدى، بعد منعهم من دخوله من قبل رجال الأمن.
ويشتكي سكان الجنوب الليبي الإقصاء والتهميش منذ اندلاع الانتفاضة، التي أطاحت بالرئيس الراحل معمر القذافي، فضلاً عن غياب الأمن في المنطقة، التي باتت ملاذا آمناً للجماعات المسلحة العابرة للحدود. وفي هذا السياق قال روزّي عبد السلام، الذي ينتمي إلى مدينة أوباري، إن حراك «غضب فزان» يضم جميع أطياف المجتمع الجنوبي، ويستهدف حث الحكومة على حل أزمات المنطقة، من غلاء المعيشة، وشح المواد البترولية، وتعرض المواطنين للخطف والمساومة من عصابات تشادية.
وأضاف عبد السلام أن «ثلث النفط الليبي يتواجد في أرض الجنوب»، ومع ذلك «فنحن محرومون من كل الخدمات الحكومية، وكـأننا نعيش في دولة ثانية»، لافتاً إلى أن الحراك الذي هاجمه رئيس المؤسسة الوطنية للنفط (السيد) صنع الله، ليست له أغراض أو أهداف غير التقليل من معاناة المواطنين، وتوفير حقوقهم المشروعة، مثل السيولة النقدية في البنوك والمحروقات، وفرص عمل للشباب. وزاد موضحا: «يجب التحقيق مع حكومة الوفاق الوطني، والمجلس الرئاسي»، وسؤالهما عما قدما للجنوب خلال فترة حكمهما للبلاد».
ودائماً ما يطالب أعضاء مجلس النواب عن مدن الجنوب المختلفة سلطات البلاد بضرورة الالتفات إلى مطالب المواطنين، وإنقاذ الجنوب من براثن الجماعات المسلحة. وفي هذا السياق دعا مصباح دومة أوحيدة، عضو مجلس النواب عن مدينة سبها بجنوب ليبيا، أمس، المشاركين في حراك «غضب فزان» بالاستمرار في تصعيدهم إلى أن تستجيب السلطات لمطالب سكان الجنوب. وقال أوحيدة: «استمروا يا شباب فزان في المطالبة بحقوقكم، فلا صنع الله ولا غيره يستطيع تكميم أفواهكم»، بما سماه «عنصرية مجحفة» ضد أهالي الجنوب. في إشارة إلى رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله.
وطالب أوحيدة، القائم بأعمال النائب العام في ليبيا، بالتحقيق مع صنع الله، والصديق الكبير محافظ المصرف المركزي في طرابلس، وعبد المجيد حمزة رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء والمجلس الرئاسي، بسبب عدم توصيل الوقود إلى الجنوب، أو توفير الخدمات والسيولة والكهرباء، فضلاً عن «التلاعب بعوائد الاستثمارات والتحقيق في مجزرة براك الشاطئ، التي وقعت في مايو (أيار) العام الماضي، والتي قتل فيها أكثر من مائة شخص في هجوم من ميليشيات مسلحة، استهدف مقر قيادة اللواء 12 التابع للجيش الوطني الليبي».
وكرد فعل على الاعتصام، قال رئيس المؤسسة الوطنية الليبية للنفط إنه «لا يجب التسامح مع من يتسبب في خسارة الشعب الليبي مئات الملايين، أو مليارات الدولارات من عائدات إنتاج النفط، عن طريق التسبب في إغلاقه، لا لشيء سوى لتحقيق مصالح جماعات معينة». مضيفا في تصريحات نشرتها وسائل إعلام محلية، مساء أول من أمس، أن خطر إغلاق الموانئ النفطية والتوقف القهري عن إنتاج وتصدير النفط الليبي لم ينته بعد.
ودافع أحد مواطني سبها عن توجه شباب حراك فزان إلى تعطيل حقل الشرارة، إذ قال محمد لاسي أمس «فزان تعرضت للإهمال والتهميش والفوضى، وأصبحت تفتقد البنزين والغاز، والمطارات... يريدون منا أن نعود للعيش في الخيام، ونستعمل الخيل والبغال والحمير في التنقلات، والحمام الزاجل بدلاً من التليفون، والحطب للطبخ والتدفئة والإنارة».