نادي هارينغي المغمور يعيش حلم كأس الاتحاد الإنجليزي

قبل نصف ساعة من مجيئه عبر موقف السيارات للإشراف على التدريبات، كان توم لويزو المدير الفني لنادي هارينغي بورو الإنجليزي، الذي يلعب في دوري الدرجة السابعة، يبيع التذاكر في ملعب «كولز بارك» الذي يستضيف مباريات الفريق. وقرر رجل وزوجته من السكان المحليين دخول مقر النادي، لأول مرة وتم استقبالهما بشكل حماسي للغاية لأنهما كانا قادمين لشراء تذكرتين لحضور مباراة الفريق أمام ويمبلدون في إطار الجولة الأولى لكأس الاتحاد الإنجليزي. ووعد الزوجان بأن يعودا مرة أخرى لمشاهدة مباريات الفريق في الدوري المحلي مع ابنهما البالغ من العمر تسع سنوات.
وحتى وقت قريب للغاية، لم يكن الجمهور يفضل مشاهدة مباريات نادي هارينغي بورو، لكن النادي الذي يلعب في دوري الدرجة السابعة (الهواة) أصبح الآن أكثر شهرة ومتابعة من ذي قبل، وحضر مباراته أمام ويمبلدون نحو 2500 متفرج، وهي المباراة التي نقلت أيضاً للجمهور عبر قناة «بي بي سي».
وربما تكون أهم النقاط التي جذبت أنظار الجمهور لتلك المباراة تتمثل في أنها أقيمت على ملعب «وايت هارت لين»، الخاص بنادي توتنهام هوتسبر، الذي لا يبعد سوى أقل من ميل واحد من طريق توتنهام السريعة. وكان نادي هارينغي يسعى لإثبات أنه قادر على تقديم شيء مختلف.
وفي الوقت الذي ترتفع فيه أبراج ملعب توتنهام هوتسبر على المنطقة المحيطة من حوله، يرى لويزو، ورئيس نادي هارينغي، أكي أتشيليا، أنه لا يوجد سبب لكي يوجد فريقهما في الظل. وتعد منطقة هارينغي واحدة من أكثر المناطق الحضرية المحرومة في العاصمة البريطانية لندن، وهي منطقة تعكس الكثير من التناقضات الاجتماعية الصارخة والمثيرة للقلق في كثير من الأحيان.
وحتى وقت مبكر من هذا العقد من الزمان، لم يكن النادي في حالة جيدة لإحداث أي فرق يُذكر، لكن الأمور تغيرت بعدما تولت مجموعة صغيرة من المتطوعين العمل في النادي وتولى لويزو تدريب الفريق بدوام كامل، ليكون مسؤولاً عن كل شيء داخل النادي، بدءاً من اختيار الفريق وصولاً إلى إصلاحات الملعب.
وقد أصبح هذا النادي الآن مكاناً يمكن للمجتمع المحلي في منطقة هارينغي أن يتعاملوا معه على أنه منزلهم، ونادٍ يمكن للكثير ممن لا يستطيعون دفع قيمة تذاكر المباريات لمشاهدتها من الملعب أن يشاهدوا مبارياته مجاناً.
يقول أتشيليا، وهو محام طُلب منه في عام 1995 تقديم المساعدة في تسوية بعض القضايا المتعلقة بعقد إيجار النادي لكنه لم يبتعد عنهم منذ ذلك الحين: «لقد أردنا إشراك الناس في هذه المنطقة، والسماح لهم برؤية ما نقوم به هنا بدلاً من مجرد العمل خلف بوابات النادي».
وعندما وصل أتشيليا، كان عدد من يتابعون مباريات الفريق يتراوح بين 20 و30 شخصاً، ولم يتغير هذا الأمر على مدى عقدين من الزمان في حقيقة الأمر. ولم يجد النادي أي مصدر للتمويل إلا عندما أقنع أتشيليا سوقاً محلية بالعمل في مقر النادي يوم الأحد من كل أسبوع بمقابل مادي جيد.
لكن وصول لويزو للنادي قبل تسع سنوات قد أنعش حظوظ الفريق بصورة ملحوظة. وفي عام 2016 قرر أتشيليا فتح أبواب النادي مجاناً أمام الجمهور الذي يرغب في مشاهدة مباريات الفريق في الدوري المحلي.
يقول أتشيليا: «لقد قمنا بتطوير الملعب في عام 2016، ولدينا مرافق رائعة، لكن لا أحد يراها. لقد أردت خلق أجواء جيدة للاعبين أيضاً. وإنه لأمر رائع أن يلعبوا أمام جمهور يشدو بالأغاني ويصفق ويهتف».
وبلغ متوسط الحضور الجماهيري في المباراة الواحدة للفريق هذا الموسم 270 متفرجاً. وقد صعد الفريق لدوري الدرجة السابعة في إنجلترا في موسم 2017 - 2018، وبات هناك شعور جيد بقدرة الفريق على التطور والتحسن بمرور الوقت، وشهد النادي أجواء جيدة للغاية الشهر الماضي عندما فاز الفريق على بول تاون بهدفين مقابل هدف وحيد في الجولة التأهيلية الرابعة، لكي يشارك هارينغي في كأس الاتحاد الإنجليزي للمرة الأولى في تاريخه.
وقال لويزو: «لقد قال لي الجميع إنني مجنون عندما توليت قيادة الفريق، وأخبروني بأن النادي لا يمتلك شيئاً على الإطلاق. لكنني جئت إلى هنا وتمكنت من بناء بيئة العمل التي تناسبني، مع أشخاص أعرفهم وأثق بهم. وعندما تغلبنا على بول تاون، كان رئيس النادي يركض ذهاباً وإياباً مثل الطفل الصغير. لقد كان التأهل في البداية ثم وقوعنا في القرعة أمام ويمبلدون مثالياً. لقد كنا نخوض معركة خاسرة منذ بضع سنوات، لكن الأمور تغيرت الآن تماماً».
وقال لويزو إنه يقود فريقاً مكوناً من «الماس الخام»، على حد تعبيره، مؤكداً على أن لاعبيه يمتلكون السرعة والقوة. وأحرز جويل نوبلي، وهو شقيق مهاجم نادي كولشستر فرانك نوبلي، الهدف الذي أهل الفريق لمواجهة ويمبلدون في كأس الاتحاد الإنجليزي، كما يضم الفريق عناصر تمتلك الكثير من الخبرات مثل ديريك أسامواه، الذي سجل هدفاً لنادي كارلايل على ملعب «آنفيلد» في إطار مباريات كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة.
يقول مدافع هارينغي، راكيم ريتشاردز، الذي يلعب للفريق منذ فترة طويلة: «أمزح مع بعض اللاعبين، وأقول لهم إنني هنا منذ أن كنا نلعب على ملعب عشبي من دون أن تكون هناك شباك في المرمى من الأساس، وعندما كان يتعين على اللاعبين أن يمروا عبر موقف السيارات أثناء تغييرهم في المباراة! لقد بنينا النادي من لا شيء، وانظروا إلى ما وصلنا إليه الآن».
ويعمل ريتشاردز في دعم الأفراد على تحديد أهدافهم وتحقيقها بنادي توتنهام هوتسبر، ويأمل نادي هارينغي أن تتطور العلاقة بين الناديين لتصبح أقوى على المستوى الرسمي. وعبر نادي توتنهام هوتسبر عن اهتمامه بالترويج لمباريات نادي هارينغي، في الوقت الذي أعرب فيه أتشيليا عن رغبته في أن يحتضن ملعب فريقه مباريات كرة القدم النسائية لنادي توتنهام هوتسبر. وبات هارينغي على وشك أن يكون ممولاً ذاتياً بالكامل، كما أن تطويره لملعب الفريق سيضخ عليه أموالاً أخرى من الأندية والمنظمات التي ترغب في استخدامه. ويضع نادي هارينغي هدفاً نصب عينيه يتمثل في الصعود إلى دوري الدرجة الخامسة، وكان يمني النفس بالفوز على ويمبلدون والذهاب إلى مرحلة أبعد في كأس الاتحاد الإنجليزي، لكنه خسر بهدف دون رد، بعدما حقق ما يمكن وصفه بأنه إنجاز كبير في ظل الظروف التي يواجهها النادي، لكن هذه الخطوة هي بداية تحقيق الحلم.