9 من كل 10 أطفال يتنفسون هواءً ملوثاً عبر العالم!

كشفت منظمة الصحة العالمية في تقرير لا سابق له أن تلوث الهواء «يقضي على أدمغة الأطفال» ويؤثر على صحتهم أكثر مما كان يُعتقد سابقاً، مؤكدة أن أكثر من 9 من كل 10 أطفال يتنفسون هواءً ملوثاً للغاية مما «يعرّض صحتهم ونموهم لخطر شديد».
أُعد هذا التقرير بالتزامن مع انعقاد المؤتمر العالمي الأول للمنظمة حول تلوث الهواء والصحة. وهو يلخص أحدث ما توصل إليه العلم من معرفة تتعلق بالروابط بين التعرض لتلوث الهواء وتأثيراته الضارة على صحة الأطفال، علماً بأن «الغرض من ذلك هو التعريف بالحقائق وتحفيز الأفراد والعمل الجماعي من قبل المتخصصين في تقديم الرعاية الصحية»، بغية «منع حدوث أي ضرر على صحة الأطفال نتيجة التعرض لتلوث الهواء». ويشدد على أن تلوث الهواء «هو تهديد بيئي خطير يؤثر بالسلب على الصحة»، موضحاً أنه «يسبب التعرض للجسيمات الدقيقة الموجودة في كلٍّ من البيئة المحيطة وداخل المنازل في وقوع نحو 7 ملايين حالة وفاة مبكرة بين الأطفال في كل عام. ويتسبب تلوث الهواء في الأماكن المحيطة بمفرده في إلقاء تكاليف باهظة على الاقتصاد العالمي والتي بلغت ما يزيد على 5 تريليونات دولار أميركي من الخسائر الإجمالية في عافية الأطفال خلال عام 2013». ويفسر التقرير سبب تعرض الأطفال لآثار تلوث الهواء أكثر من البالغين، بأنهم يتنفسون بشكل أسرع فتمتص أجسادهم الملوثات بصورة أكبر.
وتضمنت النتائج تقديرات تفيد بأن 600 ألف طفل ماتوا عام 2016 بسبب التهابات حادة في الجهاز التنفسي ناجمة عن الهواء الملوث. وأوضح أن 93% من أطفال العالم ممن تقل أعمارهم عن 15 عاماً، يتنفسون هواءً ملوثاً يعرّض صحتهم ونموهم لخطر بالغ يمكن أن يؤدي إلى الموت. وأضافت أن «الخسائر الهائلة للمرض والوفاة التي كشفت عنها هذه البيانات الجديدة يجب أن تسفر عن نداء عاجل للعمل من المجتمع العالمي، وبخاصة لأولئك الموجودين في قطاع الصحة»، مشيرة إلى أن «تأثير تلوث الهواء داخل المنزل وخارجه هو الأسوأ في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل». وأظهرت النتائج الأخرى للتقرير بيانات تفيد بأن النساء الحوامل أكثر عرضة للولادة قبل الأوان عندما يتعرضن لهواء ملوث، علماً بأن أطفالهن معرضون أيضاً لأن يكونوا ناقصي الوزن، وهذا ما يسلّط الضوء أيضاً على الكيفية التي يمكن أن يتسبب بها تلوث الهواء في الإصابة بالربو وسرطان الأطفال، بينما يعوق أيضاً النمو العصبي. ويمكن للأطفال الذين يتعرضون لمستويات عالية من تلوث الهواء أن يصابوا بأمراض مزمنة مثل أمراض الأوعية الدموية في وقت لاحق من حياتهم.
وسلطت الخبيرة في تلوث الهواء بمنظمة الصحة العالمية الدكتورة ماري برون دريس، الضوء على آثار التعرض للهواء الملوث على البشر من فترة الحمل حتى المراهقة. وقالت إن «الأطفال أكثر عرضة بشكل خاص لتلوث الهواء، فهم يعيشون أقرب إلى الأرض حيث تتركز بعض ملوثات الهواء هذه. كما أنهم يتنفسون تقريباً بسرعة أكبر تقدَّر بضعف ما يتنفسه البالغون، أي أنهم يتنفسون هواءً أكثر. كما أن العديد من آليات الترشيح وطرق التخلص من هذه الملوثات لم تتطور بعد لدى الصغار. وهم أيضاً يتنفسون أكثر من خلال فمهم وليس أنوفهم، لذلك تصل الجزيئات الأكبر من الملوثات إلى الأجسام والرئتين».
أما مديرة إدارة الصحة العامة بالمنظمة الدكتورة ماريا نيرا، فأشارت إلى عواقب التعرض للهواء الملوث في أثناء فترة الحمل، قائلة إن «التعرض لتلوث الهواء في أثناء الحمل له عواقب وخيمة يمكن أن تؤدي إلى نتائج سلبية في الولادة، حيث يمكن أن يؤدي إلى إنجاب أطفال ناقصي الوزن. بالإضافة إلى ذلك، سيؤثر التعرض للهواء الملوث على نمو الأطفال العصبي والحركي».
وأفاد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبريسوس، بأن الهواء الملوث يسمم الأطفال ويدمّر حياتهم، مشدداً على أن ذلك الأمر «غير مقبول».
وفي تغريدة على «تويتر»، وضعت منظمة الصحة العالمية رابطاً لصفحة يمكن من خلالها التعرف على نسبة التلوث في المنطقة التي يقطن بها الشخص. وأوضحت أن المدن والقرى في أنحاء العالم تشهد تلوثاً في الهواء يزيد على المعدلات التي توصي بها منظمة الصحة العالمية لجودة الهواء.
وكجزء من دعوتها لاتخاذ إجراء من المجتمع الدولي، توصي المنظمة بسلسلة من التدابير «المباشرة» للحد من المخاطر الصحية الناجمة عن الجسيمات الدقيقة. ويشمل ذلك تسريع التحول إلى أنواع الطهي النظيف، ووقود التدفئة، وتشجيع استخدام النقل الأنظف، والإسكان الموفّر للطاقة والتخطيط الحضري، فضلاً عن دعم توليد الطاقة منخفضة الانبعاثات، والتكنولوجيات الصناعية الأكثر نظافة وأماناً، والإدارة الأفضل للنفايات المحلية من أجل الحد من تلوث الهواء.