الانتخابات البلدية تختبر قوة الحزب الحاكم و«الإسلاميين» في موريتانيا

أغلقت مكاتب التصويت في اثنتين من بلديات العاصمة الموريتانية نواكشوط، بعد أن أعيد فيهما الشوط الثاني من الانتخابات المحلية أمس، بموجب قرار من المحكمة العليا التي قبلت طعوناً في النتائج، التي أعلنت عنها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات منتصف شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
وأعيد الشوط الثاني من الانتخابات المحلية في بلديتي عرفات والميناء وحدهما، من أصل 217 بلدية تمتد على عموم التراب الموريتاني، وتسع بلديات في العاصمة نواكشوط، فكانت البلديتان الوحيدتان اللتان قبلت المحكمة الطعون في نتائجهما، وأمرت بإعادة الانتخابات فيها، وذلك في إجراء يعد الأول من نوعه في موريتانيا.
وفتحت مكاتب التصويت في البلديتين عند تمام الساعة السابعة صباحاً، وكان الإقبال على التصويت كبيراً في بلدية عرفات، بينما كان من متوسط إلى ضعيف في بلدية الميناء، وتنافس في البلديتين حزب «الاتحاد من أجل الجمهورية» الحاكم، مع تحالف أحزاب المعارضة، بقيادة حزب «التجمع الوطني للإصلاح والتنمية» (تواصل) الإسلامي.
ويحتدم صراع معلن بين الحزب الحاكم و«الإسلاميين» في بلدية عرفات، وهي واحدة من أكبر بلديات العاصمة نواكشوط، ظلت لسنوات كثيرة تحت سلطة «الإسلاميين»، وتعد مركز قوتهم داخل العاصمة نواكشوط، لكنهم واجهوا في هذه الانتخابات منافسة قوية من طرف الحزب الحاكم.
ويؤكد قادة الحزب الحاكم أن الحزب الإسلامي لجأ إلى عمليات تزوير في الشوط الثاني من الانتخابات ليضمن هيمنته على بلدية عرفات، وهو ما جعل المحكمة تقبل الطعن، وتقرر إعادة الانتخابات في البلدية، في وقت تشير فيه التوقعات إلى أن الحزب الحاكم قادر على قلب الطاولة لصالحه.
من جهة أخرى، قال الحسن ولد محمد، مرشح «الإسلاميين» لبلدية عرفات (أمس)، إن الدولة ترمي بثقلها من أجل التأثير على نتائج الانتخابات، لكنه وعد بتحقيق المفاجأة والانتصار في «الشوط الثالث»، وهو ما «سيرضي ضمائر سكان عرفات»، حسب تعبيره.
ووصف ولد محمد إعادة الانتخابات في بلدية عرفات بأنه «أمر غير مألوف»، وقال بهذا الخصوص «للمرة الأولى يُعاد الشوط للمرة الثالثة، والناخبون صوتوا للمرة الثالثة في استحقاقات واحدة... إنه أمر غير مألوف وغريب جداً».
في غضون ذلك، رمى حزب «الاتحاد من أجل الجمهورية» بثقله أمام مكاتب الاقتراع في بلدية عرفات، ورصد إمكانات هائلة لتعبئة الناخبين وحثهم على التصويت، فيما شوهد مناضلون من الحزب الحاكم، وهم يحذرون الناخبين من التصويت لصالح «الإسلاميين»، ويربطونهم بـ«التطرف والإرهاب».
وكان الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز قد هاجم «الإسلاميين» خلال الفترة الماضية، بينما اتخذت السلطات الموريتانية إجراءات صارمة ضد مراكز علمية تابعة لتيار «الإخوان المسلمين»، واتهمتهم بتدريس مناهج تحث على التطرف والغلو.
وظهر أمس أمام مكاتب التصويت في بلدية عرفات عدد من الأئمة والمشايخ الموريتانيين وهم يطلبون من المواطنين عدم التصويت لصالح «الإسلاميين»، مبرزين أن التصويت لصالح حزب «الاتحاد من أجل الجمهورية» الحاكم «سيقطع الطريق أمام المتطرفين»، فيما قال نائب رئيس رابطة الأئمة الإمام الشيخ ولد صالح أمام جمع من الصحافيين: «مرشح (الإسلاميين) في عرفات سيهزم مهما كلف ذلك من ثمن».
وأغلقت مكاتب التصويت عند تمام الساعة السابعة من مساء أمس، دون أن تسجل أي حوادث أو مشكلات أمنية، كما لم تسجل أي خروقات في سير عملية الانتخابات، وفق ما أكد رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد فال ولد بلال، الذي ظل يتجول في مكاتب التصويت طيلة يوم الاقتراع.
وأول من أمس، توجه مئات أفراد الأمن وعناصر الجيش إلى مكاتب الاقتراع في البلديتين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، إذ ينص القانون الموريتاني على أن أفراد الأمن يصوتون يوماً واحداً قبل المدنيين. ويعتقد مراقبون أنه بسبب قوة التنافس في هذه الانتخابات سيكون لأفراد الأمن تأثير مهم على النتيجة النهائية، فيما عبرت المعارضة عن خشيتها من صدور تعليمات لأفراد الأمن بالتصويت للحزب الحاكم، وهو ما تنفيه الجهات الرسمية. وفي هذا الصدد، قال سيدي محمد ولد محم، رئيس حزب «الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم»، إن «الخصم يحاول تحويل العملية الانتخابية الجارية في بلديتي الميناء وعرفات من مجرد تنافس سياسي على إدارة مجلس بلدي، إلى معركة بين الحق والباطل، وصراع بين الخير والشر».
من جانبه، قال الحسن ولد محمد، زعيم المعارضة ومرشح تحالفها لبلدية عرفات، إن «لحظة الحقيقة قد حانت»، مشيراً إلى أن السلطات هي التي دفعت نحو تنظيم شوط ثالث «بعد أن قال المواطنون كلمتهم، واختاروا من يمثل إرادتهم الحرة».
وبدأت عمليات فرز الأصوات مباشرة بعد إغلاق مكاتب التصويت، على أن تعلن النتائج الأولية بعد ساعات فقط.