فرق القمة الإنجليزية تختار أميركا للإعداد وجني مزيد من الأموال

عملت أندية النخبة في إنجلترا على الاستفادة من الصخب الذي جلبه مونديال البرازيل على لعبة كرة القدم في الولايات المتحدة، فاختارت المدن الأميركية مراكز للإعداد قبل انطلاق موسم الدوري الإنجليزي الممتاز الشهر المقبل.
وبينما يتطلع اتحاد كرة القدم الإنجليزي لطي تجربة المنتخب في مونديال البرازيل، فستستفيد أندية ليفربول ومانشستر يونايتد ومانشستر سيتي وتوتنهام من جولاتها الصيفية في الولايات المتحدة المنتعشة بالعروض القوية التي قدمها المنتخب الأميركي في كأس العالم.
إن المشاهد المبهجة في المدن الأميركية الكبرى التي رسمها فريق المدرب يورغن كلينزمان، الذي سحر العالم ولاقى استحسان الرئاسة، كانت انعكاسا لتطور اللعبة عبر المحيط الأطلسي. وفي بعض المدن، تجذب لعبة «كرة القدم» متوسط أعداد جماهير أكثر من لعبة البيسبول، وهو ما لم يمكن تصوره منذ وقت ليس ببعيد.
أندية النخبة الإنجليزية التي بعضها مملوك لشركات أميركية عملت على استغلال حمى المونديال في أميركا، وقررت عمل جولات عبر المدن المختلفة لإجراء بعض المباريات التي من شأنها عدها تجارب للموسم الجديد، وأيضا لجني أرباح تزيد عن مليون دولار في المباراة الواحدة.
ربما تثبت الصفقة التي أبرمتها هيئة الإذاعة الوطنية الأميركية (إن بي سي)، والتي وصلت قيمتها إلى 250 مليون دولار أميركي (أي ما يعادل 146.3 مليون جنيه إسترليني) لتغطية كرة القدم الإنجليزية الموسم الماضي، وتقدير عدد الأميركيين الذين شاهدوا الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي بنحو 31.5 مليون مشاهد، حجم تأثير اللعبة على الأميركيين الذين لم يكن معظمهم مغرمين بكرة القدم.
إن العبارات التي جرى تداولها عقب مشاركة منتخب أميركا المبهرة في المونديال، مثل «تغيير قواعد اللعبة»، وأنديتنا بدأت في جني الثمار، وتقدم دوري كرة القدم الأميركي، تعطي الأسباب الكافية التي جعلت أندية النخبة الإنجليزية تقبل على إقامة معسكرها في أميركا، سواء للاستفادة من البنية التحتية النموذجية للأندية هناك، أو حمى كرة القدم التي تجتاح البلاد حاليا، وتجذب الجماهير للملاعب حتى في المباريات الودية.
الرئيس التنفيذي لرابطة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم ريتشارد سكودامور كان يدرك ما ستجلبه هذه الصفقة من منافع، عندما أكد على إبرام العقد مع (NBC) في عام 2013. وقال وقتها: «اعتقدنا أننا قد نروج لهذا الدوري حول العالم عند مستويات معينة، ولكن يتوقف ذلك على ما يجلبه ذلك». وأضاف: «نعم، قد يكون هناك 1.2 مليار نسمة في الصين، و1.3 مليار نسمة في الهند.. ولكن ليس هناك متابعون في أي مكان على الإطلاق يشاهدون الرياضة بالقدر الذي يشاهده الجمهور في الولايات المتحدة».
وفيما يتعلق بمانشستر يونايتد وليفربول، فقد ترسخت الصلة الأميركية بقوة من خلال ملكية الناديين وهيكلهما التجاري مع عائلة «جليزر» ومجموعة «فينواي» الرياضية، اللتين تستحوذان على قاعدة جماهيرية عالمية، وتملكان بخبراتهما القدرة على أن يحافظا عليها ويعززوها.
سيلعب ليفربول مرة أخرى على ملعب فينواي بارك، وهو استاد «توأمه» الأميركي فريق بوسطن ريد سوكس، ويتوقع أن يصل عدد الحاضرين في مبارياته الأربع المقرر إقامتها في نيويورك وشيكاغو وشارلوت إلى نحو 150 ألف متفرج. بينما يظل مانشستر يونايتد أكثر الفرق جذبا للجماهير، حيث سيلعب في لوس أنجليس، وواشنطن، ودنفر وآن أربور.
ولا يزال فريق مانشستر سيتي يحاول اللحاق بركب منافسيه التاريخيين، وشعبيته آخذة في الزيادة في جميع أنحاء العالم بفضل كل لقب دوري يحصل عليه. ويلعب سيتي في ولايات كانساس وبيتسبرغ ونيويورك ومينيابولس، كجزء من بطولة كأس الأبطال الدولية التي يشارك فيها أيضا ريال مدريد وميلان وإنترميلان وروما وأولمبياكوس.
إن النفع الذي يجلبه وجود الأندية الإنجليزية في هذه المناطق كل صيف له شقان. فمن دون شك هناك دوافع تجارية، وزيادة العائدات المالية، وتعزيز العلاقات مع الجهات الراعية، وتدعيم الشعبية التي يمكن أن تدر مزيدا من المزايا.
وسيمثل اللقاء المرتقب الذي سيجمع بين ليفربول ومانشستر سيتي في استاد نيويورك يانكي فرصة جيدة للمشجعين الأميركيين، للاستمتاع بنموذج من صراع المنافسة على الدوري الإنجليزي.
يقول الرئيس التنفيذي التجاري لفريق ليفربول بيلي هوجان: «تجعل قواعد التدريب العالية والرحلات غير المرهقة من الولايات المتحدة وجهة جذابة، حيث سهولة التنقل بين المدن الرئيسة، وضمان الوصول إلى عدد أكبر من المتفرجين خلال أسبوعين».
وقال هوجان: «إنه وقت رائع للقيام بجولة في الولايات المتحدة عقب انتهاء كأس العالم». وأضاف: «عقب إقامة معسكر محلي ناجح للغاية، ولعب كرة قدم مثيرة، نرى أن هذا هو الوقت المثالي لنكون في السوق الأميركية». واستطرد: «لطالما حاز نادي ليفربول على قاعدة جماهيرية قوية في أميركا الشمالية، ولكن بالتأكيد رأينا زيادة في شعبية نادينا في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. لقد أتاحت الصفقة الجديدة التي أبرمها الدوري الإنجليزي الممتاز مع شبكة (إن بي سي) لبث المباريات لجمهور أكبر من أي وقت مضى، وكلنا أمل أن تساهم جولة هذا الصيف، التي تتبع الملاحم التي سطرها المنتخب الأميركي في مونديال البرازيل، في نمو هذه الرياضة (وزيادة شعبية ليفربول) في أميركا.
وقال هوجان: «هناك مزايا للقيام بجولات في الولايات المتحدة. أولها، ستسنح لنا فرصة اللعب في العديد من المدن الكبرى التي يفصلها عن بعضها رحلات قصيرة نسبيا. ستتاح لنا مرافق تدريب ذات مستوى عالمي في كل مدينة، وسنلعب في أربعة استادات تحمل رمزية كبيرة؛ فينواي بارك، وملعب سولجر فيلد، واستاد يانكي، وملعب بنك أميركا».
ويعتقد هوجان، الذي ينسب له الفضل في تجديد أنشطة ليفربول التجارية بشكل كامل منذ انضمامه لفريق العمل في أعقاب استحواذ مجموعة «فينواي» الرياضية على النادي، أن العرض الذي قدمه المنتخب الأميركي في كأس العالم سيكون له أثر كبير على إقبال الجماهير على مباريات الفرق الإنجليزية.
وأشار إلى أن «رد فعل الجمهور الأميركي بشأن هذه النسخة من كأس العالم كان (مختلفا)، مما كان له أثر إيجابي». وأضاف: «أصبحت هناك زيادة في معدلات المشاهدة التلفزيونية لمباريات كرة القدم خلال السنوات الماضية. واقترن ذلك بالأداء القوي الذي قدمه الفريق الأميركي، وتلك النسخة من بطولة كأس العالم أدت إلى انضمام كثير من المشجعين المحايدين، وذلك ما أظهرته التقييمات. بالإضافة إلى ذلك، ساعد إقامة كأس العالم في منطقة زمنية مناسبة للجمهور في الولايات المتحدة في تسهيل مشاهدة مزيد من المباريات طوال فترة إقامة البطولة».
ورغم أن تايلاند وإندونيسيا والصين تتربع على عرش متابعي فريق ليفربول عبر وسائل الإعلام الاجتماعية، فإن الموقع الرسمي في نسخته الإنجليزية ينضم إليه عدد أكبر من الزوار من الولايات المتحدة كل شهر مقارنة بأي بلد آخر. وحول ذلك يقول هوجان: «إننا نعتزم إطلاق مبادرة وسائل الإعلام الرقمية الجديدة التي تهدف إلى زيادة تفاعلنا مع المشجعين في أميركا الشمالية في وقت لاحق هذا العام».
أولئك الذين يقومون بتغطية كرة القدم الإنجليزية في أميركا لاحظوا تغييرا في السلوك. حيث كان يبدو أن هناك في السابق عزوفا لعشاق الرياضة الأميريكان عن تلك اللعبة، والآن أصبح العكس هو الصحيح.
ويقول كيث كوستيجان، الذي يعلق ويحلل مباريات دوري كرة القدم الأميركية والدوري الإنجليزي الممتاز لدى شبكة قنوات «فوكس» الرياضية: «إنه حقا أصبح من المألوف هنا أن تكون من محبي كرة القدم». وأضاف: «شهدت المرحلة الثانية من الفرق التي أضيفت إلى دوري كرة القدم الأميركية رواجا في شعبية اللعبة هنا. في الأصل لم يجرِ إعطاء أماكن، مثل سياتل وبورتلاند فرقا في دوري كرة القدم الأميركية، لكن منذ إضافتها إلى المسابقة، بنت قواعد جماهيرية في مدنها. ويزيد متوسط عدد عشاق فريق سياتل لكرة القدم عن مشجعي فريق البيسبول في المدينة».
وأضاف: «بالتأكيد يساهم عرض كل المباريات على شاشات التلفاز هنا في ذلك، حيث تغطي فوكس، والآن (إن بي سي) كل شيء خاص بالدوري الإنجليزي الممتاز، كما أن التغطية الإضافية تعد مؤشرا واضحا على ذلك النمو. لن يجدي ذلك نفعا إذا لم يكن الناس يتابعون».