نونو سانتو: نلعب دائماً من أجل تحقيق الفوز

يشرح المدير الفني لنادي وولفرهامبتون واندررز، نونو إسبيريتو سانتو، الأسباب التي تجعله يشعر بالضيق والغضب عندما يرى أحد لاعبيه الصغار في السن يصل إلى ملعب التدريب، مستقلاً سيارة فارهة أو ينفق 500 جنيه إسترليني على شراء زوج من الأحذية. يدرك سانتو أنه ليس من سلطته أن يطلب منهم عدم القيام بذلك، لذا يفضل أن يحكم عليهم بناء على أدائهم داخل الملعب وليس بناء على أي شيء آخر. ويقول المدير الفني البرتغالي: «إنها ليست نقودي، وهل هناك سلطة تجعلني أتخذ قراراً بشأن ما ينفقه اللاعبون؟».
على أية حال، كان سانتو شابا هو الآخر في يوم من الأيام، وقد قام بأفعال مماثلة، حيث سبق له وأن اشترى قطعة أرض تطل على كنيسة «سانتواريو دا بينها» الشهيرة في مدينة غيماريش، ويرى البرتغاليون أن هذا يعد إسرافاً، لكن سانتو كان يريد أن يبني منزل أحلامه على قمة أعلى تل في المدينة. وكان كل ما يحتاج إليه هو الحصول على تصريح من مجلس المدينة قبل المضي قدما في خطته. وعندما يفكر سانتو في الأمر الآن يرى أنه كان من الأفضل أن يسأل عن كل الأمور المتعلقة بهذا الأمر قبل أن يشتري قطعة الأرض.
ويقول عن ذلك: «عندما قمت بشراء الأرض، قالوا لا يمكنك البناء عليها. وبعد ذلك ذهبت إلى مجلس المدينة مرة أخرى وسألتهم عما إذا كان يمكنني البناء، فقالوا لا لأن المنطقة محمية. لقد طلبوا مني أن أنسى أمر البناء على هذه الأرض تماما، وفي الحقيقة كان يتعين علي أن أسأل عن ذلك قبل الشراء».
ويضيف: «لكن هذا الأمر حدث في عام 2002 عندما كنت لا أزال في السابعة والعشرين من العمر. نحن نذهب إلى هناك في بعض الأحيان ونكتفي بالجلوس حيث المناظر رائعة، لكن مجلس المدينة لا يسمح بالبناء هناك لأن الأرض على ارتفاع 200 متر».
ويجلس سانتو مع مجموعة من المراسلين في ملعب تدريب نادي وولفرهامبتون واندررز ويسألهم ضاحكا عما إذا كان أي منهم يريد شراء قطعة الأرض هذه! كما لو كان يسخر من نفسه، ليدرك من حوله على الفور أنه قد يكون مديرا فنيا صارما لكنه ليس متعجرفا على الإطلاق.
إنه مدير فني محترف ويهتم بأدق التفاصيل، لكنه ليس من نوعية المدربين الذين يستعينون بمخبرين لكي ينقلوا لهم كل شيء يقوم به اللاعبون. يقول سانتو عن ذلك: «لديهم حسابات على موقع إنستغرام. إنهم فخورون جدا بإظهار أنفسهم وبالأشياء التي يقومون بها، ولست مضطرا لمطاردتهم».
ويشعر سانتو بسعادة غامرة منذ وصوله للعمل مع نادي وولفرهامبتون واندررز في صيف عام 2017 وقيادته الفريق للحصول على لقب دوري الدرجة الأولى بفارق كبير عن أقرب منافسيه والتأهل إلى الدوري الإنجليزي الممتاز.
ويؤكد المدير الفني السابق لأندية بورتو وريو أفي وفالنسيا على أنه لا يعتزم الرحيل عن وولفرهامبتون واندررز، حيث يحظى بدعم كامل من ملاك النادي الصينيين، وهناك اعتقاد بأن الفريق يمكنه تحدي أندية الصفوة في الدوري الإنجليزي الممتاز. ويؤكد سانتو على تصميمه على خلق هوية تميز النادي بأكمله.
ويركز سانتو، الذي كان جزءا من الطاقم الفني للمدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو مع نادي بورتو خلال الفترة بين عامي 2002 و2004، على العمل الجماعي، وقد خلق ثقافة تجعل كل شخص يحيي الجميع في النادي في الصباح. وربما حرص سانتو على ذلك بفضل نشأته في جزيرة برينسيب. ويقول عن ذلك: «لقد نشأت دون حذاء لأن منزلي كان قريبا للغاية من الشاطئ. لم تكن هناك سيارات تمر ونحن نلعب، لقد كنا نعيش في مكان كالجنة». وقد حقق نادي وولفرهامبتون واندررز رقما قياسيا في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز من خلال خوض أول ثماني مباريات في الموسم بنفس التشكيلة الأساسية، وهو الأمر الذي جعل سانتو يشيد بالطاقم الطبي بالنادي بعد أن حصل على جائزة أفضل مدير فني في شهر سبتمبر (أيلول)، حيث قال: «أتمنى أن أفوز بهذه الجائزة مرة أخرى. وأود أن أهدي الجائزة إلى كل من يعملون في النادي من خلف الكواليس، لأنه من دونهم لا يمكن القيام بأي شيء».
وأضاف: «سوف أعطي لكم مثالا، فنحن في نادي وولفرهامبتون واندررز نتدرب الساعة العاشرة صباحا، وفي هذا التوقيت في شهر يناير (كانون الثاني) تكون درجة الحرارة خمسة تحت الصفر. وبالتالي، قد يأتي لاعب في حالة مزاجية سيئة لأن أحد العاملين لم يعطه قبعته وقفازه، وهنا سنواجه مشكلة. في الحقيقة، يجب أن يكون لديك فريق دعم جيد، لأنه إذا أمضى اللاعب ليلة سيئة وجاء للنادي في اليوم التالي فإن أول شخص سيقابله هو الطبيب. وإذا كان الطبيب قادراً على تقديم الدعم الجيد للاعب، فسيكون هذا أول شيء يؤثر عليه بشكل إيجابي، والعكس صحيح».
لكن ماذا عن اللاعب الذي يشتكي بسبب الطقس؟ يقول سانتو: «هذا لا يحدث، لأنني قد تحدثت بالفعل مع المسؤول عن الأدوات والمعدات داخل النادي وطلبت منه أن يقدم للاعبين كل ما يحتاجونه. فبدلاً من محاولة حل الأمور بالعقوبات، نعمل على تغيير بيئة العمل بحيث يتعلم اللاعبون، فعلى سبيل المثال إذا جاء لاعب إلى التدريبات متأخرا فسوف ننتظره ولن نبدأ التدريب من دونه. وبدلاً من فرض غرامة مالية قدرها ألف جنيه إسترليني عليه، نسأله: ما الذي حدث في حياتك لكي يجعلك تتأخر ويجعلنا ننتظرك حتى نبدأ العمل؟».
وقد استمرت تلك المقابلة الصحافية مع سانتو لمدة 75 دقيقة، ركز خلالها المدير الفني البرتغالي على الحديث عن صفاته القيادية. يحب سانتو الحديث عن كرة القدم، لكن من الصعب ألا يشعر المرء بأن وجهات نظره في الحياة تعكس أسلوبه في الهجوم داخل الملعب.
وتفضل بعض الفرق بعد تأهلها إلى الدوري الإنجليزي الممتاز اللعب بطريقة دفاعية، لكن وولفرهامبتون واندررز يلعب بطريقة متوازنة بين الدفاع والهجوم وهي طريقة 3 - 4 - 3 ويحتل المركز السابع في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز.
وقد اقتنص وولفرهامبتون واندررز نقطة ثمينة من مانشستر يونايتد على ملعب «أولد ترافورد» الشهر الماضي، كما نال إشادة كبيرة بسبب عدم اعتماده على خطة دفاعية واللعب بشكل هجومي في المباراة التي تعادل خلالها مع مانشستر سيتي بهدف لكل فريق في أغسطس (آب) الماضي.
ويتمنى معظم المديرين الفنيين أن يخرجوا بأقل الخسائر أمام مانشستر سيتي بقيادة مديره الفني الإسباني جوسيب غوارديولا، لكن سانتو لا يفكر بهذه الطريقة، ويقول: «نحن لم نلعب بهذه العقلية أبدا، ولن نلعب بها في المستقبل، لأنني أرى أن هذا الأمر غير منطقي، فكيف يمكن لمدير فني أن يبني خطة لعبه من أجل التعادل فقط؟ فمن الممكن أن تبني خطتك على هذا النحو ثم تأتي ركلة ركنية وتستقبل هدفا وتفشل الخطة التي وضعتها من أجل إدراك التعادل! وعندئذ سوف يأتي إليك اللاعبون ويقولون لك: ماذا نفعل الآن؟» وأضاف: «ما يتعين عليك القيام به هو أن تكون قوياً جداً في كل ما تفعله، وهذا هو الهدف من بناء أي فريق، وسيكون من السذاجة أن تعمل بأي طريقة أخرى».
وعندما سُئل سانتو عن الحديث الذي يثار حول طريقة اللعب الدفاعية التي يلعب بها المدير الفني لنادي نيوكاسل يونايتد أمام الفرق الكبرى، رد قائلا: «ليس لدي أي تعليق. أنا أتحدث عن نفسي فقط. ولا يمكننا بناء خطة لعب من أجل التعادل. قد يتغير كل شيء بسرعة، لكن يجب عليك أن تعمل من أجل الفوز ولا شيء غيره».
وأضاف: «يجب أن تبث روح الفوز في نفوس لاعبيك وأن تحلل لهم الطريقة التي يلعب بها المنافس وخطة لعبه والنقاط الإيجابية لديه. قد يكون المنافس يفضل اللعب على أطراف الملعب لكنني أفكر في إجباره على اللعب من العمق، وهكذا.
أنا أعمل على أن أجعل الفريق المنافس يكون رد فعل لطريقة لعبي وليس العكس. وأبني دائماً طريقة لعبي على قطع الكرات من أجل التقدم للأمام والبدء في شن الهجمات، لا أبني خطة لعبي أبداً على الرغبة في الخروج بالتعادل».
ويقول سانتو إن لاعبي كرة القدم السابقين يكونوا مؤهلين بصورة أفضل للتعليق على الخطط التكتيكية، لكنه يعتقد أيضاً أن الشخص العادي قد يرى شيئاً لا يراه الشخص المتخصص لأنه ينظر إلى الأمور من بعيد.