دكتوراه عن الإرهاب في سيناء: مصر تتعامل مع «المتطرفين» كمفسدين

أكدت أول رسالة دكتوراه عن «الإرهاب والتطرف في شبه جزيرة سيناء»، أن التوصيف الشرعي للجماعات الإرهابية، أنهم من المفسدين في الأرض، وهذا التوصيف هو الوحيد الذي يُمكّن قوات الجيش والشرطة من التعامل معهم بما يرونه مناسباً، ولو كان بقتلهم لمجرد ثبوت تجمعهم واستعدادهم لتنفيذ عمليات إرهابية ولو لم ينفذوا ذلك بالفعل. وقال الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء في مصر، وهو أحد أعضاء لجنة تحكيم رسالة الدكتوراه، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الرسالة بيّنت أن الجماعات الإرهابية هي جماعات سياسية وليست دينية ومرتبطة بالخارج».
وشهد معهد الدراسات الآسيوية بجامعة الزقازيق بمحافظة الشرقية بدلتا مصر، مناقشة أول رسالة دكتوراه حول «الإرهاب ما بين التطرف الديني والسياسي... دارسة حالة في شبه جزيرة سيناء» للباحث إسلام محمد الخولي. وضمت لجنة المحكمين لرسالة الدكتوراه، الأمين العام لهيئة كبار العلماء (أعلى هيئة دينية في الأزهر)، واللواء محمد مجاهد الزيات، أستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، وأشرف على الرسالة، الدكتور سيد أبو ضيف، أستاذ العلوم السياسية جامعة قناة السويس، والدكتور ناجي هدهود، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر رئيس قسم الحضارات بمعهد البحوث والدراسات الآسيوية جامعة الزقازيق.
وقسّم الباحث رسالة الدكتوراه إلى 4 فصول، الأول عرّف الإرهاب والتطرف لغةً واصطلاحاً، وصور وأشكال الإرهاب والتطرف وأسبابهما، وكذلك التطرف والإرهاب من المنظور الديني. والثاني قدم الباحث فيه لمحة تاريخية عن الإرهاب والتطرف، والإرهاب من منظور الديانات السماوية الثلاث «الإسلام، والمسيحية، واليهودية». وتناول الباحث في الفصل الثالث الإرهاب من المنظور السياسي، بالإضافة إلى عرض وجهتَي النظر العربية والغربية في الإرهاب. أما الرابع فكان على تطبيق حالة الإرهاب والتطرف في شبه جزيرة سيناء، حيث تناول الطبيعة الجغرافية والسياسية وعوامل انتشار الجماعات الإرهابية في سيناء.
وتحولت محافظة شمال سيناء الحدودية إلى بؤرة إرهابية مشتعلة منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة «الإخوان» عام 2013، وتنتشر فيها جماعات متطرفة، من أبرزها تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذي بايع تنظيم «داعش» الإرهابي عام 2014 وبدَّل اسمه إلى «ولاية سيناء»... وتشن قوات الجيش والشرطة المصرية عملية أمنية كبيرة في شمال ووسط سيناء منذ 9 فبراير (شباط) الماضي، لتطهير المنطقة من عناصر متطرفة، وتُعرف العملية باسم «المجابهة الشاملة (سيناء 2018)».
وقال الأمين العام لهيئة كبار العلماء، عضو لجنة المحكمين، إن «رسالة الدكتوراه فعلاً مهمة، لا سيما أن صاحبها من رجال الشرطة، وتحدث فيها عن التطرف والإرهاب وأسبابهما الدينية والسياسية، وسلّط الضوء على ما يحدث في سيناء، وقد بيّنت في بداية المناقشة خطورة التطرف وما يترتب عليه من إرهاب، والتوصيف الشرعي للجماعات الإرهابية، وهو أنهم من المفسدين في الأرض المحاربين لله ورسوله، الذين قال فيهم رب العالمين (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقتَّلوا أو يُصلَّبوا أو تُقطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يُنفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم)».
وأضاف شومان في تصريحات مع «الشرق الأوسط» تعليقاً على مناقشة الرسالة، هذا التوصيف هو الوحيد الذي يمكّن قوات الجيش والشرطة من التعامل مع هؤلاء بما يرونه مناسباً ولو كان بقتلهم لمجرد ثبوت تجمعهم واستعدادهم لتنفيذ عمليات إرهابية ولو لم ينفذوا ذلك بالفعل، بخلاف الأوصاف الأخرى كوصفهم بالخوارج أو البغاة، لأن البغاة لا يقاتلون إلا إذا بدأوا بالقتال بالفعل، وأن التعامل معهم يكون متدرجاً من الوعظ إلى التهديد إلى الضرب وانتهاءً بالقتل، وهذا لا يناسب هؤلاء المجرمين، كما أن وصفهم بالكفار قد يمكّنهم من الإفلات من العقاب.
، وذلك إذا قُبض عليهم قبل تنفيذ عمليات إرهابية بالفعل مع اعترافهم باعتزامهم تنفيذ هذه الجرائم، حيث يمكنهم إعلان الشهادتين وإعلان التوبة، وهنا يلزم القاضي الحكم ببراءتهم، لأن الإسلام يُجبّ ما قبله، بخلاف ما لو وصفناهم بالمفسدين، لأن توبة المفسدين لا تُقبل ولا ينتفعون بها في الدنيا ما لم تكن صادرة قبل القبض عليهم، لقوله تعالى «إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم»... وهذا لا يفهمه كثير من الناس، ولذا يلومون الأزهر على عدم تكفيرهم.
وأشار الدكتور شومان إلى أن «الدراسة بيَّنت أن الجماعات الإرهابية معظمها سياسية وليست دينية، وأنها مرتبطة بالخارج، وليست كما يصوّرها البعض وحتى الباحث في رسالته أنها جماعات محلية»، موضحاً أنه من واجبنا جميعاً دعم جهود الجيش والشرطة، حتى القضاء على هذه الجماعات المفسدة.