روس المدير الفني لسندرلاند: لن أندم أبداً على قبول هذه المهمة

ربما لا يعرف كثيرون شيئاً عن مسيرة الاسكوتلندي جاك روس لاعباً، لكنه حقق نجاحات كبيرة في مجال التدريب جعلته يتولى قيادة نادي سندرلاند الإنجليزي ليصبح المدير الفني رقم 12 للنادي خلال 10 سنوات مر خلالها النادي بكثير من الصعوبات. ولم يقتصر عمل روس على كرة القدم وحدها؛ إذ حصل على درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة «هيريوت وات» في العاصمة الاسكوتلندية إدنبره، وكتب سلسلة من كتب الأطفال. وقبل أن يعمل في مجال التدريب بدوام كامل، شغل روس مناصب عليا في الاتحاد الاسكوتلندي لكرة القدم وفي «النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين (فيفابرو)».
يقول روس (42 عاماً): «وصلت إلى مفترق طرق كبير عندما تلقيت عرضا من نادي هآرتس الاسكوتلندي للعمل في مجال التدريب بدوام كامل. تحدثت مع شخص أحترمه كثيرا وسألني: هل تحب كرة القدم بصفة عامة أم تعشقها بالفعل؟ إنه سؤال مهم للغاية، لأن هناك فارقا كبيرا بين الاثنين، ولذا قلت له إنني أكون في أسعد لحظات حياتي عندما أعمل في هذه اللعبة. لو كنت تحب هذه اللعبة فقط، فسوف تشعر بالاستياء من الطريقة التي تهيمن بها هذه الوظيفة على كل حياتك ولا تجعلك قادرا على القيام بأي شيء آخر».
وبعد العمل مع هآرتس، خاض روس تجربة مثيرة للإعجاب عندما تولى تدريب نادي ألوا، قبل أن يشرف على تدريب نادي سانت ميرين ويقوده إلى الصعود للدوري الاسكوتلندي الممتاز خلال الربيع الماضي. ونتيجة لهذا الإنجاز الكبير، لم يحصل روس على جائزة أفضل مدير فني في اسكوتلندا فحسب، لكنه جذب أنظار مسؤولي أندية خارجية، ومن بينهم ستيوارت دونالد، المالك الجديد لنادي سندرلاند.
وبعدما قضى نادي سندرلاند 10 سنوات كاملة في الدوري الإنجليزي الممتاز، هبط النادي إلى دوري الدرجة الثالثة (الثانية في الدوري الإنجليزي) للمرة الثانية في تاريخه. ونتيجة لذلك، تعاقد النادي مع روس لكي يساعده على العودة إلى المسار الصحيح. وفور توليه المسؤولية، تعاقد روس مع 12 لاعبا جديدا وتخلى عن خدمات 15 لاعبا، كان آخرهم بابي دجيلوبودجي، وديدييه ندونغ، في مفاجأة كبيرة. وقال روس عن ذلك: «أنا واثق بأنه لو عملت لسنوات طويلة أخرى في مجال التدريب فإنني لن أواجه مرة أخرى التحديات التي واجهتها هذا الصيف. إنها مهمة صعبة للغاية، ولكنها رائعة للغاية أيضا. لن أندم على تولي هذه المهمة مطلقا، ومهما حدث».
وأضاف: «من الصعب جداً وصف مدى أهمية هذا النادي. إنه ناد كبير، ولو انتقل للعب في أي بلد في العالم فسيظل ناديا عملاقا أيضا. من الصعب أن تشرح ذلك للأشخاص الذين لا يعرفون النادي ولم يذهبوا إليه، لكن عندما يذهبون لمشاهدة أي مباراة من مباريات الفريق فإنهم يقولون: يا إلهي، لقد أدركنا الآن كم هو ناد عظيم!».
ويحتل سندرلاند تحت قيادة روس حاليا المركز الخامس في جدول الترتيب، ويعمل النادي على الصعود لدوري الدرجة الثانية بشكل تلقائي في نهاية الموسم. وأعرب روس عن سعادته الكبيرة بسبب الحضور الجماهيري الذي يصل لنحو 30 ألف متفرج في كل مباراة من مباريات الفريق، وقال: «ما زلت أشعر بأننا لم نصل إلى المستوى المطلوب حتى الآن. تسير الأمور بشكل جيد، لكن ليس بالشكل الذي أريده بالضبط. ويعود السبب في ذلك إلى التحديات الهائلة والشكوك الكبيرة التي نواجهها».
ويؤمن روس بأن اللعب في سندرلاند يتطلب قدرات وإمكانات معينة لا تتوفر في أي لاعب، ويقول عن ذلك: «اللعب هنا يتطلب فنيات وقدرات معينة، ولذا ندرس قدرات اللاعب جيدا قبل التعاقد معه. لكن لا أعتقد أن المنافسة القوية يجب أن تجعل أي لاعب يشعر بالإزعاج، بل يتعين على اللاعب أن يتكيف مع هذا الأمر. أنا دائما أضع الضغوط على نفسي، لكن الضغوط هنا مختلفة تماما. أنت هنا بحاجة إلى لاعبين أقوياء يثقون بأنفسهم ويثق بعضهم ببعض».
وأضاف: «المديرون الفنيون الناجحون اليوم يمتلكون جميعا ذكاء كبيرا في التعامل النفسي مع اللاعبين ومساعدتهم على تقديم أفضل ما لديهم، لكن خلق الدوافع والحوافز للاعبين من خلال ترهيبهم وتخويفهم لا يدوم طويلا ولا ينجح إلا على المدى القصير فقط». ويقول روس عن دراسته الاقتصاد: «لقد تعلمت من هذه الدراسة أشياء قيمة للغاية، مثل الانضباط والالتزام ووضوح الفكر».
كما أن دارسة روس الاقتصاد فتحت الباب أمامه للعمل في الاتحاد الاسكوتلندي لكرة القدم ومنحته نافذة لمعرفة ما يدور في عقول لاعبي كرة القدم. يقول روس: «لقد بدأت القصة عندما لعبت دورا في المراهنات الرياضية، ثم تشعبت واتجهت لمجال الاتصالات والصحة العقلية. وتجب الإشارة إلى أن اللاعبين لديهم الشعور نفسه بعدم الأمان والقلق مثل أي شخص آخر. إنهم يعيشون حياتهم في أجواء عامة تخضع لتدقيق شديد. ويتمثل فن الإدارة في كيفية مساعدة الشخص على تقديم أفضل ما لديه. لو رأى الشخص أنك مهتم به، فسيتجاوب معك، لكن يتعين عليك أن تجد الوقت المناسب للحديث بشكل ودي وغير رسمي مع اللاعبين».
وقد شهدت غرفة خلع الملابس بنادي سندرلاند كثيرا من التوترات والأجواء غير الجيدة خلال السنوات الأخيرة. يقول روس عن ذلك: «نحن نحاول تغيير هذه الثقافة. لكن أي شخص يعاني فترة طويلة من الفشل والنقد المتواصل سيفقد ثقته في نفسه واحترامه لذاته، وبالتالي سيكون قلقا للغاية من تعرضه لأي انتقادات، وهو الأمر الذي سينعكس على سلوكه في نهاية المطاف. لقد كونت رأياً عن كل شخص كان في النادي عندما توليت المسؤولية، وفي الحقيقة كان بعضهم أفضل كثيرا مما يعتقد البعض، سواء من ناحية اللعب أو من الناحية الشخصية». وأضاف: «قد تكون هناك كثير من الآراء المختلفة بشأن لاعب الفريق لي كاتيرمول، لكن (لي) يتدرب بشكل رائع، ويقدم دعما كبيرا لي وللطاقم الفني».
وفي ما يتعلق بكتابة قصص للأطفال، قال روس إنه استلهم أفكار هذه القصص خلال رحلته إلى المدارس بصفته داعما لحملة «أظهر البطاقة الحمراء للعنصرية». وقال: «لقد كتبت 6 أو 7 روايات للأطفال، وأحببتها كثيرا. في الحقيقة، أود العودة لكتابة مثل هذه القصص مرة أخرى في يوم ما، لكن لدي كثير من الأشياء التي يتعين علي القيام بها في الوقت الحالي». وأضاف: «لقد بدأت العمل على نظام اللياقة البدنية (كروس فيت)، وقد تكون هذه الجلسة هي الساعة الكاملة الوحيدة خلال الأسبوع التي لا أفكر فيها في العمل على الإطلاق. يكاد يكون من المستحيل الاسترخاء تماماً، ومن النادر أن تشاهد برنامجا تلفزيونيا ينقلك إلى عالم مختلف تماما. وحتى عندما تلعب مع الأطفال، فإن انتباهك يكون مشتتا، وتبدأ التفكير في أشياء مثل: هل أنا أب مزعج؟ هناك كثير من الأشياء التي تدور في رأسك والتي تستهلك طاقتك تماما».
وعلى الرغم من هذه الأشياء التي تشتت الانتباه، فإن روس يستغل بعض الوقت لاستكشاف الريف والذهاب إلى منزل عائلته الجديد في نورثمبرلاند مع ابنتيه الصغيرتين وزوجته هيثر، التي تعمل معلمة. وقال روس: «كانت هيثر تعتقد أن حياتي سهلة للغاية لأنني لاعب كرة قدم، لكن أعتقد أنها قد غيرت وجهة نظرها تماما الآن». وتشعر نجلتا روس بسعادة غامرة لأنه في كل مرة يحقق فيها سندرلاند الفوز، فإن مشجعاً غير معروف يعطي لروس معزة. ويتمنى روس أن ينجح في تجميع قطيع كبير من الماعز، لكنه يشعر بالارتياح لأنه بدلاً من أن يترك الماعز يدمر حديقته، فإنه يتبرع بهذه الحيوانات للعائلات المحرومة في أفريقيا. ويقول عن ذلك: «إنه أمر غير عادي، لكنه جيد، والناس يستفيدون من ذلك. دعونا نأمل أن يكون لدينا كثير من الماعز في نهاية الموسم».