بين الإعلام والشورى... والحياة

بدأت رحلتي مع الصحافة مبكراً... وتحديداً منذ المرحلة المتوسطة من دراستي عندما كنت أشرف على صحف المدرسة الحائطية وأنا طالب في مدينتي الغالية جيزان، ثم تطورت بمراسلة بعض الصحف المحلية مثل «البلاد» السعودية بجدة، وصحيفة «الندوة» ثم «قريش» بمكة ومجلة «المنهل» الشهرية وصحيفة «الأضواء»، ثم مجلة «الرائد» لصاحبها الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين.
وعملت لأكثر من صحيفة ومجلة بالأخبار والتحقيقات، كما أكتب فيها بعض المقالات وأنشر القصص.
وفي العام 1959 بدأت أنا والزملاء محمد عبد الرحمن الدريبي، وعلوي الصافي وحمد مسرحي وعبد الكريم زيلعي - يرحم الله من مات منهم ويطيل في أعمار الأحياء - في نشر صفحة أسبوعية في صحيفة «الندوة» بعنوان «صفحة الجنوب» تعكس كثيرا مما كان يدور في المنطقة.
ولظروف خاصة انتقلت عام 1962 إلى مدينة جدة، وعملت بإدارة الجمارك وكنت أتواصل مع كل من الإذاعة وبعض الصحف، واستقر بي المقام للعمل في صحيفة «الرائد» محرراً رياضياً... ثم محرراً فنياً.
بعدها بعامين بدأت العمل في جريدة «المدينة» محررا متعاونا لمدة 6 سنوات، ثم تفرغت للعمل بها لمدة 3 سنوات، بدءا بالعمل رئيسا للقسم الرياضي وانتهاء بالعمل سكرتيرا للتحرير للشؤون المحلية. وعندما أنهيت دراستي الليلية في المرحلة الثانوية متنقلا بين مدرسة الشاطئ والمنهل الثقافي، توقفت عن العمل الصحافي والتحقت بقسم المكتبات والمعلومات بجامعة الملك عبد العزيز، واكتفيت بممارسة الصحافة «ليلاً»، بالإضافة إلى التعاون مع الإذاعة والتلفزيون وقدمت كثيرا من البرامج فيهما وأعددت البعض الآخر.
وعندما أنهيت دراستي الجامعية عُينت معيدا في قسم المكتبات ثم ابتعثت إلى أميركا لدراسة الماجستير والدكتوراه في نفس التخصص... لكنني لظروف خاصة لم أتمكن من الاستمرار بالدراسة سوى 6 أشهر، عدت بعدها للعمل بقسم المكتبات والمعلومات مع التحضير للحصول على الماجستير في التخصص، وعيّنت بعدها محاضرا بالقسم إلى جانب عملي بجريدة «البلاد» بعد أن عدت إليه إثر عودتي إلى المملكة، وبعد أن حصلت على الماجستير قدمت إلى جامعة القاهرة للحصول على درجة الدكتوراه في نفس التخصص.
وفي عام 1980 عُينت رئيسا لتحرير «عكاظ» واستطعت أن أوفق بين العمل الصحافي والعمل الأكاديمي إلى أن حصلت على الدكتوراه بتاريخ 31 أكتوبر (تشرين الأول) 1984 ليتم تعييني في وظيفة أستاذ مساعد بقسم المكتبات والمعلومات بجامعة الملك عبد العزيز.
ولكي أوفق بين عملي في رئاسة التحرير وعملي في الجامعة فقد حصلت على استثناء من المقام السامي للجمع بينهما.
وفي أول تشكيل لمجلس الشورى عام 1414هـ تم اختياري عضوا في المجلس، ولمدة دورتين متتاليتين.
لكنني في بداية الدورة الثانية لعضوية المجلس قدمت على التقاعد من عملي بالجامعة، وأصبحت أجمع بين عضوية «الشورى» ورئاسة تحرير جريدة «عكاظ» باستثناء ملكي خاص.
ثم كلفت مديرا عاما لمؤسسة عكاظ الصحافية، ورئيسا لتحرير جريدتها إلى جانب استمرار عضويتي في مجلس الشورى. واستمر جمعي بين المنصبين في مؤسسة عكاظ إلى العام 2002، واستمررت رئيسا للتحرير إلى جانب عضويتي بـ«الشورى» التي انتهت بانتهاء الدورة الثانية.
وبعدها كلفت بالعودة إلى رئاسة تحرير «عكاظ»، لكنني لم ألبث أن استقلت منها وأخلدت إلى الراحة... وبدأت أستفيد من التفرغ لإعداد بعض الكتب.
وإذا كان عملي في مجالات الإعلام كافة قد فتح أمامي كثيرا من العوالم المغلقة وأعانني على الاقتراب أكثر من الناس، فإن محطتي العلمية والأكاديمية بالجامعة قرابة 15 عاما قد وضعتني في المكان الذي أحببته واستفدت منه كثيرا في إسكابي المزيد من المعارف والإلمام بطرائق التفكير المنهجي وساعدتني على تحسين مستوى التخطيط في حياتي العلمية والعملية كثيراً.
أما محطة «الشورى» فإنها عرفتني بكوكبة عظيمة من العقول المحترمة ممن جمعوا بين تجارب الحياة... وخبرتها، وبين الفضل والعلم والمعرفة وسداد التفكير، وخصوصا في ظل قيادة الشيخ محمد بن جبير يرحمه الله.
ولا شك أن كل محطة من هذه المحطات قد ضاعفت أرصدتي من المعرفة... وحب الناس... وخدمة الوطن... وأبنائه.
*رئيس تحرير صحيفة «عكاظ» الأسبق