«الشيوخ» يصوت اليوم على تعيين كافانا مرشح ترمب للمحكمة العليا

من المرجح أن يسدل الستار اليوم (السبت) على قضية تعيين القاضي بريت كافانا في المحكمة العليا، التي شغلت الرأي العام الأميركي بشكل غير مسبوق خلال الأسبوعين الأخيرين. ويتوقع أن يصوت اليوم مجلس الشيوخ الأميركي للموافقة على تعيين مرشح الرئيس الأميركي كافانا، وذلك بعد تصويت حرج شهده المجلس أمس (الجمعة) لصالح إغلاق النقاش حول ترشيح كافانا، والمضي قدماً باتجاه تصويت نهائي لتأكيد تعيينه عضواً في المحكمة العليا الأميركية.
وفي حين صوت المجلس بحضور المائة سيناتور، وهو ما يمثل كامل أعضاء مجلس الشيوخ، بأغلبية ضئيلة بلغت 51 مقابل 49 صوتاً فقط، غرد الرئيس ترمب فور الإعلان عن النتيجة قائلاً إنه «فخور جداً بمجلس الشيوخ الأميركي لتصويته إيجابياً لاستكمال ترشيح القاضي كافانا».
كان السيناتور الجمهوري جيف فليك، الذي طالب الأسبوع الماضي بتأجيل التصويت حتى إجراء تحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي حول الادعاءات بالاعتداء الجنسي التي طالت كافانا، قد صوت أمس لصالح الاقتراح بالمضي قدماً نحو التصويت النهائي، وكذلك فعلت السيناتور الجمهورية سوزان كولينز عن ولاية «مين»، التي تعد من الأصوات المهمة في تصويت اليوم باعتبارها متأرجحة، ويعلق الديمقراطيون عليها الأمل في إفشال التصويت.
وفي حين أعلنت كولينز أنها ستحدد موقفها، في ما إن كانت ستصوت لصالح تعيين كافانا، يترقب الشارع السياسي الأميركي، بشقيه الجمهوري والديمقراطي، مواقف 4 شيوخ، التي ستكون مصيرية في هذا التصويت التاريخي. فوسط قاعدة ترمب اليمينية المتشددة، يعقد الديمقراطيون الأمل على أن تقوم السيناتور الجمهورية عن ولاية «ألاسكا»، ليزا مركوسكي، بالتصويت ضد ترشيح كافانا اليوم، إلى جانب سوزان كولينز، باعتبار أنهما معتدلتين، وتنتميان إلى فئة اليمين الوسطي، وليس المتشدد. كما يأمل المعارضون لتعيين القاضي بأن يصوت السيناتور جيف فليك، الذي قلب الطاولة الأسبوع الماضي وطالب بتحقيق فيدرالي كان يرفضه الجمهوريين. أما الديمقراطيون في مجلس الشيوخ، فمن المتوقع أن يصوتوا جميعاً ضد التعيين، باستثناء السيناتور جو مانشين، الذي يتعرض لضغوطات شديدة من قبل قاعدته الانتخابية في ولاية ويست فرجينيا، التي تعد ولاية جمهورية يطغى عليها مؤيدو ترمب.
وكتب كافانا مقال رأي في صحيفة «وول ستريت جورنال»، نشر مساء أول من أمس (الخميس)، بما يشبه الاعتذار عن أنه كان عاطفياً جداً وحاداً أحياناً خلال جلسة الاستماع الأسبوع الماضي، وأنه قال أشياءً كان الأحرى به ألا يقولها. وفيما انتقد اليسار الأميركي هذا المقال، لا سيما أنه قال إنه كان حاضراً الجلسة كـ«أب وزوج وابن»، في إشارة إلى وجود والديه وزوجته وطفلتيه، وأخذ عليه نقاده أنه حضر الجلسة بصفته مرشحاً للمحكمة العليا، وليس كأب أو غيره. وشهدت المنطقة المحيطة بالكونغرس أعداداً من المحتجين والمجموعات السياسية، خصوصاً أمام المبنى الذي جرى فيه التصويت أمس، كما وجدت مجموعات نسائية ارتدت شعارات مناهضة للنساء، كان الرئيس ترمب قد قالها في أوقات سابقة.
يذكر أن المناصب المهمة في البلاد، التي يقوم الرئيس بترشيح أشخاص لشغلها، تذهب لمجلس الشيوخ لتأكيد التعيين، في حين أن مجلس النواب لا دور له إطلاقاً في هذه العملية.
وكانت أستاذة علم النفس الأميركية كريستين فورد قد أدلت خلال جلسة استماع الأسبوع الماضي بتفاصيل ما سمته «الاعتداء الجنسي» الذي تعرضت له من قبل كافانا، وهو الأمر الذي نفاه الأخير، جملة وتفصيلاً، خلال جلسته المسائية في اليوم ذاته. كما عبرت فورد، خلال جلسة استماع علنية واستثنائية للجنة القضائية في الكونغرس، عن اعتقادها أن مرشح الرئيس الأميركي للمحكمة العليا كان «سيقوم باغتصابها»، خلال الحادثة التي تدعي أنها جرت خلال صيف عام 1982.
وأشارت فورد إلى أن الحادثة تركت أثراً عميقاً لديها، وأفادت أمام اللجنة بأنها عندما قرأت اسم كافانا كمرشح للمحكمة العليا، شعرت بضرورة أن تبوح بما لديها للكونغرس، وبينت أنها اتصلت بممثلة منطقتها بالكونغرس حينها، في يوليو (تموز) الماضي، إلا أنها طلبت السرية حينها.
ومن الجدير بالذكر هنا أن الجمهوريين يتهمون الديمقراطيين بإعلان قصة فورد الآن كي تضر الأخيرين في الانتخابات النصفية المقبلة، وكي تخلو لهم الساحة لتعيين عضو في المحكمة، في حال فوزهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأنه كان بإمكانهم الإعلان عنها حين تلقيهم الرسالة، إلا أنهم ارتأوا التأخير في الإعلان لأسباب سياسية.
ويتعرض كافانا لانتقادات شديدة من الديمقراطيين والليبراليين في البلاد بشكل عام لإيمانهم بأنه سيكون الصوت المؤثر، مع بقية القضاة في المجلس الأعلى للقضاء في البلاد، لإقرار قانون يمنع الإجهاض، لأنه من المحافظين، ولأن له سابقة بموقف ضد الإجهاض، ولأنه سيعد القاضي الثاني الذي يقوم الرئيس دونالد ترمب بتعيينه خلال أقل من عامين من رئاسته، فقد عين العام الماضي القاضي نيل غورسيتش، المحافظ أيضاً.
ويجادل الديمقراطيين بأن القاضي المرشح له آراء مناهضة للهجرة، وأمور أخرى ينشط الديمقراطيين في الترويج لها، ولا يرغبون بوجود أكثرية محافظة في مجلس القضاء الأعلى الذي يتكون من 9 قضاة. وفي حالة تعيين هذا القاضي، يصبح عدد المحافظين من القضاة 5 مقابل 4 قضاة ليبراليين، مما يعني الأغلبية للمحافظين. كما يرى مراقبون أن احتمالية تعيين القاضي المحافظ، كتعيين مباشر من ترمب في الوقت الحالي، قد يعني التأثير على مخرجات التحقيق الجاري حالياً في قضية التواطؤ مع روسيا، بما أنه سيشكل أغلبية في المحكمة العليا.
وبشكل عام، فان الديمقراطيين يعارضون أي تعيين يقوم به ترمب، ويعتبرون أن الوقت مناسب الآن للترويج لأنفسهم كمعارضين شرسين ضد المحافظين، ليكسبوا أصوات الليبراليين. كما أن الديمقراطيين يعتقدون أن الجمهوريين يسعون لاستعجال الموافقة على القاضي قبل أن ينجح الحزب الديمقراطي في الانتخابات المقبلة، ويسيطرون على المجلس وعلى اللجان، بما أن اللجان في الكونغرس تتكون دائماً بأكثرية صوت واحد من الحزب المسيطر، بحيث يكون التصويت في أي لجنة لصالحه.
وتجدر الإشارة إلى أن أهمية الجدل حول هذا التعيين تأتى من كون هذه المحكمة هي الأعلى والأهم في البلاد، وهي تتكون من رئيس و8 قضاة. ويتولى القضاة مناصبهم مدى الحياة، ويتم انتخاب غيرهم في حالة الوفاة أو الاستقالة أو الإدانة أو التقاعد.