محاولة مصرية جديدة لإنقاذ المصالحة الفلسطينية

وصل وفد من حركة حماس إلى القاهرة، أمس، قادماً من قطاع غزة والخارج، استجابة لدعوة رسمية من مصر التي تبذل، كما يبدو، محاولة جديدة لإنقاذ المصالحة الفلسطينية، قبل «قرارات كبيرة» مرتقبة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ضد قطاع غزة.
ويرأس الوفد الكبير لـ«حماس» صالح العاروري نائب رئيس مكتبها السياسي. وقال عضو المكتب السياسي للحركة حسام بدران، وهو مسؤول ملف العلاقات الوطنية في «حماس»، إن الوفد يستهدف «استكمال الحوارات والنقاشات في مختلف القضايا التي تهم شعبنا الفلسطيني».
وأضاف أن «رفع المعاناة عن شعبنا في قطاع غزة هي مهمة وطنية عاجلة لا تحتمل التأخير والمماطلة، ونحن نتحرك في هذا المسار ميدانياً وسياسياً على قاعدة تثبيت وقف إطلاق النار لعام 2014 في إطار الشراكة الكاملة مع مختلف مكونات شعبنا».
وتابع: «المصالحة والوحدة الوطنية قرار ثابت ودائم لدينا. ونحن متفقون مع الغالبية العظمى من القوى والفصائل الفلسطينية على منهجية إنهاء الانقسام اعتماداً على اتفاقية 2011 وما بعدها».
واتهم بدران حركة فتح بالتفرد بالقرار الفلسطيني واعتماد إقصاء الآخرين «والتهديد بوقف مساعي التوصل إلى الوحدة الوطنية بعد أن قاموا (فتح) بتعطيل كل الجهود سابقاً وفي مقدمتها الدور المصري».
ويصل وفد «حماس» إلى مصر بعد نحو أسبوع من لقاء تم في غزة بين قيادة الحركة ومسؤولي المخابرات المصرية وانتهى إلى لا شيء. ورفضت «حماس» بالكامل اقتراحات بتسليم قطاع غزة إلى السلطة وتأجيل البت في قضايا محل خلاف مع حركة فتح.
وكانت حركة فتح أصرت على تسلم كامل لقطاع غزة بما يشمل الأمن والمعابر والجباية المالية والقضاء وسلطة الأراضي ووضع اتفاق حول سلاح الفصائل، رافضة ربط المصالحة بالقرارات التي اتخذها الرئيس محمود عباس ضد قطاع غزة، كما رفضت دفع رواتب موظفي «حماس» العسكريين، ورفضت أي نقاش حول ملف منظمة التحرير قبل إنهاء الانقسام.
وردت «حماس» برفض تسليم غزة دون رفع العقوبات واشترطت تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، كما اشترطت دفع رواتب موظفيها بالكامل، ورفضت أي نقاش متعلق بالسلاح، وأصرت على فتح ملف منظمة التحرير وإجراء انتخابات للمنظمة.
وأمام هذا الوضع، رفضت «حماس» طلب حركة فتح والمصريين دعم الرئيس عباس قبل توجهه إلى الأمم المتحدة، بل شنت حملة ممنهجة ضده قبل وأثناء وبعد إلقاء خطابه في الجمعية العامة، واعتقلت عناصر من «فتح» في القطاع، ومنعت أي فعاليات مساندة له. وردت السلطة باعتقال عناصر من «حماس» في الضفة.
ومع تصاعد الخلافات، تحاول مصر الآن الوصول إلى اتفاق مع «حماس» لتجنب قرارات وشيكة مرتقبة للرئيس الفلسطيني ضد غزة. ونشرت «الشرق الأوسط» أن الرئيس عباس على وشك اتخاذ «قرار كبير» بوقف تمويل قطاع غزة بالكامل، إذا لم تستجب «حماس» للمصالحة وتسلم قطاع غزة للسلطة الفلسطينية. ولمح عباس في خطابه في الأمم المتحدة إلى وقف تمويل قطاع غزة.
وحذّرت «حماس»، أمس، على لسان القيادي خليل الحية، الرئيس عباس، من أي خطوات إضافية ضد غزة. وقال الحية: «على عباس تحمّل المسؤولية، وستكون يدنا مطلقة نحن وشعبنا لنرد الرد الطبيعي الذي يحمي حقوق الشعب ومقاومته ومقدراته». وأضاف: «سنرد في وقته».
ومقترح وقف تمويل قطاع غزة بالكامل سيكون على طاولة المجلس المركزي الفلسطيني الذي يترأسه عباس الشهر المقبل. ومن شأن القرار إذا ما اتخذ أن يشكل ضغطاً غير مسبوق على «حماس» وسكان القطاع الذين يعانون من تردي الأحوال الاقتصادية والمعيشية.
ويتطلع عباس إلى إجبار «حماس» على تسليم قطاع غزة أو حمل الناس فيه على إجبار «حماس» على ذلك.
وإضافة إلى ملف المصالحة، ستحاول «حماس» في القاهرة استئناف مباحثات التهدئة مع إسرائيل التي توقفت بعد احتجاج الرئيس عباس. وقبل الوصول إلى القاهرة، قالت الحركة إن «مسيرات العودة» ستستمر، علماً أن هذه المسيرات أوقعت يوم أول من أمس (الجمعة)، 7 قتلى فلسطينيين على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي على حدود قطاع غزة.
وتأمل «حماس» من خلال تصعيد «مسيرات العودة» الضغط من أجل استئناف مباحثات التهدئة التي أوقفها عباس.
واستأنفت مصر جهود إنجاح المصالحة بعد أن أوقفت مباحثات التهدئة التي رعتها بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل الشهر الماضي، بعد تهديدات عباس بأنه لن يسمح باتفاق تهدئة في قطاع غزة، باعتباره يسهم في فصل القطاع عن الضفة ويمهد لـ«صفقة القرن». ورفض عباس مشاركة حركة فتح في هذه المباحثات، وهدد بإجراءات تشمل وقف التمويل المالي إذا ذهبت «حماس» إلى اتفاق منفصل مع إسرائيل. وطلب عباس أولاً إنجاح المصالحة باعتبار أن منظمة التحرير هي الجهة الوحيدة المخولة بتوقيع اتفاق مع إسرائيل وليس أي فصيل آخر.
وترفض «حماس» أن تكون منظمة التحرير هي من يقرر في شأن التهدئة مع إسرائيل أو أن تشرف على مباحثات التهدئة، كما حدث خلال اتفاق وقف النار عام 2014.