دمشق تستعجل إزالة شعارات «مدرسة الثورة» في درعا

«مدرسة الأربعين»، أو كما يسميها بعضهم «مدرسة الثورة السورية» بصفتها المدرسة التي خُطَّت على جدرانها أولى العبارات المناهضة للنظام السوري، قبل 8 أعوام كتب على جدارها الخارجي في أواخر فبراير (شباط) 2011 عبارات باللون الأحمر كانت من المحرمات في سوريا وهي: «إجاك الدور يا دكتور» و«الشعب يريد إسقاط النظام»، و«يسقط الأسد».
وقتذاك، كان الربيع العربي يتابعه المجتمع بكل فئاته. وحاول بعض طلاب المدرسة التعبير بكتابة العبارات السابقة على جدران المدرسة، دون معرفة عاقبة الأمر، أو بصفتهم لا يزالون يافعين، لم ينخرطوا في سياسية البلد الصارمة، وأجهزتها المخابراتية. وما زالت آثار الكتابات المناهضة للنظام السوري موجودة، إضافة إلى عبارات كثيرة على جدرانها كافة تحاكي المراحل التي مرت بها الثورة السورية في مدينة درعا البلد؛ منها عبارات تحمل انتقادات للمجتمع الدولي، وأسماء التلاميذ الذين أشعلوا الثورة السورية، وأسماء لضحايا من المنطقة، وعبارات ضد التدخل الإيراني في سوريا، وأسماء لمعارك المعارضة التي قامت سابقاً في مدينة درعا البلد.
مؤخراً بعد سيطرة النظام السوري على مدينة درعا البلد حيث «مدرسة الأربعين» هناك، بعد اتفاق المعارضة مع الجانب الروسي ودخول مؤسسات الدولة وخدماتها إلى المنطقة، وقبل أيام قليلة، زار محافظ مدينة درعا محمد الهنوس «مدرسة الأربعين» التي لا تزال جدرانها مطلية بشكل كامل بالكتابات المناهضة للنظام، والتي تحمل مواقف تعبر عن أحداث الثورة، فأمر المحافظ بإعادة طلاء جدران «مدرسة الأربعين» للبنين، وإزالة كل العبارات، إضافة إلى إعادة ترميم المدرسة من جديد.
وعلق أحد سكان مدينة درعا البلد مؤكدا على «ضرورة الالتفات إلى تقديم الخدمات الأساسية للأهالي كالأفران والنقاط الطبية وتأهيل الطرق والمدارس والبنية التحتية، التي لا تزال محرمةً على المدينة، وعدم استخدام سياسة القمع والترهيب من جديد ومحاربة الأهالي بالخدمات والمعيشة، لتعزيز فكرة السلام والمواطنة بعيداً عن الأساليب القديمة التي كانت متبعة بحق المناطق التي كانت خارجة عن سيطرة النظام السوري في درعا».
يروي أحد سكان مدينة درعا البلد ما حدث في صباح اليوم التالي من كتابة العبارات الثلاث على الجدار الخارجي لـ«مدرسة الأربعين» في فبراير 2011، حيث بدأت أولى بوادر قمع النظام السوري للحديث عن التغيير في سوريا، «وفوجئ طلاب المدرسة أثناء دخولهم في الصباح بعدد كبير من عناصر الأمن والمخابرات السورية والشرطة، وعمال قاموا بطلاء بعض جدران المدرسة، التي كانت قد كتبت عليها أولى عبارات الثورة السورية، منادية بإسقاط النظام، كما وضعت أجهزة الأمن عناصر من الشرطة على باب المدرسة، ووضعت المدرسة تحت الرقابة».
كما طلب عناصر الأمن من إدارة «مدرسة الأربعين» حينها أن يكتب طلاب المدرسة عبارات على ورقة، وتسليم الأوراق لإدارة المدرسة التي قامت بدورها بتسليم الأوراق لقوات الأمن السورية، بهدف تحليل الخط والوصول إلى الطلاب الذين كتبوا أولى العبارات على جدار المدرسة، وتم اعتقال 12 تلميذا من حي الأربعين، وكانوا في الصف السابع الإعدادي، وقامت قوى الأمن السوري في درعا بمداهمة منازلهم واعتقالهم فجراً، ومرّت أحداث كثيرة منذ واقعة اعتقال التلاميذ، حتى خرجت أولى المظاهرات في مدينة درعا تطالب بالحرية في 18 مارس (آذار) 2011، وانطلقت بعد صلاة الجمعة من ساحة الجامع العمري، بعد اعتقال التلاميذ الـ12، ورفض الإفراج عنهم وإهانة وفد الأهالي الذي زار مكان اعتقالهم.
بقيت «مدرسة الأربعين» بمدينة «درعا البلد» خلال السنوات السابقة وبعد سيطرة فصائل المعارضة على المدينة، خارجة عن مؤسسات الدولة ومعدومة الخدمات، واستمرت طوال السنوات الماضية، باستقبال الطلاب من الصف السادس الابتدائي وحتى الثالث الثانوي، لكن بأعداد محدودة بسبب ما كانت تتعرض له المدينة من قصف ومعارك، ونزوح معظم العائلات من مدينة درعا البلد إلى الأرياف بوصفها كانت من أسخن الجبهات في جنوب سوريا، وتعد «مدرسة الأربعين» للبنين أبرز رموز الثورة السورية لدى السوريين، لأنها أول مكان شهد عبارات مناهضة للنظام السوري.